شهد اليومان الماضيان إعلاناً مرتبكاً لولادة كتلة جديدة تسمى "اتحاد القوى" تضم الأحزاب السُّنية وقائمة أياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الأسبق، التي سارعت إلى نفي انضمامها إلى هذا التشكيل الجديد، قائلةً إن أسامة النجيفي رئيس البرلمان وزعيم كتلة "متحدون"، هو أيضاً خارج هذا التكتل.
خطاب الإعلان نفسه تضمن لهجة ومبادئ أبدتا مرونةً مع التجديد لرئيس الحكومة نوري المالكي، خلافاً لموقف علاوي والنجيفي المُطالب بالتغيير والإصلاح السياسي، الأمر الذي جعل المراقبين يعتبرون هذا الإعلان المرتبك للكتلة الجديدة أولَ إشارة صريحة لتمزقٍ تشهده المواقف السنية وخاصة كتلة "متحدون" نفسها.وقالت ميسون الدملوجي النائبة المقربة إلى علاوي لـ"الجريدة" إن "هذه الحركة ينفذها نواب منشقون عن النجيفي، لخطب ود المالكي".وأكدت هذه الخطوة مخاوف كثيرين قالوا إن الانقسام السُّني وفشل الأحزاب في بناء مرجعية موحدة للسُّنة على غرار الأكراد والشيعة، سيسمحان لنوري المالكي باستمالة نحو 30 نائباً من أصل 60 نائباً سنياً، تارة بالتهديد، وأخرى بإغراءات من قبيل منح الوزارات في الحكومة المقبلة.وبينما يقول البعض إنه انشقاق صريح، يحاول محافظ الموصل أثيل النجيفي، وهو شقيق أسامة النجيفي زعيم أكبر كتلة سنية، أن يلتمس الأعذار ويمنح وقتاً لمزيد من الجهود التي تحد من الانقسام، حيث قال في بيانٍ، إن المرونة التي يبديها بعض أعضاء الكتلة السنية، هي محاولة لتهدئة المالكي، الذي يشعر بالغضب ويهدد الكثيرين بالملاحقة والاعتقال، سواء بتهم الإرهاب أو الفساد المالي، لكن النجيفي ناشد أصحاب "المرونة" هؤلاء، وضعَ حد لها كي لا تشوش على الرأي العام.وقال نواب القائمة الوطنية (علاوي) إن المالكي سيواصل محاولة تمزيق السُّنة، والرد على ذلك لن يكون بالانضمام إلى تحالف سني، مؤكدين أن قائمتهم تضم نواباً من مختلف المذاهب وتدعو إلى تشكيل كتلة عابرة للطوائف تضم كل الأطراف المطالبة بالتغيير والإصلاح السياسي والرافضة للتجديد للمالكي. وهي تشير بذلك إلى التحالف الكردستاني (60 مقعداً) وتياري مقتدى الصدر وعمار الحكيم (65 مقعداً) وعلاوي والنجيفي والعلمانيين (نحو 60 مقعداً) وهي كتلة يمكن أن تستقطب النواب المترددين المتبقين، وتعزل ائتلاف المالكي (92 مقعداً).وأضاف هؤلاء أن توحيد الموقف الداخلي للأحزاب المطالبة بالتغيير، سيوازن أي ضغط إيراني أو أميركي يحاول إبقاء المالكي في منصبه، ما يعني لديهم بقاء لعبة التأزيم الخطيرة، معربين عن اعتقادهم بأن الصدر والحكيم مدعومان برغبة تغيير من مرجعية النجف، ما سيساعدهم على إدارة تفاوض معقول حتى مع إيران، لإحياء التوافقات وأصول التهدئة التي رفضها المالكي طوال عامين، واستبدلها بحرب معلنة على السُّنة في الأنبار، وتمويل إقليم كردستان من الموازنة، وليس انتهاء بنواب شيعة بارزين تدخل لحرمانهم من الترشح، بحجة الإساءة للحكومة، وخرق بذلك كل قواعد اللعبة.ووسط المخاوف من استمرار تمزق الأحزاب السنية، يقول مفاوضون شيعة إنهم متفائلون، لأن القناعة القوية بضرورة إجراء تغيير سياسي، جعلت الأحزاب المعارضة للمالكي تُبدي "تفهماً مسؤولاً" وتقدم تنازلات كبيرة فيما بينها، ما يمكن أن يشجع على ولادة الحكومة الجديدة بنحو أيسر.لكن المالكي معروف بأنه لا يستسلم بسهولة، وهو حسب الخبراء بنهجه في إدارة الصراع، سيظل يحاول كسب الوقت لإنهاك خصومه، مستفيداً بالدرجة الأساس، من ممكنات الترغيب والترهيب، لشق صفوف الأحزاب الأخرى، وهو إذ سيعجز عن تشكيل حكومة تغيب عنها الأطراف الأساسية، إذ إن ذلك مرفوض حتى من واشنطن وطهران كراعيين للتسوية العراقية، فإنه يراهن على تليين موقف بعض الشيعة المعارضين له، ليضع السُّنة والأكراد أمام أصعب الوقائع التي لن تكون تداعياتها سهلة في هذا الصيف البغدادي الساخن.
آخر الأخبار
كتلة علاوي: لن ندخل بتحالف سني وسنوازن ضغط إيران
01-06-2014