الجماعات الدينية و«الإسلام السياسي» تحديداً أصبحت محاصرة اليوم بعد أن أدارت لها الكثير من الحكومات ظهر المجن، بل فتحت عليها أبواب الملاحقة والتضييق تحت عناوين محاربة الإرهاب بعد أن رمت نفسها في أحضانها سنوات طويلة من أجل المال والسلطة.
استخدام الورقة الطائفية في الخطاب السياسي تكتيك يتوقف نجاحه أو فشله على اعتبارات منها التوقيت والمواءمة، إضافة إلى ذات الموضوع وأهميته والشخصيات المتصدية لطرحه، وأخيراً الجمهور وعموم الرأي العام، كما يستغل الطرح الطائفي في معظم الأحيان من أجل خلط الأوراق وتحريف مسار الأحداث والأضواء المسلطة عليها، خصوصاً إذا كان أصحاب هذا الطرح محشورين ومضغوطين في زاوية صعبة أو كالغريق الذي بات يستنجد ويستغيث حتى بالقشة.رسالتي هذه ليست موجهة إلى آخر مثيري الفتنة الطائفية، فهناك قلوب ختم الله عليها وتشربت حتى النخاع الحقد والكراهية، وأصبحت مكشوفة لأقرب الناس لها، فتحولت إلى منبع للغباء والحماقة بحيث تضر سمومها أتباعها ومؤيديها قبل خصومها أو من تستهدفهم.خطاب الكراهية لعب دوراً مهماً مع الأسف خلال السنوات الماضية في تلميع بعض الشخصيات وإبرازهم كنجوم يطمعون في جمع الأصوات الانتخابية للوصول إلى بعض الكراسي السياسية، ولعبت الطائفية في الكويت كما هي الحال في معظم المجتمعات العربية والإسلامية في تأجيج عواطف الناس وتغليب مشاعرهم على حساب عقولهم، إلا أن هذه الموجة بلغت ذورتها وأعتقد أنها في بدايات الانحسار والتراجع، فكم من الغباء أن يحاول البعض التسلق على هذا الوتر النشاز بعدما طارت الطيور بأرزاقها!شهد العالم الإسلامي بأم عينيه ومن خلال صور حيّة نتيجة الطرح الطائفي والتغرير بالشباب تدريجياً حتى تحولوا إلى وحوش بشرية مهنتهم قطع الرؤوس وشرب الدماء وقتل الآمنين، وبعد كل النفخ والوعود من محرضيهم من مشايخ وخطباء وكتّاب، تركوهم في الصحارى والسهول لتفتك بهم أسلحة الجيوش وليقتلوا بعضهم بعضا بينما عاد أصحاب الأقلام والميكروفونات إلى قصورهم وتجارتهم ونفاقهم للحكام وكأن شيئاً لم يكن!لهذا لم تعد الكتابات التحريضية بذلك التأثير السحري والمغري، وبات من الغباء المكشوف واليائس التكسب السياسي من مقالة أو تصريح هنا وهناك، فأيضاً طارت الطيور بأرزاقها! لذلك لم نر أخيراً ذاك الصخب الإعلامي أو الاستنفار الشعبي والتعبئة المعلوماتية في وسائل التواصل الاجتماعي على مقالة أو تغريدة أو مقابلة تلفزيونية كما كانت الحال قبل سنتين أو ثلاث، وهذا هو المسلك الصحي والحضاري للتعامل مع مرضى الطائفية من خلال اللامبالاة والتطنيش وعدم إعطائهم ذَرّة من وقتنا وأعصابنا واهتماماتنا اليومية والمستقبلية كمجتمع وبلد له آماله وطموحاته.الجماعات الدينية و"الإسلام السياسي" تحديداً أصبحت محاصرة اليوم بعد أن أدارت لها الكثير من الحكومات ظهر المجن، بل فتحت عليها أبواب الملاحقة والتضييق تحت عناوين محاربة الإرهاب بعد أن رمت نفسها في أحضانها سنوات طويلة من أجل المال والسلطة، والحصار الآخر لمثل هذه التيارات المتطرفة بدأ يضرب من حولها من القطاعات المجتمعية ومؤسساتها المدنية وجمهورها، فلا مخرج لها إلا بالعودة إلى المبادئ والأخلاقيات التي حددتها الشريعة الإسلامية وآليات ترجمتها عبر الحوار وحسن الخلق والتسامح والتواضع والعلم المصاحب للحلم والمروءة، وإذا أرادت هذه الجماعات الانطلاق من جديد واستعادة ثقة الناس ومحبتهم فعليهم أولاً التخلص من بقايا الأغبياء والجهلاء ممن يفترض أنهم شبعوا من كل شيء ما عدا الحقد والكراهية للآخرين!
مقالات
منبع الغباء!
25-03-2014