مفتي السنغال الدكتور أحمد تيان نييام لـ الجريدة.: 10% من السنغاليين أسلموا خلال الثلاثين عاماً الأخيرة
94% من سكان الشعب السنغالي مسلمون لا يميلون إلى التشدد
حذّر مفتي السنغال رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الدكتور أحمد تيان نييام، من استمرار التجاهل الإسلامي لقارة إفريقيا، خصوصاً في ظل نشاط الجماعات التنصيرية. وأضاف نييام الذي يتحدث اللغة العربية بطلاقة، في حواره مع «الجريدة» أن إفريقيا تربة خصبة للإسلام، مدللاً على ذلك بأن عشرة في المئة من السنغاليين اعتنقوا الإسلام خلال الثلاثين عاما الأخيرة، وإلى تفاصيل الحوار.
• كيف دخل الإسلام إلى السنغال؟- السنغاليون لم يعرفوا الإسلام إلا في مرحلة متأخرة من ظهور الإسلام وتحديدا بعد مرور نحو خمسمئة عام، حيث بدأ الإسلام في الانتشار عام 1040 ميلادياً على يد التجار المسلمين الذين وصلوا السنغال قادمين من الدول العربية والمسلمة في شمال إفريقيا، ولما كان التجار المسلمون يتميزون بالأمانة والشرف فقد رحب السنغاليون بهم وبدأوا يناقشونهم في أمور الدين الذي جعلهم بهذه الأمانة والرضا والسعادة، وهكذا بدأ الإسلام في الانتشار في بلدنا وكان السنغاليون لا يعلنون عن اعتناقهم الإسلام في بداية الأمر خوفا من السلطات غير المسلمة، ومع اعتناق ملك السنغال وارجابي للإسلام هو وأسرته تشجع السنغاليون البسطاء وبدأوا في إعلان إسلامهم لتبدأ مرحلة جديدة من الانتشار الإسلامي ليصل حجم المسلمين اليوم في السنغال إلى 94% من تعداد سكان الشعب السنغالي.• هل يعاني الإسلام في السنغال ظاهرة التشدد والتطرف التي يعانيها كثير من المجتمعات الإسلامية؟- الحمد لله أن الشعب السنغالي متديّن، لكنه لا يميل للتشدد ولا للتطرف فهو شعب وسطي ورغم وجود الكثير من حركات التطرف في البلدان المحيطة بنا ومنها الحركات المتشددة في مالي، إلا أننا مازلنا ندين بالإسلام الوسطي بدون إفراط أو تفريط، وبهذه المناسبة أود أن أؤكد أن الاستعمار الفرنسي بذل المستحيل خلال وجوده في السنغال حتى يتخلى السنغاليون عن إسلامهم المعتدل، لكنه فشل فشلاً ذريعاً ولم ينجح سوى في تغييب اللغة العربية للأسف الشديد التي كانت اللغة الرسمية الأولى في البلاد، لكنه نجح في تغييبها بسبب غياب الدول العربية عن ممارسة نشاطها الثقافي في بلادنا لتحل الفرنسية كلغة أولى بدلا من العربية. • معنى ذلك أن السنغال تعرضت لمحاولة تغريب عن هويته الإسلامية فكيف واجهتم تلك المحاولات؟- الاحتلال حاول بالفعل تذويب الثقافة الإسلامية في السنغال، وبدأ يحاول القضاء على اللغة العربية باعتبار أن محو اللغة من أذهاننا سيساهم في زيادة غربتنا عن الدين، وهكذا أنشأ الاحتلال عشرات المدارس الفرنسية وحاول محاصرة المدارس الإسلامية لكن السنغاليين نجحوا في الحفاظ على اهتمامهم اللغوي العربي المرتبط بالعمق الديني رغم كل المحاولات المعادية واختلاف أساليبها، ليس هذا فحسب بل أرسلنا عددا من أبنائنا للدول العربية والإسلامية ومنها دولة الكويت التي ساعدتنا مؤسساتها الإسلامية في تنفيذ مخططنا لتعلم اللغة العربية وتعليمها لشبابنا والتكيف مع واقعها، حتى تمكنا من إعادة تشكيل واقع اللغة العربية لدى كثير من شبابنا، وكثير من السنغاليين درسوا مباحث عربية بحتة مثل البلاغة والشعر الجاهلي مع إيمانهم بأن أغراض الشعر تطورت بما يلائم الواقع الاجتماعي والعصر، وهي الفكرة التي أسهمت فيما بعد في التأسيس لتجربة الشعر السنغالي العربي، الذي كان غرضه الأساسي مدح الرسول صلى الله عليه وسلم بجانب تناوله أغراضاً أخرى ذات صلة بالدين الإسلامي، وهكذا نجحنا في العناية باللغة العربية وإبقائها حية في نفوسنا، حتى في ظل فرض الاحتلال اللغة الفرنسية علينا بالحديد والنار.• لو سألتك على حال الدعوة الإسلامية في السنغال فكيف تقيمها؟- الحمد لله الدعوة في السنغال بخير وتتقدم يوما بعد الآخر، ويكفي أن أقول لك إنه خلال السنوات الثلاثين الماضية أسلم نحو عشرة في المئة من جملة سكان السنغال، وبعد أن كان عدد المسلمين حوالي 85 في المئة وصل اليوم إلى ما يزيد على 95 في المئة، مما يدل على إقبال الأفارقة على هذا الدين واللغة العربية وهو ما يدل على حجم انتشار هذا الدين القويم وأن إفريقيا تربة خصبة للدين الإسلامي وتحتاج إلى مزيد من الاهتمام العربي والإسلامي، فالمواطن الإفريقي يرى أن العالم يضطهده بسبب لونه وبسبب فقره، وهكذا يرى أوضاع العالم من حولنا وحجم تفشي الظلم، ومن هنا يتوق للعدالة فلا يجدها إلا في الإسلام باعتبار العدالة أساسا عظيما من أسس الإسلام مما يزيد من قناعتنا بأن توجه الناس سيكون للدين بإذن الله متى ما جعلناه قريباً ميسراً أمامهم.• وماذا عن التنصير في السنغال، خاصة ونحن نسمع دائماً عن نجاح حملات التبشير في تغيير عقيدة الكثير من الفقراء في إفريقيا؟- دعنا نعترف أولاً أن السنغال كانت بالفعل قبلة الكثير من الإرساليات المسيحية التي اتخذت من بناء المشافي والمدارس وتوفير المعونات للفقراء ستاراً لتنصير الناس، لكنهم نسوا أمراً مهماً هو أن السنغالي المسلم مؤمن ومتمسك بعقيدته الإسلامية مهما بلغت قسوة الفقر والحاجة، وهكذا أخفق المنصرون إخفاقاً ذريعاً، ومن النادر أن ترى مسلماً سنغاليا غيّر دينه وارتد عن الإسلام، بل على العكس فالمسيحيون هم الذين يغيرون دينهم ويعتنقون الإسلام عن قناعة وليس طمعاً في أية مزايا، كما أن كفة الإسلام رجحت على كفة المسيحية من حيث القدرة على جذب الوثنيين واستقطابهم، ولذا فإن أتباع الكنيسة في السنغال هم مسيحيون وراثة، أو وثنيون اعتنقوا المسيحية فيما بعد، أما أن يكون فيهم مسلمون متنصرون فهذا من المستحيل أن يحدث.