العراق... احتمالات مؤلمة!

نشر في 20-06-2014
آخر تحديث 20-06-2014 | 22:00
 يوسف عوض العازمي لما نتفكّر في الأوضاع المؤسفة الجارية حالياً في العراق الشقيق وتداخل الأسباب وتلاعب السياسيين بتصريحاتهم وألفاظهم في حين يتساقط مئات الأبرياء العزل بلا ذنب، نجد أننا نتفكر في حرب تمتلئ بالاستفهامات!

هل عندما تثور العشائر في الموصل وتستولي على المدينة بدون مقاومة من الجهات الأمنية الحكومية، وفي نفس الوقت تطبق قوات "البشمركة" الكردية سيطرتها على كامل مدينة كركوك المليئة بالنفط وبدون أي مقاومة، وبعدها يصرح تلفزيونياً رئيس وزراء كردستان البرزاني أن وضع كركوك بعد سيطرة "البشمركة" لن يعود كما كان، ويعتبر السيطرة "أمراً واقعاً" يجب الاعتراف به، هل هذه مصادفة؟ ومن ثم تستدعي قوات "البشمركة" متقاعديها للالتحاق بوحداتهم العسكرية، وهذا لا يتم إلا لضرورة قصوى، أم أن ما يحدث أمر روتيني، واختبار عادي للجاهزية والاستعداد، إلا أن القصة فيها ما فيها؟!

الآن العراق فعلياً وعلى أرض الواقع قد تم تقسيمه إلى ثلاث دول، وما كان مستحيلاً حتى قبل أيام نراه بأم العين واقعاً الآن! وما لم تحدث معجزة فإننا أمام واقع جديد لم يكن على البال أبداً.

لاحظت أن ردود الفعل الأميركية على نداءات رئيس الوزراء المالكي واستغاثاته لا تزال سلبية، وإدارة أوباما تتعامل ببرود تجاهه، أما إيران فقامت بإطلاق نداءات، وهي قطعا ليست عفوية لتجنيد الشبان؛ للدفاع عن المراقد الشيعية في العراق وحمايتها! لاحظ معي التجنيد الإيراني للمراقد الشيعية، أي في جنوب العراق فقط!

تركيا وبطريقة أيضا لا تخلو من العفوية تعلن أنها على استعداد للدفاع عن العرب السنّة!

نحن أمام اختلاط أوراق غير عفوي، والواضح أننا أمام واقع جديد تم ويتم ترتيبه بعناية ودقة، واهتمام.

لو تابعنا حركة السفر السياسية خلال الشهرين المنصرمين لخرجنا باستنتاجات قد يكون معظمها صائباً، بالطبع قد تلاحظ أني لم أذكر "داعش"! ودوره المزعوم فيما يحدث حاليا، والحقيقة التي أثبتت أن ذلك التنظيم تشوبه شبهات كثيرة، ليس أولها تعاونه الفعلي مع إيران ونظام الأسد، وما يجري في سورية خير شاهد، لذا فهو حسب الواقع مجرد فزاعة، قد انتهى الدور المرسوم له أو قارب على الانتهاء، و"داعش" بالذات عليه شبهات كثيرة فيما يحدث!

لو نظرنا إلى ردود الفعل السورية لوجدناها بطريقة "أنا الغريق وما خوفي من البلل"، هكذا كانت ردود فعل نظام الأسد، وكان تركيزه الفاضح على "داعش"، كتركيز صاحبه وحليفه المالكي، ورد الفعل السعودي على ما يحدث كان واضحاً، وهو تكرار للاتهام بطائفية الحكومة العراقية، وتصريح الفيصل بأن العراق على شفا الدخول بحرب أهلية، وتفهم التصريحات السعودية أحيانا بعدة تفسيرات، وتبقي الباب مفتوحا أمام أي تفسير، وهي سياسة متوازنة، لها مصداقية في مثل هذه الظروف.

يبقى الأردن وهو دولة ذات خبرة في التوازنات الإقليمية، وردود فعله حتى الآن بإمساك العصا من منتصفها والأردن يتعامل مع الوضع كعادته بذكاء.

ومثّل استدعاء الإمارات لسفيرها في بغداد للتشاور مفاجأة وضربة غير متوقعة لحكومة المالكي، خاصة بعد البيان الإماراتي الشديد اللهجة وإلقائها اللوم على المالكي في ما يحدث، وفي هذا التصرف الإماراتي رسائل عديدة مقصودة ومفهومة، وهو تصرف فيه فطنة وذكاء، وواضح فيه التنسيق مع السعودية.

أما الكويت صاحبة السياسة الرزينة الممتازة فلا يزال تعاملها حكيماً وفيه بعد نظر، وسمو الأمير حفظه الله ورعاه خبير ومحنك بمثل هذه الظروف، ولا خوف على الكويت بإذن الله... وتبقى أحداث العراق تحمل احتمالات عديدة، أكثرها مؤلمة!

back to top