ما قل ودل: لكي لا تضل المقاييس في انتخابات الرئاسة المصرية (1-2)

نشر في 15-06-2014
آخر تحديث 15-06-2014 | 00:01
 المستشار شفيق إمام الزعم بنجاح المقاطعة

تعرضت انتخابات الرئاسة المصرية من قناة الجزيرة وبعض القنوات الفضائية الغربية التي تنقل عن هذه القناة أكاذيبها، وعلى صفحات اليوتيوب وفي بعض وسائل الإعلام الخارجية لزعم باطل، وهو أن حملة جماعة الإخوان وتحالف عودة الشرعية نجحا في مقاطعة انتخابات الرئاسة، لأن نسبة الإقبال على هذه الانتخابات كانت ضعيفة حسب زعمهما مقارنة بانتخابات الرئاسة التي فاز فيها الرئيس المعزول.

وقد ساعد على تصديق هذا الزعم لدى البعض الذي يغيب عنه المشهد السياسي الصحيح في مصر، الصور التي تناقلتها وكالات الأنباء عن قناة الجزيرة بل عن القنوات الفضائية المصرية لبعض مراكز الاقتراع، وهي خاوية على عروشها، ومد الانتخابات ليومين متتالين، والتهديد بتوقيع غرامة 500 جنيه على من يتخلف عن التصويت، وارتفاع نسبة الأصوات الباطلة.

وهو ما سنتناول تحقيقه فيما يلي:

تراجع المشاركة... محدوديته

والذي يحلل نتائج انتخابات الرئاسة سنة 2012 في الجولتين يجد أن نسبة المشاركة في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة عام 2012 كانت 46.42% وهي أقل من نسبة المشاركة في انتخابات الرئاسة عام 2014 التي بلغت 47.45%، وأن ارتفاع نسبة المشاركة في الجولة الثانية في انتخابات الرئاسة عام 2012 إلى 51.85% يعزى في رأي الكثيرين إلى بطاقات التصويت المزورة التي سودت لمصلحة الرئيس المعزول في المطبعة الأميرية ومطبعة الشرطة قبل إرسالها إلى لجان التصويت، والتي كشفتها أكثر من 20 لجنة تصويت، وكانت لجنة الانتخابات الرئاسية السابقة قد تغاضت عن هذا الموضوع على سند من أنه لم يكن مؤثراً في النتيجة النهائية، تحت الضغوط التي تعرضت لها اللجنة، بعد أن اعتصم الملايين في ميدان التحرير، وهددت الجماعة بحرق البلاد وحمامات من الدم إن لم يعلن فوز مرسي، وكانت باقي اللجان قد تغاضت عن هذه البطاقات تحت هذه الضغوط أيضاً، كما شكل هاجس فوز الفريق أحمد شفيق في انتخابات الإعادة خطر عودة نظام مبارك وفشل الثورة، وهي الفرية التي أطلقتها جماعة الإخوان.

والواقع أن تراجع المشاركة في انتخابات الرئاسة الأخيرة كان تراجعاً محدوداً، لم تزد نسبته على 4.4% وهي نسبة محدودة جداً لا ترقى إلى أن تكون دليلاً على أي مقاطعة شعبية واسعة لخارطة الطريق في أهم محطة من محطاتها وهي انتخابات الرئاسة، وكان نجاح هذه المقاطعة هو المحاولة الأخيرة لجماعة الإخوان لإثبات وجودهم على الساحة السياسية أمام العالم، عندما فشل إرهابهم الأسود في إثبات ذلك، ولم يعودوا يحلمون بتمثيل مشرف في البرلمان القادم، فقد عزلهم إرهابهم عن الناس الذين كانوا يصدقون دعوتهم إلى تطبيق شرع الله، فأصبحوا يتصدون لهم في تظاهراتهم، ويبلغون عنهم وعن جرائمهم الإرهابية.

اختفاء الناخب

والواقع أن تراجع المشاركة المحدود في هذه الانتخابات، وإن كانت له أسبابه الخاصة، فإنه ظاهرة عالمية؛ لهذا فإن هذه النسبة المحدودة لم تقنع العالم بوجود جماعة الإخوان المسلمين على الساحة السياسية في مصر، لأن العالم كله يعاني تراجع المشاركة الانتخابية، حتى في الدول المتقدمة ديمقراطياً، لأن طول الممارسة الديمقراطية في هذه الدول، والنتائج المحسومة للأحزاب الكبرى أصابت بعض المواطنين بالملل والضجر من التوجه إلى صناديق الانتخاب، وهو موضوع تناولته الأبحاث في الدول الغربية، حيث نشرت جامعة هارفارد عام 2012 دراسة بعنوان اختفاء الناخب.

المشاركة والثقافتان السياسية والديمقراطية

ومن المؤكد أن الإقبال على المشاركة في الانتخابات يرتبط بالثقافتين السياسية والديمقراطية، وهما ثقافتان غائبتان عن مصر منذ أكثر من ستين سنة، أيقظتها ثورة 25 يناير، ثم واجة الشعب الإحباط تلو الإحباط، في كل استفتاء وكل انتخابات بعد هذه الثورة، فقد أحبط الشعب الذي توجه للاستفتاء في 19 مارس 2011 على التعديلات الدستورية لدستور 1971، وأحبط عندما صدر إعلان دستوري في 30 مارس 2011 أسقط هذا الدستور والاستفتاء لم يجف مداده بعد، وأحبط الشعب مرة أخرى في الانتخابات البرلمانية التي جرت لمجلس الشعب والتي حصل فيها التيار الإسلامي على نسبة كبيرة من المقاعد، وهي الانتخابات التي جرت في 28 /11/ 2011 وهو ما أحبط الناخبين نتيجة ضعف أداء هذا المجلس، وعدم تصديه للقضايا الأساسية التي قامت ثورة 25 يناير لتحقيقها، فكان الإقبال ضعيفا على الانتخابات التي تلتها لمجلس الشورى في 29و30 /1/ 2012.

وأحبط الناخبون مرة أخرى بعد نجاح مرسي في انتخابات الرئاسة في يونيو 2012، وتوليه سدة الحكم في 30 يونيو، والذي أخلف كل وعوده، وأساء استخدام سلطاته، ليطالب الشعب برحيله في ثورة 30 يونيو عام 2012.

كل هذا الإحباط قد أثر سلبا في قطاع من المصريين امتنع عن التوجه للمشاركة في الانتخابات الرئاسية أو شارك وأبطل صوته، لأن الثورة لم تحقق له شيئاً.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.

back to top