على الرغم من الوعود التي أطلقتها الحكومة في الآونة الأخيرة لحل المشكلة الإسكانية والوعود الأخرى التي أطلقها أعضاء "مجلس الصوت" فإن ما طرحه وزير الإسكان أثناء مناقشة الأزمة الإسكانية لا يعدو كونه كلاماً إنشائياً مكرراً سبق أن طرحه وزراء سابقون كانوا يوزعون مشاريع إسكانية ضخمة على الورق، فيبيعون الوهم للمواطنين بدلا من مصارحتهم وكشف الحقائق أمامهم، أما وعود أعضاء "مجلس الصوت" بجعل حل الأزمة الإسكانية في مقدمة أولوياتهم فقد انتهت، كما كان متوقعاً، بتقديم توصيات غير ملزمة للحكومة وكأن هناك نقصا في التوصيات!

Ad

المشكلة في ما طرحته الحكومة أن عملية توزيع القسائم والبيوت السكنية على الورق تعطي آمالا كاذبة لمن ينتظر سكنا لأسرته، فالمشاريع الإسكانية ليست مجرد مخططات هيكلية وهمية بل مدن متكاملة من ناحيتي الخدمات العامة والبنى التحتية (طرق، كهرباء وماء، شبكة صحية، مدارس، مستشفيات ومراكز صحية، جمعيات تعاونية وخدمات اجتماعية) فهل باستطاعة الحكومة توفير ذلك كله خصوصا في المناطق السكنية البعيدة التي أعلنتها مثل شمال المطلاع والخيران والوفرة؟ أم أن مشاريعها الإسكانية ستبقى مدنا "ملعقة" من دون بنى تحتية وخدمات عامة مما سيشكل إزعاجا للمواطنين وضغطاً رهيباً على خدمات المدن القريبة منها لا سيما المدارس والمستشفيات والوحدات الصحية؟

الجدية في حل المشكلة الإسكانية التي يعانيها حتى هذه اللحظة أكثر من (107) آلاف أسرة تتطلب تنفيذ مجموعة من السياسات العامة التي يجب أن تتضمن، من ضمن أشياء أخرى بالطبع، منع احتكار الأراضي وفرض ضرائب تصاعدية على الأراضي الفضاء، وأخرى على أرباح المضاربات العقارية، وذلك للحد من الزيادة غير الطبيعية في الأسعار لا سيما أسعار أراضي السكن الخاص التي بلغت، في السنوات القليلة الماضية، أرقاما قياسية، فهل الحكومة قادرة على ذلك؟ أم أن مصالح بعض أعضاء السلطتين، خاصة من يمتلكون شركات عقارية وتمويلية كبرى، تمنعها من القيام بذلك؟

إن عجز الحكومة عن معالجة المشكلة الإسكانية وغيرها من المشاكل العامة مثل البطالة واختلالات الاقتصاد والقبول الجامعي والصحة والتعليم والبدون والزحمة المرورية والعمالة الهامشية والتركيبة السكانية، وفساد الجهاز الإداري ليس بمستغرب، فالعجز الحكومي هو انعكاس للخلل البنيوي في النهج المتبع في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، وهو الأمر الذي يتطلب إصلاحا سياسيا وديمقراطيا شاملا وعلاجا جذريا وليس مجرد مسكنات مؤقتة لا تتعدى تغيير الأشخاص.