يؤكد فنانو الكاريكاتور المصريون أن رحيل مصطفى حسين سيؤثر سلباً على هذا الفن، مشيرين إلى أن ثمة مواهب تنتظر الفرصة لاستغلالها، وأن حسين  استفاد من صداقته للكاتب الساخر أحمد رجب فشكلا معاً ثنائياً ناجحاً.

Ad

  

رسام الكاريكاتور في مجلة «أكتوبر» الفنان فوزي مرسي، عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للكاريكاتور، يرى أن مصطفى حسين فنان كبير يصعب تعويضه، فبصماته في الكاريكاتور واضحة، وكانت أعماله أول ما يقرأه الجمهور فور شرائه جريدة «الأخبار».

يضيف: «شكل حسين مع الكاتب الساخر أحمد رجب ثنائياً ناجحاً، فرفعا مستوى الأعمال وسقف نقد وزراء الحكومات المصرية المتعاقبة، خصوصاً في الصحافة القومية، وكانا الوحيدين اللذين ينتقدان المسؤولين في مجموعة رسومات «فلاح كفر الهنادوة».

يتابع: «أعطى مصطفى حسين الكاريكاتور مذاقاً خاصاً، فشكل مدرسة فنية مختلفة عن أي فنان آخر، وحُوّلت شخصياته إلى مسلسلات تلفزيونية ناجحة، وتتلمذ كثر على يديه»، موضحاً أن من يعملون في هذا المجال حالياً افتقدوا الأب الروحي لهم،  رغم وجود مواهب شابة  مبشرة بالخير، «نأمل في أن يعوضنا الله بمثل هذا الفنان الكبير في القريب العاجل».

يشير مرسي إلى أن قلة الجرائد والمجلات في فترة شباب الراحل العظيم أسهمت في انتشاره وساعدته في التألق مع  توافر موهبة كبيرة لديه، لافتاً إلى أن الجمعية المصرية للكاريكاتور  تحاول الترويج لهذا الفن بشتى الطرق، واستحدثت، لهذه الغاية، مواقع إلكترونية ونظمت معارض، مثل معرض {مصر والهند} بالتعاون مع المركز الثقافي الهندي الذي كان بمثابة نقلة نوعية في فن الكاريكاتور في مصر، بالإضافة إلى الملتقى الدولي للكاريكاتور بمشاركة 250 رساماً على مستوى العالم، كمحاولة لحماية هذا الفن من الاندثار.

مصر ولّادة

عماد عبدالمقصود، رئيس قسم الكاريكاتور في مؤسسة {روز اليوسف}، يؤكد أنه لا يخشى على الكاريكاتور من الاندثار، رغم رحيل الفنان الكبير وموهبته الفذة، لأن كثرة المطبوعات الصحافية والمواقع الإلكترونية والمدونات، تصب في مصلحة هذا الفن الذي بدأ مع الفنان صاروخاً في العصر الحديث.

 يضيف: {مصر ولّادة وثمة مواهب تحتاج فرصة واكتساب خبرة. لم يبدأ مصطفى حسين فناناً كبيراً مشهوراً، بل صعد السلم من أوله، وهذه سنّة الحياة فمن لديه موهبة حقيقية يحتاج خبرة كي ينتشر ويشتهر}.

يأسف عبدالمقصود لما وصلت إليه حال الكاريكاتور في بعض المطبوعات الصحافية، فبعض الجرائد والمجلات لا يدرج  هذا الفن ضمن اهتماماته، وثمة من يضعه في أماكن غير مميزة أو مساحة صغيرة، وفئة ثالثة  لا تعيره أي اهتمام ولا تستعين برسام من الأساس، وتعتبر وجوده أحد أنواع الرفاهية المفرطة، مرجعاً خبرة مصطفى حسين إلى اهتمام مؤسسة {أخبار اليوم} بفن الكاريكاتور ما ساعده في التألق والانتشار.

يوضح في هذا الإطار: {المؤسسة التي لديها موهبة مثل مصطفى حسين، وتحاول التضييق عليها وعدم الاهتمام بها يجب محاسبتها، لا ننسى أن قراء جريدة {الأخبار}،  كانوا  يتصفحونها ابتداء من الصفحة الأخيرة التي كان تضمّ  رسوم مصطفى حسين، فهو فنان عالمي يستحق أن توضع لوحاته في أكبر متاحف العالم من دون مبالغة}.

يختم: {لكل موقف كان  حسين يوظف له شخصية مختلفة، فمن المستحيل أن تجد شخصيتين من إبداعاته يشبهان بعضهما».

شخصيات حية

فنان الكاريكاتور في {مجلة الإذاعة والتلفزيون} الدكتور سامي البلشي يرى أن مصطفى حسين  كان فناناً متمكناً يملك أدواته جيداً، استفاد من الكاتب الساخر أحمد رجب الذي كان له دور في الشخصيات التي كان يرسمها حسين، بالإضافة إلى خفة الدم التي كان يتمتع بها رجب، {وهو ما كنا نراه ونقرأه في كثير من أعمال الراحل العظيم، فرجب صاحب فكرة أن تكون الشخصيات الكاريكاتورية حية بين الجمهور، ومن ينسى شخصية {الكحيت} أو شخصية {فلاح كفر الهنادوة} التي عاشت بين الناس 14 سنة}.

يلفت البلشي إلى أن مصطفى حسين كان يميل، بعض الشيء، إلى النظام الحاكم ويقول: {عندما كان نظام مبارك يأخذ موقفاً عدائياً من أي دولة عربية، كان حسين يسارع إلى التصفيق له، من خلال رسوماته، وأيضاً كان يتوافق مع مواقف نظام الحكم داخلياً، ضارباً المثل بشخصية {قاسم السماوي} الذي كان يتحدث دائماً عن التفاوت الطبقي، باعتباره حقداً ونقمة على الأغنياء، ومن يفعل ذلك يكون حاقداً، مع أن المهمة الأساسية للكاريكاتور التعبير عن هموم المجتمع، ولو تسنت الفرصة  للشباب سيصلون إلى ما وصل إليه الراحل العظيم}.

فن جديد

يوضح رسام الكاريكاتور محسن عبدالحفيظ أن مصطفى حسين قدم فناً جديداً لم تشهده مصر أو المنطقة العربية سابقاً، فأسلوبه مختلف إذ عمل على مدارس فنية خلال حياته، وهذه هي المشكلة، وخاطب شرائح المجتمع كافة: غير المتعلم،  المثقف أو رجل الشارع العادي، فالخطوط الموجودة حالياً بسيطة تناسب الطبقة المثقفة أو خطوط مستوحاة من رسوم أجنبية.

يضيف: {لا توجد خطوط مصرية مثل التي كان يقدمها مصطفى حسين الذي تخصص في التعبير عن أولاد البلد والفقراء والمهنيين والأغنياء، ولا يعيبه أنه كان يستوحي أفكاره من أحمد رجب، فكل فنان، سواء كان رساما أو مطربا أو ممثلا، لديه جوقة أو مجموعة عمل يستوحي منها أعماله أو يستشيرها في ما يريد أن يقدمه، فهذا التعاون المثمر محمود}.