أكد مدير عام المعهد العربي للتخطيط د. بدر مال الله أن معالجة الاختلالات الهيكلية في موازنات الدول العربية اصبح أمراَ حتمياَ رغم كونه مكلفاً، مشيراً الى أن الوصفات الجاهزة التي تقدمها المنظمات الدولية بما فيها صندوق النقد مكلفة ولا تخلو من تكلفة سياسية واجتماعية.

Ad

وقال د. مال الله في كلمته خلال الندوة التي نظمها المعهد بالتعاون مع مركز صندوق النقد الدولي للاقتصاد والتمويل تحت عنوان "سياسة المالية العامة وتفاوت الدخل"، ان الازمة المالية العالمية كشفت عن اختلالات هيكلية في موازنات الدول كافة سواء المتقدمة او النامية بما فيها الدول العربية التي عملت على مدى اربعة عقود لتجاوزها دون تحقيق تقدم ملموس.

وطالب في الوقت ذاته الهيئات الاقتصادية الدولية بوضع برامج إصلاح تنطلق من واقع التحديات التي تواجه الدول النامية لاسيما البرامج المقترحة سابقا من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لم تكن صالحة لتجاوز العقبات التنموية في هذه البلدان.

وأضاف مال الله ان إشكالية السياسات المالية والاختلالات تكاد تكون مشتركة بين الدول العربية مشيرا الى ان هذه الاقتصادات تأثرت بصورة كبيرة بالأزمة المالية العالمية ولم تؤت الاصلاحات المنشودة ثمارها خصوصا في ظل نسبة الفقر المرتفعة في دول عربية عدة مما ساهم بصورة كبيرة في تعثر برامج الاصلاح هذه وجعل تكلفتها باهظة.

وقال ان الازمة المالية كشفت عن وجود اختلالات في الموازنة العامة للدول المتقدمة التي تجاوزت بصورة كبيرة اتفاقيات "بازل" الخاصة بالسياسات المالية والانفاق واثرت هذه الاقتصادات المتقدمة على الدول النامية ليزداد الفقر فيها حدة وتزداد معها صعوبة استخدام السياسات المالية كوسيلة لحل مشكلة الفقر في هذه الدول، مضيفا ان دولا متقدمة تعيش على كاهل الدول النامية ومديونياتها مما يصعب الامر عليها ويزيد من اعبائها.

باكورة تعاون

من جهته، قال مدير مركز صندوق النقد الدولي للاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط بالإنابة د. فيليب كرم ان هذه المحاضرة هي باكورة التعاون بين المركز والمعهد العربي للتخطيط وهي واحدة من الانشطة التي ينظمها الصندوق في اطار برنامجه للاتصال المباشر مع دوائر صنع السياسات ودوائر الاعمال والجامعات ومراكز البحوث.

 وأضاف كرم أن الندوة تتناول سياسة المالية العامة باعتبارها الأداة الأساسية التي تستخدمها الحكومات للتأثير على توزيع الدخل، فقد تزامن الارتفاع المستمر في تفاوت الدخل في الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء مع تنامي الدعوة بين الجمهور إلى إعادة توزيع الدخل. ويأتي ذلك في وقت أضحى فيه قيد المالية العامة أولوية مهمة في العديد من الاقتصادات، ولذا أصدر الصندوق تقريرا بشأن السياسات بما يسهم في النقاش الدائر حول هذه القضية عن طريق تقييم تجارب البلدان في استخدام مختلف أدوات سياسة المالية العامة لأغراض إعادة توزيع الدخل كما يتيح خيارات يمكن استخدامها في إصلاح سياسات الإنفاق والسياسات الضريبية التي تعين على تحقيق الأهداف المتعلقة بإعادة توزيع الدخل بطريقة تراعي اعتبارات الكفاءة وتتسق مع إمكانية استمرار أوضاع المالية العامة.

الاقتصاد الكلي

وقال ان ولاية صندوق النقد الدولي تتمثل في التركيز على قضايا الاقتصاد الكلي سواء السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف، أو سياسة المالية العامة أو سياسة تشغيل العمالة أو غيرها من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، ولكن الصندوق مد جسور التعاون مع عدد من المؤسسات المشاركة، وهي البنك الدولي ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومنظمة التجارة العالمية، وذلك بهدف تكملة التدريب الذي نقدمه ببرامج وفعاليات تدريبية تتناول جوانب بالغة الأهمية لعملية التنمية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي.

وأشار كرم إلى توجه مركز صندوق النقد الدولي للاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط إلى توسيعه مستقبلا لذات الأهداف الإنمائية الاستراتيجية التي تسعى إليها بلدان المنطقة ويسهر الصندوق على مساندتها، موضحاً أن الجهود بدأت في عام 2011 بـ16 برنامجا تدريبيا، لكن الآن يقدم في هذا العام أكثر من 50 برنامجا تدريبيا، كما وصل عدد المستفيدين من برامجنا التدريبية إلى أكثر من 3000 مشارك من وزارات المالية والبنوك المركزية وأجهزة الإحصاء وكثير من الوزارات والأجهزة التنفيذية الأخرى.

تقليص التفاوت

 بدورها، تطرقت نائبة رئيس شبعة سياسات الانفاق في ادارة شؤون المالية العامة بالصندوق  النقد د. ستيفانيا فابريزيو في محاضرتها الى سياسة الانفاق العام ونظم ومؤسسات المالية العامة والمخاطر ومواطن الضعف في الاقتصاد الكلي والقدرة التنافسية الخارجية إضافة الى البطالة وآليات استخدام الضرائب لإعادة توزيع الدخل.

واشارت فابريزيو الى ان سياسة المالية العامة تلعب دورا في تقليص التفاوت وعدم المساواة في البلدان المتقدمة وتلعب دورا متواضعا على صعيد إعادة توزيع الدخل في الدول النامية نظرا لان الإرادات الضريبية في البلدان النامية اقل من البلدان المتقدمة كذلك تعتمد على الضرائب غير المباشرة وهي اقل نجاعة.

وقالت ان الكثير من البلدان النامية تلجأ الى سياسات دعم الطاقة والوقود كسياسة اجتماعية وهذا يبدو جليا في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تولي اهتماما لدعم الطاقة مقارنة بالبرامج الاجتماعية الأخرى من ذلك التعليم والصحة والضمان الاجتماعية.