جلست مع أحد الأصدقاء ممن أعتز بصداقته خصوصاً أنه من الشباب الكويتي الذي يتحمل مسؤولية يخلص في أدائها، طرحت على الصديق العزيز عنوان المقال لمعرفة رد فعله، حاول في البداية أن يعترض عليه فليس من المعقول أو المقبول أن تمارس الحكومة ومسؤولوها أو حتى أعضاء مجلس الأمة سياسة العناد تجاه الوطن وأهله، فهم بالتأكيد جزء منه، ما يضره يؤلمهم وما ينفعه يسرهم، فهم حريصون على تطوره وتقدمه كما نحن أو ربما أكثر.

Ad

وافقت الصديق على تبريره المنطقي ومحاولته إيجاد الأعذار، فربما يعود الأمر إلى عدم القدرة أو كما يقال بالكويتي الشعبي "هذا حد جوشهم"، فإمكانات الحكومة ومسؤوليها وأعضاء مجلس الأمة لها طاقة استيعابية ليس من السهولة تجاوزها، مع التأكيد أن الجميع يسعى إلى الإصلاح، ولكن الجميع يشعر بأنه مقيد نتيجة قلة الإمكانات، أو عدم القدرة على الحركة، أو من أين نبدأ؟ وربما أمور نجهلها.

استمر النقاش مع الصديق العزيز وطال في محاولة جادة منه لإثبات أن الموضوع لا يمكن أن يصل إلى العناد، ولكني أعتقد أن الصواب قد جانب صاحبي، فليس قلة الإمكانات بالعذر المقبول في ظل عالم متحرك حولنا يزخر بالمكاتب الهندسية والاستشارية وشركات عالمية في كل المجالات مع المشاركة مع الشركات الوطنية.

نعم، إنها سياسة العناد و"ليتحلطم من يشاء"، وليكتب من يريد، ولتقم الندوات والمحاضرات، وليتحدث رواد الدواوين بما يشاؤون، فلن يحرك ذلك مشاعر الغيرة قيد أنملة.

إنه العناد، فلن يغير مطار الكويت الدولي الذي نسمع عنه من سنين، لن يتم ردم الحفر في الشوارع، ومنذ أكثر من شهرين حدثت مأساة الحصى المتطاير ولم- و"لن"- نر فرق العمل تجوب الشوارع للتصليح، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء، وسيتم زيادة "الكرات الفولاذية" ونشرها في كل شوارع البلاد ولا أدري الهدف منها أو جدواها.

لن تحل مشاكل المرور أو الإسكان والصحة والتعليم أو التركيبة السكانية، وقائمة طويلة من المشاكل، إنه التطور نحو سياسة العناد، فلن يحدث شيء عدا زيادة الكم الهائل من التصريحات ونسج الآمال... لقد ترك لنا الآباء والأجداد الكثير من الإنجازات والأعمال الوطنية وبناء الدولة، فماذا سنترك للأبناء والأحفاد والأجيال القادمة.

ومثال على العناد فقد بدأ العمل في مدخل منطقة الجابرية على شارع الشيخ زايد "الخامس" سابقاً منذ الشهر التاسع عام 2012 وما زال مستمراً حتى الآن ونحن في عام 2014، علماً أن الوصلة لا يتجاوز طولها كيلومترا واحدا فقط لا غير!

ونظراً للكم الهائل من "التحلطم" فقد بدأت مأساة أخرى أكثر إيلاماً وحسرة، وهو ما يحدث الآن في شارع "المسجد الأقصى" شارع العزة والكرامة الذي سالت عليه دماء شهيدات الكويت اللائي خرجن في اليوم الأول رافضات الغزو والاحتلال، ولن أصف ما يحدث في ذلك الشارع، ولكن بودي أن يتفضل أحد المسؤولين أياً كان منصبه بزيارة إلى ذلك الشارع.

من ناحية أخرى، استقبلت قبل مدة أحد الإخوة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتحديد من مدينة "دبي" العامرة، مررت على الصديق العزيز وقمنا بجولة بالسيارة في شارع الخليج العربي الذي يمثل واجهة العاصمة، وفجأة صرخ صاحبي "هوب... هوب أخي أعتقد أننا طحنا بحفرة"، نظرت إلى صاحبي في محاولة للتشكيك في ظنه السيئ، لكن لم تمض ثوانٍ حتى سقطنا في حفرة أكبر من الأولى، وعندها بدأ صاحبي سيلاً من الأسئلة منها:

هل المسؤولون يستعملون هذه الطرق؟ ثم هل "الشوخ" (الشيوخ) يستخدمونها؟ لم أعلق على تساؤلات الصديق، وأترك الأمر لمن يهمه الأمر... ولك الله يا وطن.

***

تهنئة ودعاء

إلى الأخ العزيز الفريق سليمان فهد الفهد وذلك بمناسبة توليه منصب وكيل وزارة الداخلية خلفا للأخ العزيز غازي العمر الذي نتمنى له من القلب الصحة والسعادة في الحياة، فقد كفّى ووفّى، وخير خلف لخير سلف.

في اعتقادي أن الفريق سليمان الفهد ليس بحاجة إلى التهنئة بقدر حاجته إلى الدعاء للباري عز وجل أن يمده بعونه وتوفيقه في تحمل هذه الأمانة التي تنوء بحملها الجبال، إنها أمن وطن وأهله والمقيمين على أرضه، فدعاؤنا من القلب أن يعينكم الله على حملها مع ثقتنا بأنكم أهلٌ لحملها.