في كل أسبوع نصطدم بحدث جديد قبل أن نفيق من سابقه، وفي كل أسبوع نتجرع مرارة جديدة، والمطلوب منّا أن نقول "الله لا يغير علينا".

Ad

ارتضت مجموعة من الشعب بهذه الحال، وتقول يكفي أننا في أمن وأمان، وما يحدث لن نستطيع أن نغير أو نعدل فيه، فهذا الوضع مستمر في نظرهم ولن يتغير للأفضل أو الأحسن، وهذا رأيهم وشأنهم وهم قبلوا به، ودائما يقولون "الله لا يغير علينا".

ومجموعة أخرى استفادت من هذا الوضع وما زالت مستفيدة، وتحاول أن تضع صورتها في "برواز" الخادم لوطنه، والصحيح "الخادم لجيبه وأرصدته"، وهؤلاء "ماكلين الخضر واليابس" دون ذكر أسماء، فالكل يعرفهم، حتى أبناء الجاليات الآسيوية تعرفهم وتعرف طرقهم في مص دماء الفقراء، ولكن ليس بيدهم حيلة، فالنفوذ والقانون في خدمة أولئك المستفيدين، وبطبيعة الحال أولئك المستفيدون دائماً يقولون "الله لا يغير علينا"، ويزيدون عليها أيضاً "زيده وارحم عبيده".

ومجموعة ينطبق عليها المثل القائل "مع الخيل يا شقرة"، وهؤلاء مغلوب على أمرهم، فهم غير مدركين لما يحدث حولهم، والأسباب كثيرة لعدم إدراكهم، وأطرف سبب هو ذلك الذي قاله أحدهم في إحدى الديوانيات: "كل يوم نقعد من الصبح، ناكل لقمتنا، واعيالنا في المدارس الحكومية يدرسون، واحنا في دواماتنا، ونخلص معاملات، ونرجع البيت ونتغده، والعصاري نقضي مشاوير، وبالليل نلعب كوت وإلا هند بالديوانيات، ونرجع البيت ونحط راسنا على المخدة، وآخر الشهر ناخذ المعاش، ونصرفه على حاجيات العيال، وعسى الله لا يغير علينا".

مسكين هذا الرجل ومن على شاكلته، ليعلم هو وغيره أن هذا الوضع الذي تحدث عنه هو المطلوب عند الحكومة وزمرتها، هي الحال التي سيضعونكم فيها وأكثر من ذلك، ألا تعلم يا مسكين أن حالك هذه لن تكون في زمن أبنائك وأحفادك؟ ألا تعلم أنه سيأتي يوم لن تهنأ فيه بنومك ويومك؟ وأنه في المستقبل القريب والقريب جداً، لن تجد ما تستطيع أن تشتريه بمعاشك، وستستمر حال "خذ من كيسه وعايده" عليك وعلى غيرك، وعندها هل ستقول "الله لا يغير علينا"؟

وهناك مجموعة لم ولن تقبل بهذه الحال، فهي مستاءة لحال البلد وما وصل إليه ومتشائمة، فالمستقبل في نظرهم غامض وبلا رؤية واضحة، وبلا خطة استراتيجية واضحة المعالم، يرون أن ما تقوم به الحكومة ليس إلا فسادا في فساد، وأنها السبب الأول في إهدار المال العام من أجل إرضاء وتنفيع أشخاص معينين، وأنها المصدر الرئيسي في معاونة من ينحر كيان المجتمع وطوائفه، فهذه المجموعة لن تقول "الله لا يغير علينا"، بل ستسعى إلى تغيير هذه الحال، وستطالب بالحقوق كافة، ولن يهدأ لها البال حتى ترى الفساد والمفسدين وزمرتهم تحت سكين المقصلة، وساعتها ستقول "الله لا يغير علينا".

ونحن نقول... قول عز وجل "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ". (الرعد:11). ومن يرد أن تنصلح حال البلد فإن عليه أولاً الاعتراف بالخلل، ويعاهد الله على تصحيحه، وبداية التصحيح تكون في الشخص نفسه.

وما أنا لكم إلا ناصح أمين.