تبنى الدول على أربع، الأرض والشعب والحكومة والسيادة.

Ad

وإن أصاب خلل أياً من هذه العناصر والتكامل بينها، فإنه يصيب الدولة في مقتل، ويجعلها شيئاً آخر، وقد تتحول إلى دولة "فاشلة" أو "هشة".

بدأت "الدولة الرباعية" في التشكل بعد معاهدات ويستفاليا بأوروبا في ١٦٤٨، والتي أنهت حربي الثلاثين والثمانين سنة. ومن ثم انطلق نموذج الدولة الذي نعرفه اليوم مرتكزاً على الشعب وبالتالي الجنسية كمفهوم حديث.

كان الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، يخطط للاستقلال منذ بداية الخمسينيات، لذا صدر قانون الجنسية ١٩٥٩، تحضيراً للاستقلال. وهو من أكثر القوانين عرضة للتعديل، وأغلبها تعديلات تتشدد في منح الجنسية، وهو أمر مفهوم. فالبلد صغير، وموارده عالية، ومنفتح نسبياً، والمنطقة مضطربة، مما جعله محطة جاذبة.

حالما استقلت البلاد سنة ١٩٦١، تقرر التحول لنظام ديمقراطي، وتم انتخاب مجلس تأسيسي لوضع الدستور، وحيث إن الانتخاب يرتكز على الجنسية، دخلت الجنسية أتون السياسة مبكراً، في وقت لم يكن عود قانون الجنسية قد صلب بعد، ودخلت الجنسية في السياسة أو العكس من أوسع الأبواب، وصار تسييس التجنيس قضية مكررة ومطروحة ومازالت وستستمر. وتصبح أكثر خطورة على المجتمع عندما يتم احتكار الجنسية منحاً أو سحباً من قبل سلطة مطلقة. فقد تمنح الجنسية لمن لا يستحق وتمنعها عمن يستحق، وهي خاضعة للتغير، فمن نمنحه الجنسية يوماً قد نسحبها منه لاحقاً، حسب الريح والأجواء والهوى السياسي، والحديث في ذلك يطول.

كانت البدايات في نقاشات لجنة الدستور سنة ١٩٦٢ حول مفهوم الجنسية، وموقعها في الدستور، ومنحها وسحبها، والضمانات الممنوحة من عدمها للمواطن، والتخوف من السلطة المطلقة في مسألة التجنيس وعلاقتها بالانتخابات، وبالذات في الجلسات الثالثة والثامنة والتاسعة والحادية والعشرين، وعلى الأخص ذلك النقاش الذي جرى بين الشيخ سعد العبدالله وحمود الزيد الخالد رحمهما الله، وقد نعود لذلك لاحقاً.

ومع تطور الأشياء وتعقيدها، وبدلاً من التخفيف من مركزية وغياب الشفافية عن مسألة التجنيس، وفتح المجال للمتضرر أن يلجأ للقضاء، سارت الأمور عكس ذلك تماماً، وصار تسييس التجنيس واقع حال، وكان ما جرى مؤخراً من سحب سياسي للجناسي صورة من ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وللحديث بقية