فجر يوم جديد: قراءة في ملف {الرقابة}!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
لم يتوقف الصراع بين الرقابة والأفلام التي تشتم فيها رائحة السياسة، ومثلما حدث بعد الثورة تعاملت الرقابة بعنف ملحوظ مع الأفلام التي أنتجت عقب هزيمة يونيو/ حزيران 1967؛ مثلما فعلت مع فيلم {العصفور}، الذي أنتج في العام 1972 ولم يُعرض سوى في أعقاب حرب أكتوبر/ تشرين 1973، وفيلم {زائر الفجر}(1973) الذي اتهم بأنه غير مؤهل للعرض في فترة يعاني فيها الوضع السياسي اهتزازاً وعدم استقرار. المفارقة المُدهشة أن الرقابة دخلت في صدام مع أفلام قيل إنها أنتجت برعاية الدولة إبان عهد {السادات}، واستهدفت تشويه الحقبة الناصرية، بالقول إنها فترة التعذيب والمعتقلات؛ مثل: {الكرنك} (1975)، و}وراء الشمس} (1978) و}إحنا بتوع الأتوبيس}(1979)، لكنها لم تتعنت مع أصحابها كثيراً، فالسادات هو الذي تدخل لإجازة {الكرنك} والدولة هي التي أسقطت الدعوى القضائية التي رفعها شمس بدران، وزير الحربية في عهد عبد الناصر، التي يتهم فيها الفيلم بتشويه سمعته من خلال شخصية خالد صفوان!الأكثر إثارة أن الرقابة لجأت إلى حذف نهاية فيلمي {الغول} (1983) و}البريء}(1986) كشرط لعرضهما، في حين حظرت عرض عدد من الأفلام، بحجة النزول على رغبة الرأي العام، كما فعلت مع فيلم {المذنبون} (1975)، الذي اتهمته رسائل مزعومة قيل إنها جاءت من مصريين يعملون في الدول العربية، بالإساءة إلى سمعة مصر، ما تسبب في إقالة اعتدال ممتاز مدير الرقابة، وإحالة 14 رقيباً إلى المحاكمة التأديبية بتهمة التحريض بعرض الفيلم والتصريح بتصديره، كذلك تم استدعاء المخرج سعيد مرزوق للمثول أمام جهاز مباحث أمن الدولة، وتدخل الوزير يوسف السباعي لإنقاذه! في سياق ليس بعيداً ظل هاجس {الجنس} يؤرق الجهاز الرقابي العتيد (أول جهاز للرقابة أسسته سلطة الاحتلال البريطاني في العام 1927 كإدارة تابعة لوزارة الداخلية)؛ إذ لم تكتف الرقابة بالتنكيل بفيلم {حمام الملاطيلي} (1973) بحجة الإفراط في مشاهد العري والجنس، وإنما طاردت يحيى الفخراني ومعالي زايد بطلي فيلم {للحب قصة أخيرة} (1984)، وأحالتهما إلى النيابة بتهمة ارتكاب فعل فاضح في مكان عام (الأستديو)، وتكرر الأمر مع معالي زايد وممدوح وافي في فيلم {أبو الدهب} (1996)؛ حيث طالب محام بمحاكمتهما طبقاً لقانون الآداب، لكن المحكمة حفظت القضية!كشف الصدام المحتدم بين الرقابة والسينما المصرية عن مفاجأة مُثيرة للغاية عندما تبين أن عدد المخرجين الذين واجهوا مشاكل مع الرقابة لم يزد عن عشرة مخرجين؛ على رأسهم توفيق صالح، الذي اضطرته الرقابة إلى الهجرة إلى سورية والعراق بعد تحرشها به وبأفلامه، وهم حسين كمال، يوسف شاهين، صلاح أبو سيف، رأفت الميهي، سعيد مرزوق، علي بدرخان، سمير سيف، عاطف الطيب، كريم ضياء الدين وأسامة فوزي ثم انضم إليهم سامح عبد العزيز.