ينتمي الشاعر أيمن متولي إلى جيل التسعينيات الأدبي، ديوانه "بقايا شهريار" أولى خطواته في عالم الشعر، يتضمن قصائد تؤكد انحيازه إلى قضايا وطنه وأمته، من ثم صدر له ديوانان "خمس دقائق من عمر التاريخ"، و"بروتوكولات شهداء الزيتون"، واستعاد ذاكرة الانتصارات العربية في مسرحيته الشعرية "الحلم" والدراما التاريخية "الفتح"...

Ad

 التقته "الجريدة" وكان الحوار التالي.

 ماذا تمثل لك تجربة ديوانك الأول "بقايا شهريار"؟

ربما لم أكن مخطئاً عندما طبعت ديواني الأول "بقايا شهريار”، وأقول إنه جزء من بعض حكاياتي التي تعرفني جيداً، وتجربة كان لا بد من أن تنتهي وحسب، ولا أنكر أنني تعلمت في قصائده ما اعتقدت أنه ينقصني، وهو أيضاً علمني ما كان ينقصه، وجعلني أتجاوز دائرة الذات المغلقة إلى فضاءات إبداعية أرحب، وأنشغل أكثر بقضايا وهموم إنسانية، وإدراك دور الشاعر في اللحظات المصيرية لوطنه وأمته.  

كيف تشكلت تجربتك مع المسرح الشعري؟

ارتبطت منذ صباي بالمسرح الشعري، وقرأت أعمال أحمد شوقي وصلاح عبد الصبور، وعبد الرحمن الشرقاوي وغيرهم، وأدركت أن الدراما الشعرية بقعة ضوء تنبعث من عقل ووجدان شاعر يبحث عن أصالته دائماً، وبعد سنوات كتبت مسرحيتي الشعرية الأولى "الحلم"، التي  فازت بإحدى الجوائز المسرحية، ومسرحية "الفتح" المتمحورة حول جدل التاريخ مع اللحظة الراهنة.  

ما دلالة استحضار تاريخ الأندلس في مسرحيتك "الفتح”؟

مسرحيتي "الفتح” فتحت لي ذراعيها بفتح الأندلس، لتشكل عملا مسرحياً يتحدث عن هذه الحقبة من التاريخ التي كادت تنسى، وتذكّر القارئ العربي بمجده وما يواجهه من تحديات اللحظة الراهنة، وتحذره من مؤامرات تحاك ضد أمتنا تحت أسماء مستعارة.

ما شروط استلهام التاريخ في المسرح الشعري؟  

الشاعر ليس مؤرخاً، ولكنه بالضرورة قارئ جيد للتاريخ، والأخير موصول دائماً بالحاضر، ووفق رؤية تمتثل لجماليات النص وتفتش في الماضي عن انكسارات وبطولات، وتلقي الضوء على الجوهر الإنساني للشخصية العربية، وتستخلص الدروس المستفادة، وتوثق الصلة بين القارئ وبين السياق الدرامي من دون تحريف للوقائع التاريخية.

هل ينتمي ديوانك "بروتوكولات شهداء الزيتون" إلى شعر المقاومة؟  

للشاعر دور في مقاومة الظلم والقتل والدمار، وقد جعلتني دماء الأطفال في فلسطين ودموع العجائز في العراق وصراخ الأرامل في سورية واحتمال الخوف في وطني، أكتب ما يسمى بشعر المقاومة. وأرى أن «بروتوكولات شهداء الزيتون» صرخة شعرية من قلب فلسطين، وما زالت قصائده تغني جراحنا، وتسوق الأمل في استرداد أرض عربية مغتصبة.

ما مفهومك لدور شعر المقاومة في اللحظة الراهنة؟

الكلمة دائماً أقوى من كل أسلحة العالم، وعلى الشاعر أن يتفاعل مع معطيات اللحظة التاريخية، كانت قصائد شعراء المقاومة مثل محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وغيرهم أقوى من الرصاص والدبابات والجرافات والطائرات، ومن هؤلاء الذين يقتلون أطفالنا، والانتصار هو النتاج الحتمي للمقاومة، والوعي لثقافة الصمود ومجابهة الاستلاب الفكري.   

كيف تنظر إلى راهن الشعر العربي؟

بعيداً عن الانفجار «اللاشعري» في مواقع التواصل الاجتماعي، والمدونات على الإنترنت، وهؤلاء الذين يسمون أنفسهم شعراء ونقاداً وأدباء على صفحات «فيسبوك»، يبقى الشعر العربي بتراثه الأصيل والمعاصر في وجدان الملايين من القراء، ورغم الضجيج ما زالت أسماء كثيرة تحقق حضورها المتفرد، وتمثل أجيالا شعرية مختلفة من أرجاء عالمنا العربي.

ما تفسيرك لغياب الدور النقدي عن متابعة إبداع الشباب؟   

باستثناء قلة من النقاد، ثمة فوضى نقدية، وسيل من الكتابات الانطباعية، والترويج الزائف لأنصاف موهوبين. في المقابل، اختفى نقاد جادون تماماً من الساحة الثقافية، وبقي الإبداع المتميز تائهاً في زحمة النشر، ولا يجد متابعة نقدية، في الماضي كان النقاد مثل الراحل د. علي الراعي يقدمون كل أسبوع كاتباً جديداً، وأيضا كان الأدباء الكبار يحتفون بالكتابات الشابة، أما الآن فيحتاج الإبداع الجيد إلى التحرّر من هؤلاء الذين يهمشونه كل يوم.

لماذا لجأت إلى نشر أعمالك على نفقتك الخاصة؟

وجدت صعوبة في نشر أعمالي الأولى، ورفضت الوقوف في طابور الانتظار على أبواب «المطابع الحكومية»، لذا لجأت إلى النشر على نفقتي الخاصة، فالشاعر مجموعة من المراحل، ويحتاج  إلى نشر إبداعه في حينه، وأن يقدم مشروعه الشعري قبل أن يمرّ بلا جدوى.