أحتاج «واسطة» في وزارة المواصلات!
المؤسسات الحكومية بكل اختصار وتبسيط هي «عذابنا» المطلق والوحيد، ومن لا يعجبه الأمر من المواطنين فليشرب من ماء البحر، ويرجع مرة أخرى ليكابد نفس العذاب!
منذ أسابيع وهاتف منزلي مقطوع، فذهبت كشأن أي مواطن ملتزم بالنظم القوانين إلى مقسم وزارة المواصلات لأستفسر عن السبب، فقيل لي ادفع الفاتورة، ففعلت وبقيت لأيام بعدها أنتظر عودة الخدمة فلم يحصل شيء!ذهبت بعدها إلى المقسم مجدداً، فقيل لي هذه المرة إن صندوق الألياف الضوئية الذي يغذي منزلي "عطلان"، وان عليَّ الاتصال هاتفياً بالقسم الفني المختص لإصلاحه، فامتثلت كذلك كشأن كل المواطنين الملتزمين باللوائح والنظم، وبعد محاولات عديدة أجابوني، وأخبرتني الموظفة بأنهم سيبعثون فنيا لإصلاح الخلل، وهنا سألت: متى؟ ويبدو أن السؤال لم يرق كثيراً لمزاج الموظفة، فالمواطن الملتزم بالنظم والقوانين يجب ألا يسأل، فأجابت بنبرة توبيخية: لا أعرف، ربما خلال يوم أو يومين أو أسبوع أو أكثر!
بطبيعة الحال، لم تعجبني الإجابة، عفا الله عني.ليس عندي مشكلة في الانتظار لمدة قد تطول، لأنه إن كانت مواعيد الخدمات الطبية الضرورية في مستشفيات الكويت قد صارت تصل إلى الشهرين والثلاثة وأحياناً أكثر، فمن الطبيعي أن تصل مواعيد وزارة المواصلات إلى مثل ذلك وربما أكثر، لكن الجزء الذي ضايقني في المسألة ألا يوجد موعد محدد. فقط إذهب وسنبعث لك فنياً لإصلاح الخلل في يوم من الأيام!حاولت أن ألح على الموظفة أن تعطيني موعداً ولو على وجه التقدير: فأجابتني بكلام كثير معناه "احمد ربك أننا أجبنا على اتصالك أصلاً"! الحكاية تنتهي هنا تماماً، نعم تنتهي تماماً هنا، فالهاتف لا يزال مقطوعاً منذ أشهر، والفني العظيم لم يُبْعَث حتى الساعة، ولا أدري مَن أخاطب أو لمن أشتكي.وأعترف لكم بأن لا مزاج لي للشكوى أساساً، وذلك حتى لو علمت إلى أين أتوجه. فأنا أدرك بأنه سيكون جهداً ضائعاً وإزعاجاً نفسياً بلا فائدة، لأن في الطرف الآخر لا يوجد ما يجبر "وزارة المواصلات" على الاستجابة لطلبي ولشكواي، وهي في ذلك ليست حالة شاذة، فحالها في ذلك حال كل المؤسسات الحكومية في الدولة.المؤسسات الحكومية عندنا ما عادت تكترث لما يسمى بجودة الخدمة، فليست هي التي تخاف الرقابة والمحاسبة من أي طرف، وليست هي التي يزعجها ما يثار في الإعلام، وليست هي التي تخشى من تردي السمعة، وليست هي التي في موقع المنافسة ويقلقها أن يتجه الناس إلى مزود آخر للخدمة... المؤسسات الحكومية وبكل اختصار وتبسيط هي "عذابنا" المطلق والوحيد، ومن لا يعجبه الأمر من المواطنين فليشرب من ماء البحر، ويرجع مرة أخرى ليكابد نفس العذاب!وأصدقكم القول بأن هاتف المنزل لا يعنيني كثيراً، فنادرا ما يستخدمه أحد، لأن الجميع صاروا يعتمدون على الهواتف المحمولة، والسبب الوحيد الذي جعلني أكترث قليلاً لأمره هو خدمة الانترنت المرتبطة به التي انقطعت بدورها.والآن يتضح لي بجلاء أن لا فائدة من محاولة أن أسلك الطرق الرسمية والنظامية عبر المقسم وعبر الوزارة كما يفترض بالمواطن الصالح أن يفعل، ولو كان بإمكاني أن أصلح "الصندوق العطلان" من جيبي مباشرة لفعلت بلا تردد. واضح أن لا سبيل لاستعادة خدمة هاتفي المفقودة إلا بالعصا السحرية الشهيرة: الواسطة... فهل عندكم واسطة يا جماعة؟!