هذه المرة يمكن تغيير "كليشيه" المقولات الرائجة في سوق السياسة الكويتية، فبدلاً من ترديد عبارة "شيوخ يستجوبون شيوخاً"، والحكومة تستجوب الحكومة، يصح شرعاً أن نقول الآن، وبعد حادثة إزالة موكب (كشك، كيربي، خيام...!) عبدالله الرضيع في ذكرى عاشوراء، براحة تامة، إن الحكومة تدين الحكومة، كما جاء في خبر موقع الآن الإلكتروني، فقد استمع مجلس الوزراء بالأمس "... إلى تقرير قدمه وزير الدولة لشؤون الإسكان وزير الدولة لشؤون البلدية سالم الأذينة عن الأحداث التي صاحبت قيام بعض العاملين في بلدية الكويت مؤخراً بتصرفات مستنكرة تنطوي على استفزاز غير مبرر لمشاعر إحدى شرائح المجتمع الكويتي، وذلك في إطار تنفيذ إزالة الأكشاك التي تمت إقامتها في ذكرى عاشوراء..."! ما هذا؟ حكومة تستنكر عملاً حكومياً قامت به إدارة حكومية وتصفه بأنه استفزازي لمشاعر "إحدى شرائح المجتمع"، الحكومة هنا لم تنتظر رأي لجنة التحقيق التي شكلت كما كتبت هذه الجريدة، بل سارعت وأصدرت حكمها "بعبثية" إجراءات البلدية في قرار الإزالة... لا يهم هذا، فعشوائية القرارات والقوانين في هذه الدولة، التي تستعصي على الفهم، في عهد هذه الحكومة ومعظم الحكومات التي سبقتها، ليس بالسابقة الأولى، وليست بالأمر الغريب، فلنترك هذا جانباً الآن، فالضرب في الميت حرام، وقد أسمعت لو ناديت حياً لكن...

Ad

على الساحل الحكومي المضحك الآخر، نجد أن هناك اتهامات متبادلة بين مدير البلدية "الصبيح" والوزير "الأذينة" في تحمل مسؤولية قرار الإزالة، والعسف في تطبيق القانون (إن كان لدينا قانون بمعنى صفاته، كالعدل، والثبات واليقين، والعمومية والحياد)، وكأن الاثنين، الوزير والمدير، يتحدثان من معسكرين متخاصمين، أين الهرمية القانونية وتدرج سلم السلطات في إصدار القرارات، وأين تبدأ سلطات أي مسؤول في هذه الدولة وأين تنتهي؟ ومن سنصدق الآن الوزير أم مدير البلدية؟

بتلك الصورة المعيبة، تسير الأمور في البلد، بهذه الفوضى السياسية والإدارية تدار الدولة، ورغم كل التكرار لا يظهر أن هناك من يتعلم، ولا يبدو أن هناك من يستفيد من بدهيات التجربة والخطأ كي لا يعاد تكرار الخطأ نفسه... أما أصبحت مثل هذه المواضيع في الكتابة مكررة لدرجة السماجة في حظائر "المسموح الصحافي" فلم يعد هناك جدوى من التكرار؟ فجلود المسؤولين أضحت ثخينة لا ينفع معها هذا النقد المدجن، وبطبيعة الحال، لن تهزها تلك الرقابة الشكلية لنواب السلطة التابعين، ويبقى سؤال واحد لابد أن يجد "بخصاء" الدولة إجابته، وهو، كيف يمكن لتلك العقليات البسيطة التي تمسك بزمام الأمور في الدولة أن تحل قضايا وتحديات سياسية واقتصادية عويصة قادمة دون شك؟ ماذا ستفعل غداً إذا وقعت الكارثة؟ هل ستقول حينئذٍ إن فراش البلدية كان هو المسؤول...؟ شر البلية ما يضحك.