معارضو صدام ممنوعون من الترشح لأول مرة منذ سقوطه
حذف المرشحين العراقيين البارزين يفتح باب الإشاعات
لأول مرة منذ سقوط النظام الدكتاتوري قبل 11 عاماً، يجد معارضو صدام حسين أنفسهم، تحت تهديد الحرمان من الترشح في الانتخابات التشريعية المقررة بعد نحو شهر. فالاقتراعات الثلاثة السابقة كانت تشهد "اجتثاثاً" للمرشحين البعثيين أو مَن كانت لديهم علاقة بصدام حسين ونظامه، كما شهدت بعض التسييس الذي شمل شطب بعض العرب السُّنة ممن يشتبه في أنه كان قريباً من حزب البعث أو يتعاطف معه.لكن سنة 2014 التي تشهد ذروة "تغيير قواعد اللعب" جاءت بتقليد جديد صار فيه القضاء يلبي رغبة حزب الدعوة الحاكم، في طرد مرشحين شيعة وسنة، كانوا بين معارضي صدام حسين ونظام البعث، والتهمة اليوم هي "التهجم" على سياسات نوري المالكي، أو ما يتصل بذلك، حسب اتهام الخصوم.
فقانون الانتخابات، كما الدستور، يشترط في المرشح أن يكون "حسن السيرة والسلوك"، وظلت هذه الفقرة بدون استعمال مفترضةً أن كل الساسة يتمتعون بسلوك غير شائن، ولم يجرؤ أحد على تطبيقها ضد خصمه، إلا غداة انتخابات ستختار البرلمان الرابع في "العراق الجديد"، حيث بدأ قضاة بالحكم على مرشحين بارزين بأنهم "غير حسني السيرة"، وتعلّق الأمر في الأغلب بتصريحات تلفزيونية انتقدت سياسات نوري المالكي رئيس الحكومة. وفي الحقيقة فإن من شأن هذا التأويل أن ينطبق على معظم ساسة العراق الحاليين، الذين خسر رئيس الحكومة تأييدهم، لكن "قطار الاستبعاد" من الترشيح، شمل بعضهم حتى الآن، وعلى دفعات حرصت على أن تبقي الباب مفتوحاً أمام شمول أسماء معارضة جديدة. ولم يتردد نواب في القول إنهم سيظلون يشعرون بالخطر، حتى قبل لحظات من بدء الاقتراع، خشية أن يصدر قرار يعتبرهم ذوي "سيرة شائنة" بسبب انتقاد السياسات الحكومية.الدفعة الأولى من الاستبعاد، شملت صباح الساعدي، وهو رجل دين شيعي كان من أتباع آية الله محمد الصدر الذي اغتاله صدام حسين عام 1999، وهو عضو في 3 برلمانات سابقة، كان فيها ناشطاً في لجنة رقابية تلاحق صفقات الفساد. كما شملت السياسي مثال الألوسي، المرشح عبر اللائحة العلمانية الرئيسية "التيار المدني" والمعارض المعروف سابقاً ضمن حزب أحمد الجلبي (المؤتمر الوطني).أما الدفعة الثانية التي صدرت الأحد الماضي، فضمت جواد الشهيلي النائب عن التيار الصدري، والذي برز في وسائل الإعلام عبر كشف أكثر من فضيحة لاحقت حزب المالكي، كما شملت واحداً من أبرز الساسة السُّنة، هو الدكتور رافع العيساوي المفاوض الذكي والسياسي الماهر، الذي شغل حتى عام 2010 منصب نائب رئيس الوزراء، ثم شغل حقيبة المالية حتى نهاية 2012 حيث لاحقه المالكي بتهمة تورط حماياته في تدبير أعمال عنف.صدور الدفعة الثانية من أسماء المُبعَدين عن الترشح، مذيلة بكلمة "نهائي" وغير قابل للطعن، فتح باب الشكوك والإشاعات على مصراعيه، وراحت المنتديات الشيعية المعني الأكبر بترشيح رئيس الحكومة المقبل بعد اقتراع أبريل، تطرح سؤالاً بدا أكثر جديةً من كل مرة: إلى أي حد سيكون المالكي مستعداً لتسليم السلطة، بعد الاقتراع الذي يرجح أن يتمخض عن كتلة نيابية واسعة تبحث عن "تغيير" وتتمسك بضرورة نقل السلطة إلى شخصية أكثر اعتدالاً؟ وهذا سؤال يحمل في طياته معاني الإنذار بالخطر، أكثر مما يريد الاستفهام بشأن الطقس الذي سيخيم على صفقة حكومة 2015، طوال الصيف العراقي الساخن. ويتداول هؤلاء سيناريوهات عديدة تكشف عن حجم القلق من أن يجري تحريك القطاعات العسكرية وجماعات متشددة في الشارع للتحكم بمسار الانتخابات، أو تعطيل الاقتراع في مناطق محسوبة على الخصوم، أو الطعن في نتيجته. ولم تعد هذه مجرد احتمالات، بعد شعور الجميع بالعجز عن حماية الأسماء البارزة في قوائم الترشيح، والعجز عن تطويق أزمة الأنبار، وكل الهوة المتسعة مع كردستان، والطريق المسدود مع الحكيم والصدر وباقي المنافسين الشيعة لرئيس الحكومة، وكلها تؤشر إلى شهور هي الأصعب على رقعة الشطرنج العراقية.