القرارات «الانتحارية»... وعلاوة الأولاد!
من المتوقع أن تعود قضية زيادة علاوة الأولاد إلى صدارة الأحداث مع اقتراب نهاية المهلة التي طلبها وزير المالية أنس الصالح لبحث الموضوع وموافاة اللجنة المالية البرلمانية بالبيانات المطلوبة ورأي الحكومة النهائي بشأن الاقتراحات النيابية المتعلقة بها، وهي القضية الجدلية التي تتنازعها الرغبات الشعبية بإقرارها فوراً، والرأي الاقتصادي الفني الذي يحذر من عواقبها السلبية، وكذلك اتجاه أغلبية من النواب إلى الموافقة عليها، لاسيما أن مجلس الأمة الحالي، وبعد ما يقارب 9 أشهر من انتخابه، لم يحقق أي انجازات ملموسة مقارنة بالمجالس التي سبقته.صوت العقل والتجارب يقول إن الكويتيين ومنذ 2006 خبروا الزيادات المالية المتتالية في الرواتب والبدلات والكوادر، وكلها ابتلعها الغلاء المتلاحق في أسعار السلع والخدمات، بعد أن ثبت عجز الحكومة بكل سلطاتها عن مواجهة انفلات السوق والأسعار، وقدرة مَن يقدم تلك السلع والخدمات على التلاعب بالأسعار كما يشاء دون رادع بسبب غياب الدولة المتعمد في هذا المجال، وعجز المجتمع المدني أيضاً عن مواجهة ذلك بسبب تعطيل إنجاز أي قانون محكم لحماية المستهلك ومحاربة الاستغلال والغلاء المصطنع والاحتكار، ورفض إعطاء المؤسسات الأهلية أي دور بهذا الشأن.
وفي الكويت لدينا أيضاً معضلة يجب أن تناقشها الجهات التي تخطط للبلد وتضع رؤاه المستقبلية حول حاجتنا إلى تشجيع الإنجاب وزيادة السكان في ظل اعتمادنا على مورد اقتصادي واحد ناضب فشلنا حتى الآن في إيجاد بدائل عنه، وكذلك امتلاكنا لموارد طبيعية شحيحة جداً من مياه ومواد غذائية، ومشاكل في توفير السكن للأسر، ونمط الحياة الاجتماعي المشوه لدينا الذي يتطلب وجود نصف مليون من الوافدين من الخدم ومن في حكمهم من العمالة المنزلية، لتتمكن الأسر الكويتية من تسيير شؤون حياتها اليومية!كل هذه المعطيات تجعل من قرار عشوائي لزيادة علاوة الأولاد بمنزلة قرار "انتحاري" جديد سيزيد مشاكل البلد وورطته الاقتصادية رغم الفوائض المالية الضخمة المتراكمة التي فشلنا في استغلالها في خلق فرص بديلة للدخل الوطني بخلاف العوائد الاستثمارية غير المضمونة، والتي لم ننجح أيضاً في توظيفها في مشاريع البنية التحتية الكبرى، لذلك فإن قضية زيادة علاوة الأولاد هي في الواقع عنوان لــ"مستقبل البلد" يجب أن تناقشه اللجنة المالية وعدة لجان برلمانية أخرى، بل وكل أجهزة الدولة المعنية ضمن تساؤلات عن الأثر الاقتصادي لهذه الزيادة والآثار المترتبة عليها من ضخ مزيد من الأموال في السوق وأثرها في زيادة التضخم والغلاء، والأهم هو أثر تلك الزيادة على موارد البلد وإمكانياته، نتيجة لتعزيز التوجه نحو زيادة النسل وتعداد السكان في الـ 25 عاماً المقبلة!