قتل... تفجير... تدمير... لكن إلى متى؟

نشر في 07-01-2014
آخر تحديث 07-01-2014 | 00:01
لماذا غدونا زبائن دائمين عند المنظمات الدولية طلباً للغذاء وبلادنا أغنى بلاد الدنيا إنتاجاً له، نطلب السكن ومدننا من أعرق مدن العالم، نطلب العزة والمساندة وكتابنا الكريم يجزم بأننا «خير أمة أخرجت للناس»، وتزداد أرقام الضحايا نتيجة لصراع أقطاب وأحزاب ومنظمات مختلفة الأهواء والمشارب؟
 يوسف عبدالله العنيزي انتشرت في المدة الأخيرة ظاهرة بروز بعض الشباب الذين آمنوا بربهم ودينهم، فمارسوا أسلوب الدعوة ونشر الوعي الديني في المجتمع، لكن بعضهم نصَّب نفسه وصياً على المجتمع بكل فئاته وأطيافه، وفي اعتقادي أن كتاب الله وما يحتويه بين دفتيه من أوامر ونواهٍ لو أخذ بها أي مجتمع لغدا يلامس الكمال، ويكمل هذه الصورة الرائعة المشرقة الحديث الشريف بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

أين هؤلاء الشباب الدعاة الكرام مما يحدث في عالمينا العربي والإسلامي، وقد سادت الأحقاد ونُزعت الرحمة من النفوس؟ فإذا ما قمت بإدارة مؤشر الراديو إلى أي من المحطات الإذاعية أو الفضائيات التلفزيونية والصحف والمواقع الإلكترونية فستصدمك قائمة من الأخبار المؤلمة، مئات القتلى والجرحى في هجوم انتحاري على مستشفى في صنعاء، سقوط صواريخ على بعض أحياء دمشق، قتلى وجرحى في انفجار سيارات مفخخة في القاهرة... بغداد... ليبيا... تونس... السودان، وقائمة لا تنتهي من مظاهر الحقد والكراهية.

والأدهى أن نرى أجهزة الإعلام تتسابق في نشر وعرض تلك المشاهد المأساوية ويبدأ كل جهاز إعلامي بنفخ الكير تحت النار ليزداد أوار الفتنة اشتعالاً، وتوغر الصدور بالأحقاد، ولا تتورع تلك الفضائيات من استخدام صور الأطفال، وقد شوهت الأسلحة، ومنها الكيماوية، أجسادهم الطرية، يتم عرض تلك المشاهد المؤلمة أمام أطفالنا دون مراعاة لمشاعرهم بمناظر تدمع لها القلوب قبل العيون، ونحتار بماذا نجيبهم على استفسارهم عمّن قتلهم؟

كم هو مؤلم منظر ذلك الملثم الذي حاول أن يستر نفسه بقناع الخزي والعار، وهو يطلق النار على طفلة لم تتجاوز التاسعة من عمرها جاءت للمستشفى العسكري في صنعاء تبحث عن الشفاء، فكان هذا الوحش بانتظارها رافعاً شعار الجهاد من أجل نصرة الدين، والدين منه براء.

فالإسلام دين الرحمن الرحيم، الدين الذي نهى عن قطع شجرة، فما بالك بحصد الأرواح؟ بماذا تجيب رب العالمين عندما يسألك "بأي ذنب قتلت"؟ وينسحب هذا السؤال على كل من قام بالدعم أو التأييد أو التمويل.

 ترى ما حجم هذا الكره والحقد الذي غُرس في النفوس؟ ونتساءل أين مشايخنا مما يحدث؟ هل يعقل أن يكون الأطباء والعاملون في المستشفى أهدافا لحفنة امتهنت القتل باسم الجهاد؟

هذا السؤال نوجهه إلى كل ذي عقل: أيهما أقرب إلى ثواب الله وغفرانه هذه الكوكبة من الأطباء والعاملين معهم الذين نذروا أنفسهم لخدمة الإنسان والإنسانية أم تلك الحفنة التي تخلت عن إنسانيتها وامتهنت القتل باسم الجهاد؟ ثم إلى متى نرى تلك الدماء التي تسيل في شوارع المدن العربية بأيدٍ عربية وأموال عربية، بالأمس كنا نرى اللاجئين الفلسطينيين الذين شردتهم العصابات الصهيونية، واليوم نرى اللاجئين الذين شردوا من إخوان لهم في العروبة والدين من أبناء وطن واحد، نرى أعداد اللاجئين في ازدياد ومخيماتهم في اتساع ينقلون من مدينة إلى أخرى ومن منطقة إلى منطقة، نساء وشيوخ وأطفال لا يدركون لماذا شردوا؟ لماذا طردوا من بيوتهم وقراهم؟ فيكبرون ويكبر الحقد والكره في نفوسهم، وتستمر دورة القتل والموت، وينتهز البعض هذه الأوضاع ليعلن الفتوى بجواز أخذ الجواري والسبايا ونعود إلى حروب "داحس والغبراء"، لكن ليس بسلاح السيف والرمح بل بسلاح الصاروخ والكيماوي.

لماذا غدونا زبائن دائمين عند المنظمات الدولية طلباً للغذاء وبلادنا أغنى بلاد الدنيا إنتاجا له، نطلب السكن ومدننا من أعرق مدن العالم، نطلب العزة والمساندة وكتابنا الكريم يجزم بأننا "خير أمة أخرجت للناس"، وتزداد أرقام الضحايا نتيجة لصراع أقطاب وأحزاب ومنظمات مختلفة الأهواء والمشارب؟

دعاؤنا أن يحفظ الله الكويت من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ومن القلب ندعو الرحمن أن يحفظ هذا الوطن وقيادته وأهله من كل سوء ومكروه.

back to top