يلفت الدكتور أحمد عكاشة (خبير نفسي) إلى أن العلاقة بين الصحة النفسية والسمع أصبحت أساسية لحياة نفسية سوية، منبهاً من تأثير الذبذبات الصوتية التي تتخلل مراكز السمع والحس في ظهور أمراض كالاكتئاب والبارانويا وضعف الذاكرة.

Ad

يضيف أن مشاكل السمع تفقد الإنسان فرصته في التفاعل مع المحيطين به، فينتابه شكّ في الآخرين وسوء تفسير الكلمات، ويصبح أكثر عرضة للاضطرابات النفسية، وفي بعض الحالات تؤدي إلى اعتقادات خاطئة وضلالات.

ينصح المتخصصون في طب نفس الشيخوخة بعدم ترك المسن يعاني مشاكل في السمع، لأن ذلك يسبب انحرافاً في صحته النفسية ويعزله عن العالم، ويفقده الشعور بالمؤثرات البيئية، ما يسرع في ظهور خرف الشيخوخة.

عادات سيئة

يحذر الدكتور عطية عتاقي، استشاري الأمراض العصبية والنفسية، من العادات السمعية السيئة، مثل ارتفاع صوت التلفاز أو الراديو بشكل يزعج المحيطين بنا، الجلوس قرب أجهزة «الساوند»، وما يسبب ذلك من أمراض عصبية ونفسية مزمنة لا تفرق بين الأطفال والشيوخ.

يؤكد عتاقي أن سلامة حاسة السمع أحد العوامل الأساسية لنجاح أي شخص واندماجه في المجتمع، وتعزيز ثقته بنفسه وقدرته على تحقيق طموحاته.

يضيف: «يمتد تأثير ضعف السمع إلى المحيطين بالمصاب، سواء كان طفلا أو كهلا، ويفقده القدرة على النطق والكلام والتعبير عن نفسه، ما يدفعه إلى الانعزال خلف أسوار من الصمت».

ينصح عتاقي بعدم إهمال أعراض مشكلات السمع، استشارة الطبيب الاختصاصي، التأهيل النفسي للشخص المصاب للاندماج في المجتمع، تعزيز ثقته بنفسه، الالتزام ببرنامج علاجي والاستعانة في بعض الحالات بسماعات أذن.

هدوء وصخب

أثبتت التجارب أن الاستماع إلى موسيقى هادئة يزيل الشعور بالتوتر النفسي، وأجريت بعضها على مرضى الصرع الذين لا يستجيبون للعلاج، وعند سماعهم سوناتا موزار قلّت نوباتهم الصرعية، وفي بعض الحالات اختفت أعراض المرض تماماً.

يحذر الخبير النفسي د. محمد خطاب من خطورة استخدام أجهزة «الهيد فون»، وما يسببه ضجيجها من اضطرابات نفسية وعصبية، لا سيما لدى الصغار، عدم تآلفهم مع الهدوء، الاعتياد على الصخب، هيستيريا الأصوات التي قد تفضي إلى الصمم.

وينبه خطاب إلى أهمية التربية في ضبط سلوكيات الأبناء، وتوجيههم نحو الابتعاد عن الضوضاء، المثيرات الصوتية الصاخبة، عدم تشغيل التلفاز والكمبيوتر بصوت مرتفع، تجنب المكوث أمام تلك الأجهزة ساعات طويلة.

أثبتت التجارب أن الضوضاء ظاهرة اجتماعية ارتبطت بظهور الميكرفون، وتطورت إلى مجسمات الصوت الصاخبة، وهي شديدة التأثير على الجهاز النفسي والعصبي للكبار والصغار، وتؤدي إلى اتلاف السمع، والإصابة باضطرابات عنيفة.

كذلك تؤثر الضوضاء على المزاج والسلوك الشخصي للأفراد سواء كانوا كباراً وصغاراً، يرافقها شعور بالتوتر والاكتئاب، ميل إلى العنف والشجار. كذلك تسبب إزعاجاً لدى الأشخاص ذوي الميول الانطوائية، وتدفعهم إلى الإقامة بعيداً عن التلوث الصوتي.

الضوضاء إنذار بالصمم في خريف العمر، وتتطلب وقاية لمن هم في مرحلة الكهولة، وضرورة الكشف الدوري لدى الطبيب الاختصاصي، وعلاج الآثارالنفسية الناتجة من مشكلات السمع.

خوف وقلق

حول تأثير تلك الظاهرة، يقول الخبير التربوي الدكتور وليد نادي، إنها تؤدي إلى سيطرة القلق والخوف لدى النشء، وربما يتحولان بمرور الوقت إلى قلق مزمن وخوف مرضي مصحوبين بإحباط واكتئاب شديدين.

يوضح الدكتور نادي، أن الضوضاء تسببت في زيادة أعداد المترددين على عيادات الأنف والأذن والحنجرة والمراكز النفسية، مشدداً على أن إهمال العلاج يؤدي بالشخص إلى سلبية وعنف وتشويش فكري، وتكريس سلوكيات منافية لقيم الاحترام، وإزعاج الآخرين، سواء باستخدام آلات تنبيه السيارات أو ضجيج مكبرات الصوت.

يضيف: «يمكننا التغلب على هذه الظاهرة، من خلال تحرك مجتمعي وأسري، التوعية عبر أجهزة الإعلام بمخاطر الضوضاء، التعامل الأمثل مع الأبناء، إرشادهم إلى الاستخدام الصحيح لأجهزة الصوت، أن يصبح الآباء قدوة في سلوكهم سواء داخل المنزل أو خارجه».

يلفت د. نادي إلى دور مؤسسات المجتمع في التوعية والتحذير من مخاطر التلوث السمعي وفوضى الأصوات العالية في المناسبات الاجتماعية، ومراعاة عدم استخدام آلات تنبيه السيارات أثناء مرورها أمام المستشفيات والمراكز الصحية، الاهتمام بالتربية الأخلاقية وضبط السلوك الشخصي لدى النشء وإرشادهم إلى التعامل الأمثل مع الأجهزة الإلكترونية ونمط الموسيقى والأغاني، وحثهم على الشعور بأهمية الوقت واستثماره في أمور نافعة.

نصائح مهمة

 

• يقدم الخبراء نصائح مهمة للوقاية من تأثير الضوضاء على النشء، وحمايتهم من الاضطرابات العصبية والنفسية:

• عدم المكوث ساعات طويلة أمام التلفاز وجهاز الكمبيوتر وعدم استخدام سماعات أذن «الهيدفون».

• الكشف الدوري على سلامة الأذن، وتجنب سلوكيات سلبية مسببة للاكتئاب والتوتر المزمن.

• توجيه الآباء لأبنائهم بضبط سلوكهم، واعتيادهم على الأصوات المنخفضة، وتوفير الهدوء في المنزل.

• ضرورة استشارة الطبيب الاختصاصي عند ظهور أعراض اضطرابات نفسية أو عصبية ناجمة عن الضوضاء.

• تضافر جهود الأسرة والمدرسة في توعية النشء بمخاطر الضوضاء، وتأثيرها السلبي على القدرات الذهنية والتحصيل العلمي.