للأسف أحداث العراق كشفت هشاشة الفكر العربي والإسلامي، وزادت من حالة الاصطفاف المذهبي، فحتى "الدواعش" لم يستطيعوا توحيدنا، وعلى ما يبدو أن السبب أعمق بكثير مما نتخيل.

Ad

 وللأسف مرة أخرى فعدونا لم يعد بحاجة إلى المواجهة المباشرة بعد أن نجح غلاة الدين في غسل عقول الكثير، وإقناعهم بأن طريق الفردوس لا يسمح بمروره إلا بإراقة دم المسلم الوسيلة الوحيدة لنيل الجوائز والحور العين.

وللأسف أيضاً فقد نجح مخططهم في حفظ أمن تل أبيب وطمس مظاهر المقاومة في نفوس المسلمين، ورفع القضية الفلسطينية من خريطة الجهاد، فالعدو الأكبر للمسلمين من يشهد الشهادتين لأن ربع "داعش" و"النصرة" لا يرضيهما ولا يعجبهما إلا من يجزّ الرقاب على أصوات التكبير.

سنوات والشباب يرضع الفكر المتطرف برعاية حكومية وشعبية حتى صار إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء صعباً للغاية ما لم تتدارك مؤسسات الدولة ورجال الدين المخلصون الوضع بالعودة إلى خطاب السماحة والمبادئ العظيمة التي حث عليها الإسلام، وكرّس قيمها النبي الأكرم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم، هذه الشخصية العظيمة التي تعالت على الجراح ولم تبادل أو ترفع شعار العنف.  

اليوم هناك تحدٍّ من نوع آخر، وهو وبكل تأكيد ليس دعوة للعنف أو لدولة بوليسية، ولكن الحذر مطلوب من خلال اتخاذ التدابير اللازمة، سواء على مستوى الإجراءات قبل حدوث الخطر أو من خلال إيجاد خطة عمل بمنظومة إدارة المخاطر.  

خطورة التنظيم لم تعد ضمن حدود العراق وسورية بل قد تطول دولاً أخرى، وقد تكون السعودية أو الكويت قبلتهم الجديدة، فمنتسبو هذا التنظيم يتوعدون دولنا ويمزقون جوازات سفرهم على صفحات التواصل الاجتماعي كدليل على فتح الحدود.

عند متابعة مشاهد العنف التي تقوم بها تلك الجماعات لا يسعني تخيل قلم التاريخ، وكيف سيكون بمقدوره كتابة هذه الحقبة السوداء أو أنه سيغمض عينيه كعادته، وهو الذي فعلها عشرات بل آلاف المرات، لكنه هذه المرة لن يجد العذر ولن يستطيع إخفاء الحقيقة، فلسوء حظه أن كل شيء موثق بالصوت والصورة.

من المسؤول عن هذه الأوضاع؟ ومن المسؤول عن هذه الحال التي وصلت إلى أسفل سافلين؟ فحتى القيم كرهت ولعنت نفسها بسبب تصرفات تلك الجماعات، ومع ذلك هناك من يكابر ويجمع التبرعات التي كانت سبباً لحرب أهلية لم يجنِ منها الشعب السوري إلا الدمار والتشرد، ولكن وعلى ما يبدو أن نفوسهم المريضة لم ترتوِ، فداروا بوجوههم القبيحة إلى العراق وكأن الذي فيه لا يكفيه.

رسالة:

- نرجو من الجهات المعنية وقف أي نشاط أو فعالية لجمع الأموال خارج رعاية وزارة الشؤون أو الجمعيات المرخصة فأهل العراق وسورية في غنى عن فزعتكم.

 حقيقة:

- الأخلاق والرحمة أدارتا ظهريهما وقررتا هجرة البلاد العربية بعدما سمعتا أنين الأطفال ورأتا السكين تأخذ جلدهم الناعم تحت صيحات التكبير وراية التوحيد.

ودمتم سالمين.