عنكبوت
![د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/991_1667658654.jpg)
وكيف ننسى الحراك الأخير في الكويت، حراكاً قسم البيت الواحد وبث العداء في أروقته. صنع لنا السياسيون القوالب فتلقفناها ووضعنا بعضنا بعضا فيها، إن كنت مع المعارضة فأنت خائن ترمي لإسقاط نظام الحكم، وإن كنت مشاركاً فأنت عميل انبطاحي، تهدمت علاقات و"شانت" نفوس واستتبت عداءات، وهم يجلسون في عليائهم يتضاحكون علينا ونحن ننهش في بعضنا بعضا، "نلطش" الكلمات ونرمي الاتهامات حتى تصبح العودة لسابق العهد ضرباً من المستحيل.هل هو استسلام لنظرية المؤامرة أم أنها خطة اتفقت عليها الأنظمة العربية لتضمن استقرارها تقلب الشعب على بعضه والشارع ضد نفسه بدءاً بالأسرة الواحدة وانطلاقاً من أكثر العلاقات حميمية فيها؟ هل يعقل أن كل هذه السياسات في أنحاء الوطن العربي التي أضرمت النار في البيوت الآمنة وبذات الأساليب المتشابهة تكون نتاج مصادفة محضة؟ أم أن الساسة العرب كلهم درسوا في ذات المدرسة، وطافوا بذات المقرر: "كيف تشغل شعبك ثم تكسره"؟ إنها مؤامرة "يلضم" أول خيوطها في قلب الأسرة العربية، لتمتد هذه الخيوط وتتشابك وتتعقد بين بقية الناس حتى لينشغلوا في اختلافاتهم وولاءاتهم يدافعون عن هذا ويدفعون عن ذاك، موجهين السهام المسمومة لقلوب طالما أحبتهم وأحبوها، ليصبح كل منا وحيداً منقطعاً منشغلاً بعداءاته تجاه من كانوا في يوم أعز الناس إليه.سلمنا رقابنا لهم وبعدها حتى مكنون قلوبنا، مكناهم من الاستحواذ على مشاعرنا، أخص ما نملك، أعز ما نملك، لربما كل ما نملك، فأصبحنا لا من إرادتنا، ولا حتى من علاقاتنا وصداقاتنا ومشاعرنا. أي خطة لئيمة هذه وأي مصير بارد ينتظرنا على إثرها؟