خطأ البحرين... وحصار مصر!

نشر في 20-02-2014
آخر تحديث 20-02-2014 | 00:01
 عبدالمحسن جمعة مرت الجمعة الماضية الذكرى الثالثة للتحركات الشعبية البحرينية المطالبة بالإصلاح وتعزيز الديمقراطية في المملكة الشقيقة التي تحولت مع الوقت إلى تحرك ذي طابع عنفي - طائفي بعد أن أصبح رجال الدين من المعممين هم قادة ورموز تلك التحركات، وتحولت الاعتصامات السلمية إلى مجموعات من ملقي قنابل المولوتوف والقنابل المسمارية المصنعة محلياً، ويعبر عن ذلك الحراك أشرطة التحريض التي يسجلها رجال دين شيعة متطرفون.

من المؤسف أن ينتهي الحراك الشعبي الإصلاحي الديمقراطي البحريني المتجذر مما يقارب الثمانين عاماً في التراث البحريني بانقسام مذهبي مضر حذر منه كل محب ومساند للمطالب الشعبية البحرينية منذ أن خرج الشيخ علي السلمان بعمامته ليمثل حركة سياسية مطلبية روادها كانوا من السنة والشيعة معاً، ومنذ أن امتلأ دوار اللؤلؤة المفقود بالرموز الدينية والمتطرفين المذهبين علمنا أن هذه الحركة ضربت في مقتل وتحولت إلى مطالبة لطائفة وليست لأمة.

ومع كل تلك الأخطاء الكبيرة يخرج علينا الجمعة الماضية الشيخ علي السلمان على قناة المنار بـ"عمامته" – التي نحترم قيمتها الدينية – ليكمل الخطأ ويكون المتحدث والرمز للحراك البحريني، ليجدد تكريس الطابع الطائفي الذي غدت عليه المعارضة البحرينية، والغريب أن الشيخ السلمان يصف في لقائه ذلك النظام في البحرين بأنه "قبلي"، بينما هو بهيئته الدينية يعطي دلالات خطيرة بأن البديل عن ذلك النظام المستقر سيكون طائفياً مدمراً ومفتتاً للدولة والمجتمع البحريني، لاسيما أن الشكل القبلي للنظام يمكن تطويره بالنظم السياسية الحديثة إلى "الملكية الدستورية" المجربة والناجحة في العديد من الدول، أما النظام الديني الطائفي فلا مستقبل له إلا الدمار والدم، ولذلك نقول لكل من قاد الحراك البحريني بهويته الدينية الطائفية إنكم ارتكبتم أفدح الأخطاء في حق بلدكم، كما تفعل كذلك كل الحركات الإسلامية السياسية السنية في مصر وسورية، في ما عدا تونس التي أفلتت بسبب عقلانية التيارات الإسلامية السياسية فيها.

***

فشلت منذ أيام جولة المحادثات الأخيرة بين مصر وأثيوبيا، بشأن إيجاد حل في ما يتعلق بسد النهضة الذي تقيمه حكومة أديس أبابا على مجرى نهر النيل، والذي ترى فيه القاهرة تهديداً جدياً ووجودياً لها بسبب كونه سيحد من حصة مصر التاريخية من مياه نهر النيل، الجانب المصري أرجع فشل المحادثات إلى التعنت والتعالي الأثيوبي أثناء المحادثات، وعدم رغبته في تحكيم الاتفاقيات التاريخية، وهو أمر بالغ الخطورة، وسيدفع مصر والسودان إلى إعادة جميع الخيارات للتعامل مع هذا الوضع الجدي.

هذا التطور الخطير إضافة إلى ما يحدث في سيناء من عمليات إرهابية وفوضى على حدود مصر مع ليبيا، بسبب الحركات الأصولية الإرهابية والقلاقل الداخلية بسبب الذراع العسكرية للإخوان المسلمين وحركة حماس في جميع أنحاء مصر، والتحريض والتشجيع الأوروبي الأميركي للإخوان المسلمين، كل ذلك يؤشر إلى أن ما يحدث لمصر هو مؤامرة محبوكة تتمثل بحصار وعمليه إلهاء ومناوشات لإنهاك البلد وإسقاط الدولة وتقسيمها بعد إغراقها بالفوضى لعدة سنوات، وهي قضية أمن قومي لكل العرب لا يمكن التسامح والتساهل معها، ولذلك لم يعد الكثيرون مهتمين بثورة وادعاءات بأن الديمقراطية تضرب هنا أو هناك في أرض الكنانة، عندما تصبح مصر قلب الأمة على كف عفريت، بل يجب علينا جميعاً كعرب أن ندعم أي قائد مصري يمكنه أن ينقذ مصر من هذه المؤامرة الكبرى، ويضع جند مصر أمام واجبهم ومهامهم التاريخية التي طالما قام بها أسلافهم على مر التاريخ.

back to top