دخل الخطاب المذهبي مجدداً في سوق التداول الداخلي مع قيام بلدية الكويت بإزالة بعض الخيم والمواكب العاشورائية، وسط التباسات حيال المرجع الذي أصدر القرار وغياب أي توضيح رسمي للموضوع.

Ad

على وقع جرافات إزالة بعض خيم عاشوراء في منطقة الرميثية صباح أمس استحضر الخطاب المذهبي مجددا ليفتح البلاد على مشروع أزمة جديدة تفاقم المشاكل وتنذر بمساءلات جديدة لبعض الوزراء، استنادا الى ما أعلنه النائب فيصل الدويسان من دعوة وزير شؤون البلدية سالم الاذينة الى محاسبة المتسبب في إزالة الخيم وتصحيح الخطأ ملمحا بتقديم استجواب ضده.

تمثلت وقائع الحدث في قيام جرافات البلدية صباح امس بإزالة عدد من الخيم العاشورائية المقامة على امتداد شارع الجمعية التعاونية في الرميثية. وقد آزرت جرافات البلدية دورية إسناد من «وزارة الداخلية» استنادا الى طلب الجهات البلدية ذلك.

وفي حين أشارت الجهات البلدية الى انها ابلغت ليل أمس الاول اصحاب تلك الخيم إزالتها صباح امس كحد اقصى، بعد انتهاء مراسم ذكرى عاشوراء، أفاد عدد من الاهالي ان البلدية لم تبلغهم شيئا من هذا القبيل، وانهم فوجئوا بجرافات البلدية تزيل الاكشاك والخيام التي تملك تراخيص رسمية لم تنته مدتها حتى الآن، وخاصة موكب عبدالله الرضيع الذي تنتهي فترة ترخيصه في العشرين من الشهر الجاري.

وبحسب بعض الأهالي فإن عددا من اصحاب الخيام أزالوها بالفعل امس الاول مع انتهاء مراسم عاشوراء، وأن الاعتراض الراهن هو على ازالة موكب عبدالله الرضيع بالرغم من انه غير مخالف للقانون، مضيفين أن فريق الازالة اشار الى تلقيه معلومات من مدير عام بلدية الكويت احمد الصبيح بإزالة الخيم، بينما ردت معلومات بلدية الأمر الى أن الصبيح ابلغ بقرار من الوزير الأذينة بالإزالة.

وبينما أحجم الأذينة والصبيح عن كشف ملابسات الحلقة المخفية في قرار الإزالة ومبرراته، وسط معلومات عن احتمال صدور بيان توضيحي أمس من احد الشخصين، زخرت الساحة المحلية بسلسلة مواقف وتصريحات ألمحت الى امكان تقديم استجواب جديد للأذينة، في حين نادت مواقف اخرى بوجوب استقالة النواب الشيعة كرسالة احتجاج على الحادثة.  

الدويسان: المحاسبة وإلا

وفي تصريح لـ»الجريدة»، قال الدويسان ان الوزير الأذينة الذي يواجه استجوابا مدرجا على جدول اعمال جلسة 26 المقبلة لم يكن تصرفه مع موكب عبدالله الرضيع رشيدا، وباتت المسؤولية مضاعفة عليه، باتخاذ اجراءات جادة تعيد كرامة شريحة كبيرة من الشعب الكويتي بعدما طعنت في أقدس مقدساتها، مشيرا الى أن هذه الشريحة احترمت القانون لكن للأسف فإن الوزير ووزارته لم يحترموه.

وطالب الدويسان الأذينة على وجه السرعة بإعادة بناء ما هدمته حملة الازالة، واعطاء فرصة لإقامة موكب عبدالله الرضيع حتى التاريخ المرخص له في 20 نوفمبر الجاري، مع تمديده بفترة تعويض عما فات الموكب، على حساب الوزارة، باعتبار انها هي التي أقدمت على هدمه دون وجه حق، اضافة الى محاسبة المتسبب في الهدم والذي كان يعلم بوجود تصريح قانوني.

وشدد على أنه إذا لم يتخذ الوزير هذه الاجراءات فليس امامه سوى استخدام أدواته الدستورية، لأن هناك اهانة قد حصلت لمراسم عاشوراء، فعلى الأذينة تصحيح الخطأ ونزع فتيل الأزمة، لأن الناس تغلي.

خليل عبد الله: هناك

من يريد الفتنة للكويت

عبر النائب د. خليل عبدالله عن استنكاره الشديد لإزالة أكشاك مرخصة لخدمة الحضور في المجالس الحسينية، متسائلا: «إلى متى يستمر مسلسل تطبيق القانون بانتقائية ومحاباة؟».

وردا على هذه الحادثة، قال عبدالله، في تصريح أمس، «كيف نفسر قيام جهة رسمية بالترخيص لشيء، كما هو حال الموكب الحسيني في الرميثية، ثم تقوم بنفسها، أو جهة أو شخص بعمل يتناقض مع القانون ومع وحدتنا الوطنية، ويؤدي إلى الفتنة»، متسائلا: «أليس في هذا التصرف ما يؤشر ويؤكد أن الحكومة لا تحترم القانون، وغير جادة في ما تدعيه من حرص على تعزيز الوحدة الوطنية».

وبعد دعوته كل من تضرر في هذا الحادث الى التقدم للقضاء، قال: «أما التحدث بالمكر والتحريض ونشر مقاطع التهديد والوعيد عبر الانترنت، فهذا استعراض رخيص وتكسب مدان يدفع فاتورته الوطن وشعب الكويت، وهذا يؤكد أن هناك من يريد الفتنة للكويت البلد الآمن، ما يفرض علينا التحلي بالبصيرة لحمايته».

وختم عبدالله تصريحه بالدعاء إلى الله لان يحمي الكويت وشعبها من كل مكروه، مؤكدا «نحن على اتصال مباشر مع المسؤولين لمعالجة هذا الأمر وفق الأطر القانونية، وندعو الجميع إلى التحلي بالحكمة لتفويت الفرصة على من يريد الشر لهذا البلد».

عاشور: بربرية وهمجية

 بدوره، قال النائب صالح عاشور لـ»الجريدة»: «في الوقت الذي نشكر فيه اهتمام السلطة متمثلة بسمو الأمير ورئيس الحكومة بمراسم المحرم وعاشوراء ودعمهما الكامل لإتمام هذه المناسبة الاسلامية الحزينة على قلوب المسلمين، نستطيع القول لمسؤولي بلدية الكويت: إذا لم تستح فافعل شئت»، وذلك على الطريقة البربرية والهمجية في التعامل مع أماكن العزاء، وكأن هناك عداوة وبغضا لمظاهر المحرم والعمل على تخريب وهدم ممتلكات المعزين.

وأضاف عاشور: «أقول لمدير البلدية هل هذه التجاوزات الوحيدة بالبلد (إذا كان هذا تجاوزا) فانظر في كل بقعة تجد التجاوز ابتداء من مركز (وذكر) وانتهاء بالمنطقة الصناعية وأماكن بيع السيارات والعمارات، لم تحترموا مشاعر الناس بل دفعتموهم للسخط والتذمر على الحكومة، وكل عام تزال جميع المظاهر بعد 3 أيام من عاشوراء، فلماذا هذا الاسلوب الهمجي بدون أي سابق انذار وفي يوم الجمعة؟».

وختم بقوله: «لنا وقفة معكم يا من لا تريدون المصلحة العامة والاستقرار لهذا البلد».

محاسبة... واستقالة

من جهته، قال النائب خليل الصالح «ذهبنا الى مخفر الرميثية للوقوف على اسباب التخريب المتعمد لخيم عزاء مرخصة من البلدية وللوقوف على الاسباب الحقيقة»، داعيا وزير البلدية الى تقديم تفسيرات واضحة لأسباب تدمير خيم العزاء المرخصة وتحمل مسؤوليته السياسية جراء هذا العمل الذي يحرض على الطائفية البغضاء، وطالبه بتصحيح الأمور ومحاسبة المقصرين، كما دعا الجميع إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية.

أما النائب السابق سيد حسين القلاف فقال: «التهديد باستجواب وزير البلدية نكتة سمجة، ولو يمتلك نواب الشيعة الغيرة على الحسين وشعائره فالاستقالة الجماعية لهم هي الرسالة التي يجب أن تُقدَّم، فإما أن يكفل الدستور حقوقنا أو تعسا للمجلس والحكومة».

وفي تصريحات متصلة بمناسبة عاشوراء، رد النائب عبدالله التميمي على تصريح أسامة المناور الذي اعتبر أن الشعائر الحسينية مظاهر غير مألوفة في المجتمع الكويتي، واصفا كلام المناور بأنه ينم عن حقد طائفي يضمره بعض القلة القليلة من غير المألوفين بالمجتمع الكويتي.

وتساءل التميمي «من أين أتى هذا الذي يعتبر نفسه محاميا وقانونيا بهذه المفردات البائسة، وهو من يعتبر نفسه قريبا من فهم الدستور الكويتي، الذي يعتبر المرجع لتنظيم الحياة في البلاد، فنص المادة 35 تقول حرفياً (حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقا للعادات المرعية، على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب).

وأضاف التميمي «أين أنت من هذه المادة التي تتحدث عن شعائر الاديان ولم تختصرها على الاديان السماوية فقط؟ فكيف اذا كانت هذه الشعائر تتعلق بالحزن على سبط خاتم الأنبياء والمرسلين؟، ألا ينتابك الحرج من منطقك المقيت الإقصائي من الاعتراض على شعائر الله ورسوله؟».

وحذّر التميمي المناور من «مغبة العبث بقضايا الوطن وضرب اسفين بالوحدة الوطنية والشعائر الاسلامية»، وقال «أنصحك يالمناور ألا تنفخ في نار الطائفية فإن اشتعلت فلن تنجو منها لا أنت ولا أتباعك».

الأذينة: تشكيل لجنة تحقيق بالإزالة وإذا ثبت الخطأ فهو اجتهاد فردي

كشف وزير الدولة لشؤون البلدية المهندس سالم الاذينة عن توجيهه بتشكيل لجنة تحقيق في واقعة ازالة خيم عزاء للمراسم الحسينية المرخصة لمواطنين، داعيا كل من يحمل ترخيصا بالمخيمات التي ازيلت الى التقدم به الى مكتبه.

وقال الاذينة، في تصريح صحافي امس، «اننا لا نقبل بأي حال من الاحوال التعرض لممتلكات المواطنين بشكل عام، فكيف بمثل هذه الظروف؟»، مضيفا أن «بلدية الكويت طوال ايام عاشوراء لم تتعرض لتلك المخيمات، حتى وإن كان بينها ما هو متجاوز للترخيص الممنوح لهذه الفترة، تقديرا للشعائر الدينية لاخواننا اصحاب تلك المخيمات واحتراما لمشاعرهم». واضاف ان «تعليمات الازالة في مثل هذه الحالات يسبقها انذار, وقد تم بالفعل تسليم بعض تلك المخيمات إنذارات بهذا الشأن، حسبما ابلغت به من قبل الجهة التنفيذية في بلدية الكويت، وعليه فإنه اذا كان هناك خطأ فهو اجتهاد فردي، وهو ما سيتبين في لجنة التحقيق لتحديد المسؤول عن مثل هذا التصرف».

وشدد على «ضرورة وضع الامور في نصابها، فكلنا شركاء في الحفاظ على ممتلكات الجميع، حتى عند تطبيق القانون ضد المخالف»، مؤكدا «تقدير الشعائر الدينية للجميع والحرص على عدم المساس بها».

«الداخلية»: لا علاقة لنا بالإزالة وأُبلِغنا «إثبات حالة» بالواقعة

نفت وزارة الداخلية أي علاقة لها بقضية إزالة الخيم العاشورائية في الرميثية أمس.

وقالت مصادرها لـ«الجريدة» إن الوزارة ليست الجهة التنفيذية لإزالة المخالفات وغيرها، مشيرة إلى أن دورها امس اقتصر على تكليف دورية اسناد بمواكبة آليات البلدية التي قامت بالإزالة وحفظ أمن مفتشي البلدية الذين قاموا بتنفيذ الإزالة استنادا الى قرار لديها. وأضافت المصادر أن مخفر الرميثية سجل اثبات حالة واحدة بالحادثة تقدم بها النائب السابق عبدالحميد دشتي، وانها لم تتلق أي بلاغ، لأن المسألة لم تتضمن حصول أضرار تستدعي التحقيق في الموضوع.

مسيرة ليلية في اتجاه «البلاجات» فضتها «القوات الخاصة»

تجمع ليل أمس آلاف المواطنين في منطقة الرميثية احتجاجا على إزالة فرق البلدية لخيم عاشوراء. وشارك النواب الشيعة في التجمع الذي تحول لاحقا الى مسيرة انطلقت في اتجاه شارع البلاجات وسط اجراءات امنية اتخذتها القوات الخاصة في المنطقة، وأشرف عليها وكيل الداخلية بالانابة الفريق سليمان الفهد.

ومع وصول المسيرة الى تقاطع الريجنسي تدخلت القوى الامنية وأبلغت المشاركين وجوبَ فض التجمع، وجرت مفاوضات تخللها احتكاك محدود بين القوى الامنية والمتظاهرين الذين عادوا أدراجهم في اتجاه الرميثية، قبل أن تنتهي التظاهرة مع ابلاغ المشاركين عدمَ السماح بإقفال الشوارع، واتخاذ اجراءات بحق من يخالف القانون.

ومع انكفاء المتظاهرين الذين رددوا هتافات تتعلق بعاشوراء والانتصار للحسين، انسحبت القوات الخاصة من المنطقة مع الإبقاء على بعض الجهات الامنية الاخرى التي عملت على تأمين فتح الشوارع وإنهاء التجمعات.