دافع مجلس النواب الليبي (أعلى سلطة سياسية في البلاد) الجمعة عن اصداره هذا الأسبوع قراراً يطالب المجتمع الدولي بالتدخل فوراً لحماية المدنيين والمؤسسات الليبية، مؤكداً أنه أقدم على هذه الخطوة "مضطراً" بهدف بسط الأمن في البلاد ومنع "تقسيمها" وليس استقواء بالخارج.

Ad

وبعد انتقادات وجهت إليه بسبب اتخاذه هذا القرار، أعلن البرلمان في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه أنه "اضطر إلى اصدار هذا القرار الذي دعا مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة للتدخل مبدئياً في ليبيا وممارسة بعض من الضغوط على ذوي العلاقة بالنزاع في الداخل أو الخارج".

وأضاف البيان أن القرار جاء "لفرض الأمن وحماية المدنيين، ولم تكن الغاية منه الاستقواء بالأجنبي كما يروّج البعض وتسوق له بعض وسائل الإعلام في حملات إعلامية غايتها بث الفتنة والتفريق بين أبناء الشعب الواحد".

وأضاف أن "أرواح الليبيين عادت لتكون مهددة وفي خطر يفوق الخطر الذي استدعى مجلس الأمن للتدخل إبان بدايات ثورة السابع عشر من فبراير وفي الوقت الذي لم تخل فيه ليبيا من التدخل الأجنبي خفياً كان أو ظاهراً وبأشكال متعددة".

وتابع البرلمان الذي يعقد جلساته في مدينة طبرق الواقعة في أقصى الشرق الليبي أنه "لن يكون هناك تدخل أجنبي على أرض ليبيا العزيزة إلا بغية حمايتها من العبث والتقسيم"، لافتاً إلى أن "مجلس النواب وممثلي الشعب الليبي يؤكدون على حرصهم على أمن وأمان جميع الليبيين ووحدة تراب ليبيا".

وكان البرلمان وهو أعلى سلطة في البلاد أقر الأربعاء قرارين يقضي أحدهما بحل كافة المليشيات المسلحة، ويطلب الثاني من المجتمع الدولي التدخل الفوري لحماية المدنيين والمؤسسات الليبية.

وينص القرار الذي حصلت فرانس برس على نسخة منه على أن "مجلس النواب الليبي يطالب هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالتدخل العاجل لحماية المدنيين ومؤسسات الدولة في ليبيا".

وقال البرلمان في بيانه الجمعة أن "المجلس أصدر قراراً سابقاً لقرار طلب التدخل الدولي، يقضي بدعوة كافة أطراف النزاع إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار والاقتتال بين أطراف النزاع، لكن أطراف النزاع لم يلتزموا بتنفيذ ذلك القرار رغم صدور الأوامر لكافة التشكيلات العسكرية بضرورة الالتزام بالتنفيذ، ما استدعى البرلمان لاتخاذ القرار اللاحق".

وفي عدة مناطق من ليبيا خرجت مظاهرات مساء الجمعة منددة بقرار طلب التدخل الدولي، لكن شهود عيان قالوا لفرانس برس إن متظاهرين بينهم من يؤيد القرار ومن يرفضه في العاصمة طرابلس اشتبكوا بالأسلحة دون وقوع ضحايا.

وكان مفتي الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني قال الخميس في مقال نشر على موقع دار الإفتاء الليبية إن "الحكومة شرعت منذ زمن علي زيدان واستمرت بطريقة مستهجنة تستجدي دول العالم لتدخل بجيوشها إلى ليبيا، وفي كل مرة تجد الصد والاستهجان والرد، لكنها لم تيأس ولم تتوقف، ولم تخجل من هذا العار".

وأضاف الغرياني، وهو شخصية دينية تحظى بثقل كبير لدى أوساط عديدة من المجتمع الليبي، أن "من دعتهم وتدعوهم الحكومة إلى التدخل بجيوشهم من الدول كانوا أعقل منها وأبعد نظراً كانوا يدركون أن تدخلهم لن يجلب الأمن والاستقرار لبلد يعرفون مدى كراهية شعبه المدجج بالسلاح للتدخل الأجنبي، فكان في ردهم الحكمة والتبصر، وفي طلب الحكومة حماقة غير مسبوقة".

وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دعوا أطراف النزاع في ليبيا للتعقل والشروع في حوار فوري ينهي الاقتتال الدائر في البلد والذي راح ضحيته زهاء 300 قتيل وأكثر من 1000 جريح خلال الأسابيع الأخيرة، فيما نزح من مناطق النزاع في بنغازي وطرابلس قرابة الـ 100 ألف مواطن.

ولم تفلح مشاورات يقودها منذ نهاية الأسبوع الماضي نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ونائب رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مع الأطراف الليبية في إنهاء العنف في البلاد المضطربة منذ سقوط نظام معمر القذافي في أكتوبر 2011.

ومنذ سقوط القذافي تبدو السلطات الانتقالية عاجزة عن استعادة النظام والأمن في بلد يعاني من الفوضى والعنف والقتل.

وفشلت السلطات في السيطرة على عشرات الميليشيات المسلحة التي شكلها الثوار السابقون الذين قاتلوا نظام القذافي والتي لا تزال تفرض قانونها في البلاد.