أكد ديوان المحاسبة تضخم المبالغ المصروفة على بند الرواتب والمزايا لمؤسسة البترول وشركاتها التابعة، رغم استمرار تأخرها في تنفيذ بعض مشروعات الخطة الانمائية البالغ عددها 70 مشروعا، بتكلفة بلغت 18 مليار دينار.
"رب ضارة نافعة"، هذه المقولة قد تنطبق الى حد كبير مع الحالة التي يمر بها القطاع النفطي في الكويت حاليا، لاسيما مع دعوة النقابات إلى الاضراب، بسبب تغيير آلية المكافأة بالنجاح للعاملين, فالعاملون يرون انها حق، وأحد مكتسباتهم، بينما يرى ديوان المحاسبة ان هناك مخالفة تشوب آلية صرفها، خاصة انها مقرونة بالنجاح، بينما بعض الشركات غير ناجحة وتتمتع بهذه المكافأة, ولهذا تدخل مجلس ادارة مؤسسة البترول لتعديل بعض البنود في صرفها لتكون مقرونة بالارباح التشغيلية وعلى الراتب الاساسي للعاملين.لكن هناك حلقة مفقودة تم تغافلها، هي ان من لديه الصلاحية في تعديل وإقرار الامتيازات المالية هو الذي يرسم سياسة القطاع، وهو المجلس الاعلى للبترول، والذي ستكون له الكلمة الاخيرة في العديد من الامتيازات المالية للقطاع النفطي، خاصة انه يطالب بأن تكون جميع الامور مرتبطة بالانجاز والنجاح، لاسيما ان البعض يقارن رواتب القطاع النفطي بنظرائه في دول الخليج رغم ان هذه الدول لديها العديد من المشاريع العمالقة خلال السنوات الـ9 الماضية، وحققت تطورا ملحوظا في عملها بعكس الكويت.تضخم الرواتبوسنستعرض هنا ما تطرق اليه تقرير ديوان المحاسبة باستمرار تضخم المبالغ المصروفة على بند الرواتب والمزايا للمؤسسة وشركاتها التابعة، حيث اظهر الحساب الختامي للمؤسسة وشركاتها التابعة للسنة المالية 2012-2013 استمرار تضخم المبالغ المصروفة على بند الرواتب والمزايا التي بلغت 47.9% من اجمالي المصروفات التشغيلية قبل خصم المصروفات المستردة من الدولة، والجدول التالي يوضح تطور المبالغ المنصرفة ابتداء من السنة المالية 2008-2009 حتى السنة المالية 2012-2013.ويتضح من الجدول ان هناك زيادة لقيمة المصروفات المتعلقة بالرواتب والمزايا، حيث بلغت 998744 دينارا خلال السنة المالية 2011-2012 وبزيادة قدرها 282278 دينارا عن تلك المصروفات خلال السنة المالية 2010-2011، والبالغة 716466 دينارا، حيث صدر قرار مجلس ادارة المؤسسة 16/2011 بشأن تعديل رواتب ومزايا العاملين.كما صدر قرار مجلس الوزراء رقم 1325/2011 بجلسته المنعقدة بتاريخ 11/9/2011 بالموافقة على هذه الزيادة، ثم استمرت تلك المصروفات بالزيادة حتى بلغت 1094680 دينارا خلال السنة المالية 2012-2013، بزيادة قدرها 95936 دينارا عن تلك المصروفات في السنة المالية 2011-2012، وهناك تفاوت بين نسب الزيادة السنوية للرواتب والمزايا من سنة لاخرى، حيث تراوحت بين 6.2% و39.4%.تأخر مشروعات المؤسسةلا احد يختلف على ان القطاع النفطي حيوي ويعتمد عليه الاقتصاد الوطني بشكل اساسي، كما يعد من الاعمال ذات البيئة الخطرة, الا ان السنوات الاخيرة كانت واضحة بعدم انجاز اي مشروع ضخم، وهذا الامر قد يفتح الباب على من يطالب بالنظر بشكل جدي إلى المزايا المالية التي يجب ان تكون مقرونة بالانجاز.واوضح تقرير ديوان المحاسبة استمرار تأخر المؤسسة في تنفيذ بعض مشروعات الخطة الانمائية البالغ عددها 70 مشروعا بتكلفة بلغت 18 مليار دينار، وتدني الصرف على بعضها، حيث ادرج لها في السنة المالية 2012-2013 مبلغ وقدره 2.495 مليار دينار.وسبق للديوان ان اشار الى ذلك في تقريره عن السنة المالية السابقة، وافادت المؤسسة في حينه بأن جهاز التخطيط يعمل بصورة متواصلة مع الشركات التابعة والجهات المختصة لتذليل وتلافي المعوقات وتفعيل انجاز مشروعات الخطة الانمائية.وطلب قيام المؤسسة التنسيق مع الجهات المختصة لتلافي المعوقات والمشاكل الفنية التي تواجهها، واتخاذ الاجراءات اللازمة لتلافيها وسرعة انجاز مشروعات الخطة الانمائية، وفي البرنامج الزمني وخطط الانفاق السنوية، لما لذلك من آثار في دعم الاقتصاد الوطني وخطة التنمية للدولة. وافادت المؤسسة بأنها تقوم بمعالجة المعوقات التي تواجه تنفيذ المشروعات الانمائية بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة للاسراع بتنفيذها.ولفت التقرير الى استمرار انخفاض المنصرف الفعلي للمشروعات الرأسمالية عن المخطط لها بموازنة المؤسسة وشركاتها التابعة، وبلغ المنصرف الفعلي على بعض المشروعات الرأسمالية بالمؤسسة وشركاتها التابعة خلال السنة المالية 2012-2013 نحو 2 مليار دينار، وبانخفاض قدره مليار دينار.ويتمثل معظم قيمة ذلك الانخفاض في الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية، وسبق ان اشار إليه في تقاريره عن السنوت المالية السابقة، وافادت المؤسسة في حينه بأنها تعمل على رفع نسب الصرف على المشروعات الرأسمالية، الا انه كان هناك تأخير في تنفيذ بعضها لوجود عدة معوقات.وطلب الديوان مجددا قيام المؤسسة وشركاتها التابعة باتخاذ الاجراءات اللازمة لتلافي الصعوبات والمعوقات المتعلقة بتنفيذ تلك المشروعات الرأسمالية، والالتزام بما هو مخطط لها لما لذلك من اثر على نتائج اعمال المؤسسة وشركاتها التابعة والاستخدام الامثل لموارد المؤسسة.القوى العاملة بالمؤسسةلاشك في ان جميع ما سبق ذكره من تضخم في بند الرواتب والمكافآت وتأخر المشروعات لسنوات دون ايجاد حل جذري لها قد يفتح الباب ايضا لمستقبل العمالة الكويتية في القطاع النفطي لاسيما الجدد، فهل سيتم التعامل معهم بنفس الامتيازات الحالية التي يراها البعض انها عبء مالي، خاصة في ما يتعلق بالمكافآت التي تصرف دون إنجاز او نجاح واضح في القطاع. ولاحظ تقرير ديوان المحاسبة تدني أعداد القوى العاملة الفعلية بالمؤسسة وشركاتها التابعة عن المقدر بالموازنة للسنة المالية 2012-2013، حيث بلغت الأعداد الفعلية للعاملين 18544 موظفا بانخفاض نسبته 12 في المئة عن المقدر بالموازنة البالغ 21139 موظفا، وبما يتضح منه عدم شغل الوظائف واعداد القوى العاملة الوطنية الفنية والادارية.وتجدر الاشارة الى وجود العديد من الوظائف الشاغرة في الهيكل التنظيمي للمؤسسة وعددها 149، منها 109 وظائف تتراوح مستوياتها الوظيفية بين الدرجة 11 والدرجة 19.وأفادت المؤسسة بأن تدني أعداد القوى العاملة يرجع الى عدة أسباب، منها انخفاض أعداد التعيينات في القطاع بإيقاف وتأجيل اعلانات التوظيف لحديثي التخرج ولذوي الخبرة، بسبب حل مجلس الأمة، وتعطيل البرنامج التدريبي للسكرتارية وادارة المكاتب، وعدم توافر العمالة الكويتية من ذوي المؤهلات والخبرات المتخصصة في السوق المحلي، اضافة الى النقص في أعداد المتقدمين للتخصصات الفنية (الهندسية).اذا المؤسسة اليوم بين سندان الحاجة للعمالة الكويتية ومطرقة تضخم بند الرواتب والمزايا، فهل ستعيد المؤسسة النظر في العمالة الكويتية ونوعيتها مستقبلا، خاصة ان البعض يهدد بين فترة واخرى بالاضراب وتعطيل اهم مرفق في الدولة؟
اقتصاد
النفط والطاقة: تضخم الرواتب والمزايا في «مؤسسة البترول» رغم ضعف الإنجاز
04-02-2014