استلّهم الفنان عبارة {الشرنقة} من قصيدة لصديقه الشاعر إياد شاهين (1967- 2013) الذي قال يوماً {كفّنوها يا ليتها شرنقة}، قبل أن يرحل مكفناً اقتراحاً بمشروع مشترك بين اللوحة والقصيدة. ويضم المعرض أعمالاً فنية تجريدية رمزية تدل على خروج الفنان من سلسلته القديمة {الكراسي} المستندة الى ذلك الكائن الجامد و}المتصوف}، وعرضت في أكثر من مكان ولاقت تجاوباً من النقاد.
صوّر المصري، في معرضه السابق، السكون المطبق الذي يشكل عنصراً تصويرياً راسخاً وسط ضربات فرشاة صاخبة تشكل خلفية عسيرة للوصف. أما في معرضه الجديد {شرنقة} فيهدف وليد المصري إلى اكتشافات تأملية تعكس طبيعة التوازن الحياتي للشرنقة، رغم طبيعتها المتحولة، وقد استلهم الفنان أعماله من الصراع المحتدم الحاصل في سورية.تساؤلات جديدة يستمر المصري في هذه السلسلة الجديدة بطرح تساؤلات حول الحركة والتكرار وتجاوز حدود اللوحة، من خلال تراكيب تعبيرية تستخدم الفضاء لابتكار شعور من عدم الاستقرار، خلال عملية التمثيل الزمني، قبل أن تضيف الأكاديمية عقلاً لليدين. يقول المصري: {من خلال عملي في الموزاييك الدمشقي حصلت على مفردتي الأولى، التي ساهمت بتشكيل لوحة اليوم، هذه المفردة هي التكرار، فالعنصر البسيط المتكرر في الموزاييك منحَنِي الرابط بين المفردة البسيطة وتكرارها في أعمالي، العمل في الموزاييك علّمني كيف يخرج التنوع من التكرار}.تعكس المواد المستخدمة في أعماله تجربة سابقة للفنان مع الألوان وعمله في حرفة الموزاييك. يقول: {منذ بداية تجربتي أقوم بنفسي باختراع ألواني كلها. فيها مواد من محترفات قديمة مثل الصمغ العربي، والعصفر، والرمان. تلك المواد ساهمت بإعطاء الجو العام للشجرة. بالإضافة إلى المواد الجاهزة مثل الإكريليك. حوالى ثمانين بالمئة من المواد أصنعها بنفسي، من تجارب تعود إلى الأعوام 2001-2005. قبل ذلك معرفتي بخصائص الخشب وطرق صبغه جاءت من تجربتي في الموزاييك. كل ذلك استمر في عملي. جزء من بحثي هو التأثير الحسي بالمادة، الفروق بين السطوح، النفور، وهذا كله يعطي غنى للوحة}.دورة حياةتشير الحركة في الشرنقة إلى أربع مراحل متمثلة بدورة حياتها بدءا من عملية التشكل {نسج الغلاف الحريري الخارجي من خلال العديد من اليرقات، المحمية من قبل دود القز في هذا الوقت}، أما التكرار فيشار إليه من خلال تصويرات مختلفة لتلك المرحلة. في حين يشير التجاوز إلى حالة الخروج عن الحدود المادية للأقمشة. من هنا، يجد المتفرج نفسه فجأة محاطاً بعناصر تصويرية.تحقق الأعمال في هذا المعرض بحثاً إجماليا في كل من حالتي التغير والاستمرارية، في حين تفسح الألوان الترابية المجال للمحاكمة البصرية. أما الأعمال الصغيرة فتحتوي مزيداً من الطاقة والحيوية الحسية التي أكملها الفنان، من خلال استخدامه اللون البرتقالي النابض والأخضر، في إشارة منه إلى حالة العنف والانكسار. أما مرحلة الفراشة فتمثل لحظات تحول الشرنقة إلى فراشة بتشكيلها الكامل. ولكن في بعض الحالات، تكشف اليرقة في مرحلة نسج الحرير عن الشرنقة، وتصبح غير قادرة على الخروج، لذلك تختنق ضمن التغليف الذي شكلته بنفسها.يطرح الفنان من خلال هذا التمثيل الوظيفي احتمالين لمستقبل سورية، ففي مرحلة الشرنقة يصور الشعب السوري وكأنه في حالة من الكمون وانتظار للبلد المنتظر، وإما الازدهار نحو تحقيق الكمال أو النكوص. لا يقدم المصري في عمله الاستعراض التصويري في حالته الأفلاطونية فحسب، بل يطرح تنبيها وقتياً لواقع معاش.وليد المصريولد وليد المصري في سورية عام 1979، حصل على البكالوريوس في الرسم كلية الفنون الجميلة في دمشق 2005، درس قبلها فن الموزاييك، وحضر دورة تدريبية مع الفنان التعبيري مروان قصاب باشي في المدرسة الصيفية لدارة الفنون في عمان، الأردن. قدم معارض فردية، في باريس وجدة وبيروت ودبي وهونغ كونغ ودمشق.
توابل
«شرنقة} وليد المصري... أقنعة التحول والانتظار
23-04-2014