ما قل ودل: على هامش إرهاب الإخوان وحكاية الأم المثالية في مصر

نشر في 06-04-2014
آخر تحديث 06-04-2014 | 00:01
 المستشار شفيق إمام المنطق في إرهابية الإخوان: طالعتنا صحيفة "القبس" في عددها الصادر يوم 26 مارس الماضي بمقال في عمود حصاد السنين لكاتبه الأخ مبارك الدويلة تحت عنوان "المنطق في إرهابية الإخوان"، والذي استهله باحترامه للمملكة العربية السعودية وإرادتها في اتخاذ القرارات التي تتناسب مع مصالحها العليا، ورفضه جميع الأعمال الإرهابية التي تعرضت لها المملكة الشقيقة، وإقراره أن المملكة هي امتداد للكويت حكومة وشعبا، وأن مصيرهما واحد لا محالة في خضم هذه الأحداث المتسارعة في المنطقة.

 التكامل بين مصر والسعودية: وفي سياق الإجابة عن الأسئلة التي طرحها النائب السابق حول أسباب اتخاذ المملكة قرارها باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، استنكر أن يكون قرار المملكة من باب التنسيق والتكامل مع مصر التي وصفها بأنها الدولة التي تمنح الراقصة فيها لقب الأم المثالية في تظاهرة تدل على انقلاب الموازين لدى مؤسساتها التي تستنبط منها قراراتها، تؤكد أن التقييم والتحكيم فيها مؤسسان على معايير خاطئة، فكيف يتم التنسيق والتكامل مع نظام تعتبر الموازين فيه مختلة، والأحكام تصدر وفقاً للهوى وليس وفقا للأدلة القطعية والمعطيات الثابتة؟! وإذا كان من البيّن لكل ذي بصيرة أن يتأذى مما حوته هذه العبارات والكلمات من فارط القول، في حق مصر دولة وشعباً، ليخرج النائب السابق بالموضوع الذي تصدى له وحمل عنوان مقاله، وهو إرهاب جماعة الإخوان عن مجراه الطبيعي، ليلقي به في منعطفات جانبية تقصيه عن تحقيق أهدافه.

فإن ما يسترعي النظر فيما قرره من حكم على مصر وشعبها، أنه بنى حكمه، على فرية وكذبة أطلقها موظف في ناد صغير في حي من أحياء مصر هو نادي الطيران، نفاها رئيس النادي وقرر إجراء تحقيق مع هذا الموظف، فمصر الدولة لم تمنح راقصة لقب الأم المثالية.

مصر صانعة الحضارة الإنسانية: فمصر، لم تختل موازينها، وهي لا تزال تواصل رسالتها في الإسهام في ركب الحضارة الإنسانية، كأقدم دولة مركزية عرفها التاريخ، قبل سبعة آلاف سنة، في حين ظلت المجتمعات الأخرى حتى العصور الوسطى بعد الميلاد تقف عند حدود المدينة في أوروبا كلها.

ومصر هي التي صنعت أول حضارة إنسانية، لا تزال آثارها تقاوم عدوان الطبيعة وعنفوانها، لتشهد على قدرة الإنسان المصري وصبره، وأنه كان المعلم الأول للإنسانية، علمها الكتابة والفلك وهو أول من اخترع الورق، وأنسجة الكتان وحذق التحنيط وصناعة النسيج واستخرج المعادن من باطن الأرض، وصنع منها المصنوعات النحاسية والذهبية، التي نراها مدفونة في المقابر والحفريات، وثلث آثار العالم في مدينة الأقصر وحدها.

ولا يزال المصري يواصل رسالته في العالم المعاصر، من خلال علمائه الأفذاذ، د. علي مصطفى شرفة الذي خرج على العالم في بداية القرن العشرين بأبحاثه في نظرية النسبية، وفي مجال المادة والإشعاع، وهو المجال النظري الذي انتهى إلى تفجير الذرة، وخرج بعده علماء مصريون علموا العالم ولا يزالون يعلمونه، فاروق الباز ومصطفى السيد وأحمد زويل وغيرهم من علماء وأدباء.

كلمة عتاب للنائب السابق: ولأني علي يقين بأنك لا تكتم شهادة حق، وأنت تعلم أن الحق هو الركن الركين الذي أقام عليه الإسلام بناءه ودعوته فما كان الظن بك أن تقصر رفضك للأعمال الإرهابية، على ما يقع منها في المملكة العربية السعودية، وتسكت عن الأعمال الإرهابية التي تحصد كل يوم بل كل ساعة أرواح الأبرياء من رجال الشرطة والجيش والصحافيين، وغيرهم من المارة في شوارع مصر، حيث يزرع الإخوان العبوات الناسفة أمام الجامعات وفي كل تجمع شعبي.

وما كان الظن بك ألا تتحرى الحقيقة فيما بنيت عليه حكمك على مصر دولة وشعبا على كذبة أطلقها وسوّقها من تمتلك نفوسهم نوازع الضعف والنقص والكره لمصر وشعبها، الذين يصدق عليهم قوله تعالى "وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا".

رابعة العدوية: ومع ذلك فلا يعيب مصر أن تكون بين الأمهات المثاليات راقصة سابقة، والرقص هو فن من الفنون، فقد عرف العرب العابدة الخاشعة رابعة العدوية، إمامة العاشقين والمحزونين، فقد كانت امرأة كما يقول العالم المدقق د. عبدالرحمن بدوي تحترف العزف على الناي والإطراب، واندفعت في طريق الشهوات إلى مدى بعيد، وغرقت في بحرها حتى الثمالة، وتطرقت في فجورها وحبها للدنيا، واندفعت في طريق الإثم إلى حد بالغ الإفراط.

ثم أصبحت تصلي في اليوم ألف ركعة، وتستغفر وتبكي حتى يصبح دمعها مثل المستنقع تحتها، وكانت تتوسل إلى الله وتناجيه وتأنس به عن الأهل والزوج والولد، وطالت بها الليالي والأيام عشرين سنة تكابد الألم في الشوق إلى الله، وتتعذب في شوقها راضية بعذابها في حبها لله.

وهي الشاعرة القائلة في حبها للمولى عز وجل:

قد هجرت الخلق جمعاً أرتجي ..... منك وصلاً فهو أقصى منيتي

يقول المولى عز وجل "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ".

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.

back to top