مسقط والكويت ونواز شريف

نشر في 17-05-2014
آخر تحديث 17-05-2014 | 00:01
 يوسف عوض العازمي لمن تابع بتمعن مجريات الأحداث في المنطقة في الآونة الأخيرة سيلحظ اجتماعا للتناقضات، وما كان غير معقول ومستحيلاً في السابق أصبح تدبج له المدائح والإشادات حالياً! حقاً إنها السياسة... أليست هي فن الممكن؟

إذ ألمحت مصادر متحفظة إلى لقاءات سرية عقدت في مسقط بين قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني والرئيس المكلف للاستخبارات السعودية يوسف الإدريسي، وأتوقع أن يكون ذلك مقدمة لما هو قادم، هكذا كانت التلميحات وبعض التسريبات التي تؤكد اجتماع مسقط، إضافة إلى تحركات كويتية غير معلنة لعمل حلقة في ضوء المصداقية الكويتية التي تتمتع بها لدى الطرفين السعودي والإيراني.

وبعدها كان حدث مهم، وهو المنتدى الاقتصادي لدول آسيا الوسطى والسعودية الذي عقد في جدة، وهذا المنتدى وانعقاده في هذا التوقيت رسالة مهمة لأطراف إقليمية ودولية، بالإضافة إلى الزيارة المهمة التي قام بها رئيس وزراء باكستان نواز شريف لطهران، وزيارة كهذه لا يمكن أن تكون للتباحث حول أنبوب السلام الإيراني ذي التكلفة المليارية الذي يمر عبر أراضي باكستان، فموضوع الأنبوب بين أيادي فنيين من البلدين لا يزال في مرحلة من مراحل التباحث بشأنه، لكن الزيارة بالتأكيد تحمل رسالة سعودية من حليفها الموثوق نواز شريف إلى إيران.

نواز شريف كان يقوم بعملية تقريب وجهات نظر حول قضايا عدة بين الرياض وطهران، وأظنه نجح في ذلك، والدليل تصريحات ما بعد الزيارة والغزل السياسي بين طهران والرياض، ثم اجتماع وزراء مجلس التعاون مع وزير الدفاع الأميركي هيغل.

وأثناء كل ذلك كانت التصريحات الترحيبية بين الرياض وطهران تلقي بظلالها في المنطقة، وكان تصريح وزير الدفاع الأميركي بشأن عداوة إيران سمجاً ومثيراً للضحك، فأميركا أوباما ليست أميركا التي نعرف، فقد تغيرت ولم يعد ينظر إليها كطرف محايد ذي مصداقية أو حليف صادق.

لذلك كانت التصرفات السعودية التي تعاملت بواقعية مع ظروف المنطقة مع تقديرها للسلبية السياسية الأميركية، ليكون بعدها تصريح السعودية بأنها ستدعو وزير الخارجية الإيراني للرياض والاستلام الإيجابي الإيراني لهذا التصريح، وبأن الخارجية تنتظر بترحيب دعوة سعودية رسمية. الآن بعد أن أصبح التقارب السعودي الإيراني شبه واقع (مع تحفظي على مصداقية طهران فتصرفاتها لا تبعث على الثقة)، فمن المؤكد أن هناك قضايا ستثير جدلاً ونقاشاً شديدين بشأن العراق وسورية والبحرين ولبنان، والتنازلات ستكون "على مضض"... هذا إن حصلت.

أيضاً من الواضح أن هناك جهات "ركنت على الرف" وتجاهلتها التصريحات بين البلدين، وأقصد تركيا وقطر، فهنا واضح أن الطرفين السعودي والإيراني، وبعدما حدث من أحداث، قد قررا أن يتعاملا بشكل مباشر بعد تمهيد من وسطاء موثوقين. ولا يخفى على المراقب أن اتفاقات حمص في سورية كانت أولى ثمرات بروفات التعاون الأولى بين البلدين، وكانت ناجحة بشكل مقبول وتعطي صورة معينة لأي اتفاقات مستقبلية، وأياً كانت الملاحظات يبقى التباحث وجهاً لوجه وعلى طاولة واحدة أفضل. ولا شك أن التقارب إن حصل وفق صيغ تعاون وثيقة تبنى على أرضية صلبة من المصداقية والثقة، سيكون له أثره الممتاز في المستقبل وظروف المنطقة، فمن مسقط مروراً بالكويت ووصولاً إلى زيارة نواز شريف إلى طهران كانت المحطات الأهم للتقارب السعودي الإيراني.

***

بحضرة الأدب الراقي كان الأسبوع الماضي ثقافياً بامتياز، حيث احتضن فندق الجميرا بالمسيلة تجمعاً لأهل الأدب في احتفالية أنيقة بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس "رابطة الأدباء الكويتيين"... أهنئ نفسي وكل عربي يحب الأدب والثقافة بهذه الاحتفالية الراقية... "مبارك وعقبال الذكرى المئة".

back to top