إبادة جماعية وتطهير عرقي للأقليات العراقية

نشر في 13-08-2014
آخر تحديث 13-08-2014 | 00:01
إدانة الأعمال والممارسات الوحشية التي يقوم بها «داعش» في العراق، والتضامن الإنساني مع الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية كالمسيحيين والأيزيديين، ثم المطالبة بتقديم مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية للعدالة، هي الحد الأدنى الذي يفترض أن يقوم به أي إنسان، على أنه من المفروض أن يكون هناك تحرك جاد تقوده المنظمات الدولية والعربية، خصوصا منظمات حقوق الإنسان.
 د. بدر الديحاني  التنوع الثقافي والديني والعرقي والمذهبي والإثني يعتبر مصدر غنى حضاري وإنساني لأي بلد، وهو رافد أًساسي من روافد الحضارة الإنسانية، علاوة على أنه من حق أي إنسان أن يتمسك بديانته ومذهبه ولغته ولهجته وموروثه الثقافي ويفتخر بها، وفي المقابل فإنه من أوجب واجبات الدولة توفير الحماية لكل الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية والسماح لهم بممارسة شعائرهم، وفرض احترام عاداتهم وتقاليدهم وقيمهم بقوة القانون؛ لتوفير البيئة الصحيّة للتعايش السلمي بين المكونات الاجتماعية والثقافية والإنسانية المختلفة والمتعددة والمتنوعة في المجتمع الواحد.

 وما تتعرض له هذه الأيام الأقليات الدينية والعرقية والمذهبية في العراق من قتل وتشريد وإبادة جماعية على أيدي أعداء الحضارة الإنسانية وأعداء الاختلاف والتنوع والتعدد والتحضر والتقدم الاجتماعي يعتبر جريمة ضد الإنسانية، ووصمة عار على جبين كل من يؤيده أو يصمت تجاهه، لا سيما أولئك الذين يزعمون ليل نهار أنهم يناضلون من أجل إرساء الديمقراطية وحماية الحريات والكرامة وحقوق الإنسان.

لقد تناقلت وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة جرائم ضد الإنسانية يتعرض لها مسيحيو العراق والأقلية الأيزيدية، مثل تحطيم الكنائس وحرق دور العبادة وتدمير الآثار والتهجير القسري، أي تفريغ المدن من سكانها الأصليين الذين يمتد وجودهم فيها إلى قرابة ألفي عام، وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تقوم بها عصابات "داعش" المتطرفة، حيث وصلت جرائم الإبادة الجماعية إلى درجة دفن 500 إنسان من الأيزيدين بعضهم أحياء في مقابر جماعية، فضلا عن تعرض الآلاف منهم لمخاطر الموت من الجوع والعطش والبرد أثناء محاولات الفرار من الاضطهاد والإهانة والمجازر البشرية.

إدانة الأعمال والممارسات الوحشية التي يقوم بها "داعش" في العراق، والتضامن الإنساني مع الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية كالمسيحيين والأيزيديين، ثم المطالبة بتقديم مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية للعدالة، هي الحد الأدنى الذي يفترض أن يقوم به أي إنسان، على أنه من المفروض أن يكون هناك تحرك جاد تقوده المنظمات الدولية والعربية، خصوصا منظمات حقوق الإنسان من أجل حماية الأقليات في العراق وحماية الآثار العربية والإسلامية التي لا تقدر بثمن.

 كما أنه من المفترض أيضا أن يكون للقوى السياسية في الدول العربية كافة، لا سيما المدنيّة الديمقراطية، موقف واضح وتضامني يدين الأعمال الوحشية والتصرفات البدائية وغير الإنسانية التي يمارسها "داعش" بحق أقليات العراق، ويطالب المجتمع الدولي بحماية حقوقهم الإنسانية ومعاقبة مرتكبي جرائم الإبادة والتطهير العرقي التي يقومون بها؛ لأن ديانات الأقليات ومعتقداتهم وموروثاتهم الثقافية تختلف عن الفهم الشاذ والمتطرف والعقلية الرجعية المتخلفة للمنظمات الدينية الفاشية.

back to top