تتسابق المؤسسات الإعلامية والأكاديمية الأوروبية هذه الأيام في نشر الدراسات والأفلام الوثائقية بمناسبة الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، التي دارت أحداثها في قلب أوروبا بين دول امتلكت من المستعمرات ومناطق النفود الكثير حتى اختل توازنها، وتلاعبت بعض الدول بموازين القوى حتى تحولت ضدها، فلم تجد أمامها إلا أن تخوض الحرب، وتعارضت المصالح بين الدول الكبرى، فواجهت بريطانيا تحديا من منافساتها فرنسا وروسيا وألمانيا، ومن الدول الجديدة كاليابان والولايات المتحدة.

Ad

 والتحديات التي واجهتها كانت في مختلف القارات، فالتحدي الروسي واجه بريطانيا في آسيا، والفرنسي في إفريقيا، والألماني في أوروبا، فشعرت بالخوف من العزلة، وحاولت بطبيعتها التوازنية الدائمة للعلاقات بين الدول المتنافسة أن تقلل من أعدائها أي العدو المحتمل، فدخلت في وفاق مع فرنسا وآخر مع روسيا؛ لمنعهما من الدخول في تحالف مع ألمانيا، فهل كان التنافس سببا لنشوء الحرب أم أن الاتجاه البريطاني كان نحو التسوية؟ سؤال يتردد على الأذهان حتى يومنا هذا؛ لذا فقد اختار أنصار النظرية البنيوية الرؤية التي تتفق مع البنية التعددية للنظام العالمي في فترة ما قبل الحرب كدافع لبعض الدول لبناء تحالفات، والبعض الآخر وقع أسيراً للمخاوف من العزلة، الأمر الذي ساهم في اندلاع الحرب.

وبما أن للثورات في تفسير الحروب نصيباً، فقد ارتبطت فترة اندلاع الحرب 1914 بانتشار الثورة الصناعية في أوروبا، والثورة أيضا بوسائل النقل وازدياد التبادل التجاري، فاحتفظت بريطانيا بمكانتها، وتلتها فرنسا، فنظرت الدول الأوروبية إلى ما وراء الحدود لعلها تجد المواد الأولية والأسواق، وصعدت طبقة رجال الأعمال تنظر للاستثمار، فأطلت الدبلوماسية الاقتصادية بوجهها التجاري، حيث تم تسخير السياسة الخارجية لخدمتها ومساعدة رجال الأعمال آنذاك، فاتجهت رؤوس الأموال البريطانية إلى آسيا وأميركا.

أما القوميات فقد تعاظمت فكرتها ونشطت الهويات فأعلن الإمبراطور النمساوي الحرب على صربيا بعدما شعر بالإهانة بعد اغتيال ولي عهده، وأسماها البعض "إهانه قومية"، وفي الوقت ذاته شعرت ألمانيا بالتطلع للهيمنة على أوروبا فدفعها شعورها إلى إشعال الحرب لتحقيق أطماعها التوسعية في أوروبا وخارجها، كخط برلين بغداد ووسط إفريقيا، فتوسعت في التسلح وفتحت المجال أمام التيارات الاشتراكية والليبرالية في العمل، الأمر الذي أشعل تنافسا وحروبا داخلية، وبعد هزيمتها هرب الإمبراطور الألماني إلى هولندا دون محاكمة، ونشر مذكراته التي اتهم فيها بريطانيا باكتناز الذهب قبل الحرب وفشل التحالفات.

خلاصة الأمر أنه رغم قلة عدد الباحثين العرب في أدبيات الحروب العالمية فإنها في زمننا هذا بالغة الأهمية، وذلك لأسباب كثيرة منها ارتباط نشوب الأزمات بالهويات والقوميات والتكتلات والأحزاب الداخلية، والسبب الآخر مرتبط بتشكيل الأحلاف، والذي يتطلب نظاماً محكماً، فقد تصبح أحلافا توافقية وفي ظروف أخرى تصبح أحلافا ذات صفة غامضة تدفعها الرغبة في الهيمنة كما حدث في أوروبا قبل مئة عام.

كلمة أخيرة:

 إذا كان الجميع متفقاً أننا في حاجة إلى جامعة حكومية أخرى فلمَ لا تبقى جامعة الكويت في مكانها الحالي، وتصبح مدينة الشدادية هي الجامعة الحكومية الثانية؟

وكلمة أخرى:

 فتح برامج الدكتوراه في الكويت وسيلة فعالة للقضاء على مرتادي الدول الآسيوية للسياحة التعليمية.