ندوة «التحالف»: الاتفاقية الأمنية مجازفة والمطلوب إلغاؤها

نشر في 17-02-2014 | 00:12
آخر تحديث 17-02-2014 | 00:12
إجماع بشأن مخاطرها على الدستور والحريات العامة نتيجة الفراغ التشريعي وتباين القوانين
خلال ندوة أقامها التحالف الوطني الديمقراطي مساء أمس بمقره في النزهة تحت عنوان «خطر الاتفاقية»، أجمع المتحدثون على التحذير من مخاطر الاتفاقية الأمنية الخليجية، معتبرين أن «من شأنها المساس بجوهر الدستور والحريات العامة، وبالتالي من غير المقبول أن توافق الكويت عليها تحت أي اعتبار».

وبينما اعتبر النائب راكان النصف، في كلمته بالندوة، أن «الكويت لم تقصر مع أنظمة الخليج، وما يراه البعض نشازاً نعتبره تميزاً»، رأى الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي أن «التصديق على تلك الاتفاقية مجازفة نتيجة الفراغ التشريعي»، لافتاً إلى أنه «ليس من مصلحة الكويت أن ترمي نفسها في المجهول».

ودعا أمين عام التحالف عادل الفوزان إلى «الضغط لجعل الحكومة تسحب الاتفاقية، وإذا وصلت الأمور إلى الحريات فسننتفض»، في حين أكد ممثل المنبر الديمقراطي د. عبدالله الوتيد أن «الاتفاقية تخالف الدستور، وأن الحريات هي مركز الصراع الإنساني في العالم المعاصر».

أما ممثل التحالف الإسلامي الوطني د. خليل عبدالله فأشار إلى أن «الاتفاقية تمس كيان الدولة وسأطعن فيها أمام المحكمة الدستورية»، بينما طالب أمين سر التحالف الوطني الديمقراطي الناشط الإعلامي بشار الصايغ بـ»إلغاء تلك الاتفاقية لا تأجيلها، حتى لا تكون سيفاً على رقاب الكويتيين».

ومن قائمة الوسط الديمقراطي الجامعية، اعتبر مشعل الوزان أن تلك الاتفاقية تستهدف «حماية الحكام فقط»، مشدداً على أنه «لا اتفاق مع دول مليئة بسجناء الرأي».

بداية تحدث عريف الندوة الناشط السياسي بشار الصايغ قائلاً: "إنه من المصادفة اننا موجودون هنا من أجل صد اتفاقية أمنية الهدف منها الانتقاص من الدستور الكويتي، والفزعة قد ظهرت من الكل خلال الأيام السابقة برفضها"، مشيرا إلى أنه يتمنى إلغاءها لا تأجيل مناقشتها حتى لا تكون سيفا على رقاب الكويت والكويتيين.

ومن جانبه، قال الخبير الدستوري د. محمد الفيلي ان من مبررات وجود مؤسسات المجتمع المدني السياسية والمهنية هو التعامل مع قضايا الرأي العام، وما يمارس هنا هو في إطار منطقي وعادي، مشيرا إلى أنه يجب ألا يُفهَم أن رفض الاتفاقية يعني رفض الامن والأمان الموجود، فهذا أمر غير صحيح، بل الرفض هو لبنود اتفاقية تنتقص من الدستور الكويتي وتهدد حريات المواطنين.

وأضاف الفيلي "اننا الآن نسير بطريق الكونفيدرالية الخليجية وفق أوجه متعددة لتبادل العلاقات الانسانية والأمنية وغيرها من العناصر"، مؤكدا أن مؤسسات المجتمع تحتاج إلى تنشيط العمل لأن عملها يعتبر جزءا من الأمن.

وأشار إلى انه في عام 1994 رفضت الكويت التوقيع على احدى الاتفاقيات الامنية ولم تتدهور  العلاقات الخليجية، لافتا الى أن الكويت علاقتها مع الخليج لا يمكنها أن تفسدها مثل هذه الاتفاقية، موضحا أن الأمن هو غرض أساسي للحرية في ظل حماية المشروعية ألا وهو الدستور الكويتي، الذي يعتبر قانونا ينظم عملية الحكم والحقوق والواجبات ويعتبر هو هرم للتشريع الكويتي.

ولفت إلى أن "الاتفاقية ينقصها الوضوح، وهذا عنصر أساسي، وان كان التكليف غامضا فسيفقد مشروعيته"، مؤكدا أن "مواد كثيرة في الاتفاقية غامضة ومنها المادة الاولى، حيث يستخدم لفظ تعاون ثم نكتشف أن هناك فراغا فيما بعد التعاون، بالإضافة الى اشتراك القوات الامنية بعملية الاستدلال ولا نعرف ان كان قصدهم التحريات الاولية ام التحقيقات".

وذكر أن "مسألة المعلومات المتبادلة بين وزارات الداخلية تنتهك حقوقنا الشخصية، لأنه لا يوجد في الكويت تشريع عام للتعامل مع الخصوصيات، ولكل شخص حقوقه الشخصية، فتبادل المعلومات يمثل انتهاكا لحقوقنا في ظل عدم وجود ضوابط تشريعية".

فراغ تشريعي

وبين أن هناك عدم منطقية بين المقدمات والنتائج في هذه الاتفاقية، إذ فيها بعض المواد الغامضة إضافة إلى إشارات لتشريعات تحتاج الى استكمال، لافتا إلى أن التصديق عليها يعتبر مجازفة نتيجة وجود فراغ تشريعي في بعض الدول، الأمر الذي سيجعلها قوانين وطنية، الامر الدي سيقيد قدرات الشعوب على التشريع مستقبلا.

 وأوضح الفيلي أنه "ليس من مصلحة الكويت أن ترمي نفسها للمجهول في هذه الاتفاقية، وليس من مصلحتنا أيضا التصديق وبعد تجريب الاتفاقية ننسحب، لأن الانسحاب دائما مكلف جدا"، مؤكدا أن "كل بنود الاتفاقية تحتاج إلى ساعات أكثر للوقوف عليها".

بدوره، قال الأمين العام لـ"التحالف الوطني" عادل الفوزان إن "التحالف يعارض الاتفاقية الامنية، وإن جاءت بعد خمس سنوات فسنعارضها كذلك، لأن معارضتنا لها نابعة من حرصنا على الدستور وحريات المواطنين".

وأشار الفوزان إلى أن بداية الاتجاه للاتحاد الخليجي هو توحيد الجهود ودفع الاستراتيجيات والعمل على توسعتها في جميع الميادين لا في الجانب الأمني فقط، مشيرا الى ان الاتفاقية لا جدوى منها.

واستغرب الفوزان عملية طرحها ٣ مرات، ومحاولة التغيير في بعض بنودها فقط، لافتا إلى أن الكل يجمع على مخالفتها لمواد الدستور الذي يميزنا عن غيرنا.

ولفت الى ان أعضاء مجلس التعاون الخليجي يجتمعون بشكل دائم وقضية تبادل المعلومات بينهم جارية لدرجة انهم يتبادلون معلومات عن أشخاص كثر، مشيرا الى انه مطلوب منا الضغط لجعل الحكومة تسحب هذه الاتفاقية أو أن يسقطها مجلس الأمة.

وأكد ان الوضع بالكويت الآن دقيق جديدا وعلى الكل الحذر منه، مشيرا إلى أن توقيت الحكومة في طرح هذه الاتفاقية أمر مستغرب، مضيفا أنها "حكومة غريبة، وكلما خرجنا من مأزق أدخلتنا في مأزق آخر".

وأوضح أنه من الممكن ان نتعاطى مع القضايا السياسية ونناقشها، لكن لا يمكننا السكوت إن وصل الأمر إلى الحريات فإننا سننتفض سننتفض سننتفض".

من جانبه، قال ممثل المنبر الديمقراطي الدكتور عبدالله الوتيد: "إننا نتمنى ان تلغى هذه الاتفاقية اليوم قبل غد، وذلك لأنها تخالف الدستور الكويتي، ولأني باحث في العلوم الانسانية سأتكلم عن التطور الإنساني وارتباطه بالحريات والتطور".

وأشار الوتيد إلى ان الحريات هي مركز الصراع الإنساني وركيزة الحياة الأساسية، والعبودية قد أخذت ما أخذت من تاريخ العبودية وهي سلوك شائن".

وأكد الوتيد ان الانسان عانى منذ بداياته للتحرر من العبودية، والقرون السابقة كانت متخلفة أدت إلى تعطيل مسار التاريخ الإنساني.

من جهته، قال ممثل التحالف الاسلامي الوطني النائب خليل عبدالله، إن اعلان الرئيس اليوم تأجيل مناقشة الاتفاقية أمر يشكر عليه، ولكنها لم تنتهِ لأنها لم تلغَ، مشيرا إلى أنها غير دستورية وأن الارض والكيان والوطن اهم من كل شيء، وأن هذه الاتفاقية تمس كيان الدولة وشرعيته وتتعدى عليه.

وأشار عبدالله إلى ان هناك مبادئ دستورية يجب ألا نخرج عنها، ويجب على لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الامة تقديم تقريرها بشأن الاتفاقية إما برفضها أو قبولها مع توضيح الاسباب، ثم تتم مناقشتها داخل مجلس الامة.

وأكد أنه سيعمل على اللجوء إلى المحكمة الدستورية للعمل على رفض هذه الاتفاقية إذا أقرها لا قدر الله مجلس الامة.

واستغرب عبدالله توقيت إثارة القضية ومن الذي أثارها؟ مشيرا الى أن "الأسباب أمامي هي أن إثارة الاتفاقية هي لإثارة البلبلة في الشارع وخلق حالة عدم استقرار بالشارع السياسي أو للتغطية عن شيء آخر"، مؤكدا ان كل شخص يفهم سيرفض هذه الاتفاقية.

ولفت عبدالله إلى أن الاتفاقية تعارض حتى الاتفاقيات في مجلس الأمن، مطالبا الجميع بوقفة جادة ضدها، مؤكدا تمسك الكل بالشرعية والدستور الكويتي.

تأجيل النقاش

بدوره قال النائب راكان النصف: "إنه لا شك في أن عملية تأجيل نقاش الاتفاقية الأمنية إلى دور الانعقاد المقبل أمر محمود وخطوة تحتسب لرئيس المجلس، ولكن الموضوع قادم لا محالة، وستتم مناقشتها، والحل الأفضل هو إلغاؤها، لأن التأجيل لا يعني شيئا أمام الدستور"، لافتا إلى أن بعض موادها مبهمة وغير واضحة.

وأشار النصف إلى ان بعض المواد يتحدث عن الشأن الداخلي، فما هو مفهوم الشأن الداخلي لكل دولة، موضحا أن الكويت يتم فيها عقد ندوات ومسيرات، وهي أمر عادي، في حين أنها ممنوعة في دول خليجية أخرى فهل تدخل هذه ضمن الشأن الداخلي؟

وأضاف أن بعض المواد لم تستثنِ أحدا من المحاسبة، مشيرا إلى أن المادة الثانية تتحدث عن تعاون القوات في مطاردة الخارجين عن القانون والنظام أيا كانت جنسياتهم ولم تستثن أحدا، كما أن المادة  الرابعة فيها انتهاك واضح وصارخ للدستور الكويتي الذي يحمي حقوق المواطنين والمقيمين.

ولفت النصف إلى أن بنودا كثيرة مبهمة وغير واضحة خاصة فيما يتعلق بتسليم المطلوبين، الذي لا يقتصر على المحكومين، بل يمكن أن يتجاوزهم إلى أي شخص آخر، مستغربا عدم وجود اي ضمانات في هذه الاتفاقية لسرية التحقيقات، بالاضافة الى التوسع في تسليم حتى غير المتهمين الخليجيين.

وأكد النصف أن "البعض يروج أننا قد ننسلخ من المنظومة الخليجية، وهذا غير صحيح، فالكويت رفضت اتفاقيات خليجية في عامي 1981 و1994 وكذلك اتفاقية الإرهاب عام 2004"، لافتا إلى أن "بعض القياديين في دول الخليج ينظرون إلى الكويت على أنها نشاز وهي ليست كذلك، بل نحن نراها متميزة في الحريات والديمقراطية".

وأشار إلى أن هناك من يحاول إيصال رسالة إلى سمو الأمير بأن "شعبك يريد إحراجك مع دول الخليج برفض الاتفاقية"، قائلا "أنت ياسمو الأمير المميز بين حكام الخليج لأنك جئت إلى الحكم برغبة شعبك وباختياره".

وذكر النصف "انه صحيح اننا تأخرنا في التعليم والبنيان والتطور، الا اننا مازلنا على هويتنا ولم نتغير أبدا، والكويت التي استقبلت المفكرين والادباء وحمتهم ستظل كذلك".

الوزان: الاتفاقية لحماية الحكام

تساءل منسق قائمة الوسط الديمقراطي مشعل الوزان، هل ستعمي هذه الاتفاقية الشعوب في الخليج أم الحكام؟، مؤكدا أن "هدفها هو حماية الحكام وكراسيهم، ولذلك نحن نرفضها لتعارضها مع الدستور الكويتي، وعلينا جميعا مواجهتها".

 وأشار الوزان إلى أنه ليس من المنطق ان نوقع اتفاقية امنية مع دول سجونها مليئة بمحكومين في قضايا الرأي"، مشيرا الى انه "من غير المعقول القبول بهذه الاتفاقية، لأننا لن نستطيع وقتها الحديث أو انتقاد أي شيء يحصل في أي بلد مهما كان بسيطا"، مشيرا إلى أن "ما يميز الكويت عن غيرها من بلدان الخليج هو مقدرة مواطنيها على الانتقاد وحرية التعبير ولا نريد أن نخسر ذلك".

back to top