في المقال السابق شرحنا كيف استقبل الشيخ مبارك الوالي العثماني محسن باشا وكيف ودعه، وأشرنا إلى وجود قائد السفينة البريطانية في الاجتماع الذي تم بين الشيخ مبارك ومحسن باشا. بعد الاجتماع مباشرة، كتب الشيخ مبارك رسالة إلى قائد سفينة "سفنكس" البريطانية يشرح فيها ما تم من نقاش مع الوالي العثماني، ثم كتب كتاباً آخر إلى قائد سفينة أخرى اسمه كانسن وهذا هو نصها:
"بسم الله تعالىحميد الشيم الاعز كورت رايت قبطان كانسن دام محروسا. وثانيا بيد المحبة والخلوص اخذت مكتوبكم امرتو انه اليوم اخذتو اخبار من حضرة الباليوز كامبل وانه يبلغنا السلام فنحنا ايضا نرجوكم تبلغوه منا السلام والخلو والممنونية. افدتو ايضا انه الاخبار انرسلت مع مركب سفنك قد انرسلت لسركال. نحنا يا محب استكفينا باخبار مجي والي البصرة لطرفنا وقد بلغنا الى قبطان سفنك بكل شي والقبطان المذكور كتب تلغراف وبوسطه وطلب منا ادمي في سفينة يودي ذلك للفاو وارسلنا ادمينا مخصوص معه التلغراف البوسطة اوصل ذلك الى قبطان تلغراف الفاو ورجع علينا ودمتم سالمين محروسين.مبارك الصباح 19 صفر 1319".ولكن الوكيل الإخباري علي بن غلوم رضى كتب في نفس اليوم رسالة مطولة شرح فيها ما دار من حديث بين الشيخ مبارك والوالي العثماني رغم أنه لم يكن من ضمن الحضور، وأرسل هذه الرسالة إلى السلطات البريطانية. هذه الرسالة حفظت لنا تفاصيل اللقاء وموقف كل طرف، بل إنها حفظت لنا المشاعر التي كانت تسود الاجتماع. يقول علي بن غلوم رضى في رسالته:"حضرة جناب الاجل الاحشم العالي الجاه مستر كندي الصاحب نايب خزانة الدولة البهية القيصرية في خليج فارس المحترم حرسه الله تعالى وأبقاه، أما بعد: نعرفكم من طرف الاخبار الكويت واخبار البصرة حالا علا تردد المراكب اسركار انكليز وعلا اقامتهم طارحين في بندر الكويت صاير مشهور واضحا بان الشيخ مبارك عازم علا تبعة دولة انكليز وكذالك يوم الذي جاء الوالي الى الكويت اختصر محرمانه معه الشيخ مبارك والشيخ جابر قال الوالي محسن باشه حقيقة صار عندنا معلوم ومشهور بان جنابكم عازم علا تبعة دولة انكليز على ما نرا دخول المراكب اسركار وقامتهم طارحين في بندر الكويت. قال الشيخ مبارك ما في استنكار دخول مراكب انكليز واقامتهم عندنا من قديم في زمان اجدادنا لنا صحبة معهم وحنا كثير ممنونين منهم. قال الشيخ جابر بن مبارك الى الوالي نعم لنا عزم على تبعة دولة انكليز على ما نراه منهم اشفقة والحميمية علينا، حنا كثير ممنونين من دولة انكليز لاكن دولة الترك ما رئينا منكم الا اذية والمشقة. بالامس مشير البغداد وكاظم باشه ومحمد باشه مجمعين عسكر علينا يكون تجون علا بلادنا بر والبحر، مالكم حق علينا حنا من فضل الله قويين علا محافظت بلادنا ورعايانا...".لقد عكست الرسالة أن الشيخ جابر المبارك كان جريئاً وصريحاً مع الوالي العثماني أكثر من والده الشيخ مبارك الذي كان يتكلم بلغة دبلوماسية، حافظاً لنفسه خط رجعة مع الأتراك. ولم ينكر الشيخ مبارك أن سفن الإنكليز تتردد على ميناء الكويت مؤخراً، وعلل ذلك بأن الإنكليز لهم علاقات طيبة مع الكويت منذ فترة طويلة وقبل أن يتولى هو الحكم. أما الشيخ جابر المبارك فقد صرح بثقة عالية عن عزم الكويت على التحالف مع الإنكليز، مشيراً إلى ارتياح الكويت لمعاملة الإنكليز لها، وانزعاج الكويت من توجه تركيا إلى تجميع مجموعة من قواتها استعداداً للهجوم على الكويت.إن شاء الله في المقال المقبل نستكمل ما ورد في رسالة علي بن غلوم رضى التي أشارت إلى عرض جديد من الأتراك للشيخ مبارك الذي رفضه أمام الوالي العثماني مباشرة.
أخر كلام
وثيقة لها تاريخ: جابر المبارك الكبير مخاطباً محسن باشا: ممنونين من الإنكليز أما الأتراك ما شفنا منهم إلا الأذية
13-12-2013