دولة الخلافة الإسلامية
خطر «داعش» يحتاج إلى صف الجهود عبر تنشيف منابعه الفكرية ومحاسبة جامعي الأموال تحت أي شعار، إن لم يكن من خلال الهيئات الخيرية التي تشرف عليها الدولة، فالشواهد على تمادي هؤلاء كثيرة، ودرء الفتنة يتطلب الكثير من الصرامة والكثير من الجهد في مجال التوعية، وعلى وزارة الأوقاف التعميم على الخطباء بفضح ممارسات هذا التنظيم والبراء منه.
على الرغم من فساد الفكر الداعشي عملاً وقولا فإن تمدده في الأراضي العراقية والسورية ثم لبنان وفتحه أكثر من جبهة في آن واحد مع (الجيش العراقي، والبيشمركة، والصحوات والعشائر، وجبهة النصرة، والجيش الحر، والأيزيديين، وقوات النظام السوري، وحزب الله، والجيش اللبناني، والأميركيين أخيراً) يثير أكثر من علامة تعجب، ومع ذلك يصول ويجول، وكل يوم له حرب، والسلاح والمال والرجال تتدفق عليه من كل حدب وصوب.كتبت النيويورك تايمز "داعش لا يهدد العراق وسورية فقط بل العالم أجمع، فلديه قدرة على جذب مقاتلين من دول بعيدة مثل الهند والصين وبلجيكا وبريطانيا"، وأيضاً التقرير الصادر عن معهد واشنطن بواسطة جيمس جيفري "أظهر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) سهولة تحرك استراتيجية وسرعة عملياته لافتا إلى سلسلة الهجمات التي شنّها خلال الأسابيع الأخيرة في المناطق الخاضعة له في العراق وسورية". الحالة الميدانية لتنظيم "داعش" يجب حملها محمل الجد، فنجاحه ميدانياً وقدرته على سرعة الحشد بهذا الكم من المقاتلين الانتحاريين لم يأتيا من فراغ، ولم يكونا وليد الحظة، بل كانا عملاً هيئت لهما الظروف من منظري هذا الفكر الذين استطاعوا جذب الشباب العربي بالدرجة الأولى والمسلمين من شتى بقاع الأرض ثانيا. أرجع إلى عنوان المقال، وأصل إلى فكرة "الخلافة الإسلامية" كأكبر جاذب لمنتسبي التنظيم، الذي صور نفسه على أنه الخلاص والطريق الوحيد لعودة الكرامة المفقودة في نظر أتباعه. هذه الفكرة استطاعت النفاذ بسهولة لغياب المشروع الحضاري لما يسمى بثورات الربيع العربي، والتي ساهمت فيها قنوات الفتن التي غيرت مسار التعايش السلمي وبناء الأوطان إلى مشروع فوضوي وقتل على الهوية.الخطر الحقيقي لا يقف عند قدرة هذا التنظيم على التمدد الميداني فحسب، بل لوجود الخلايا النائمة من المريدين وولائهم لـ"أبو بكر البغدادي" وافتخارهم به، فما يفعله مقاتلو التنظيم، ولا أحسب جماعة جبهة النصرة بعيدين عنهم، فهم شركاء في التكفير وقطع الرؤوس؛ لذا القول بعدم وجودهم ضرب من الخيال.هذا الخطر يحتاج إلى صف الجهود عبر تنشيف منابعه الفكرية ومحاسبة جامعي الأموال تحت أي شعار، إن لم يكن من خلال الهيئات الخيرية التي تشرف عليها الدولة، فالشواهد على تمادي هؤلاء كثيرة.ودرء الفتنة يتطلب الكثير من الصرامة والكثير من الجهد في مجال التوعية، وعلى وزارة الأوقاف التعميم على الخطباء بفضح ممارسات هذا التنظيم والبراء منه، وأن تتحمل وزارة الإعلام دورها الوطني بالتعريف بانحراف هذا الفكر والجرائم التي يقوم فيها.الصورة اليوم أكثر وضوحاً من ذي قبل، ولم يعد هناك مجال للتراخي أو غض النظر عن جرائم هذا التنظيم، أو السماح لكائن من كان أن يرفع شعار علمه أو يروج لفكره، فالكويت أمانة في أعناق أهلها، والكويت عاشت على التسامح فلا نسمح للدخلاء بتغيير هذا المفهوم.اللهم احفظ الكويت وأهلها من كل مكروه تحت ظل سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح وسمو ولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد الصباح.ودمتم سالمين.