تفتيش «الداخلية» للمركبات والأفراد غير قانوني

قانونيون لـ الجريدة.: على الجميع عدم السماح بتفتيشهم إلا بإذن قضائي مكتوب

نشر في 09-02-2014
آخر تحديث 09-02-2014 | 00:14
No Image Caption
الكندري: أمر تفتيش النيابة للشخص يشمل ما يتصل به وسيارته الخاصة
 بوزبر: يجب أن يكون إذن التفتيش مدوناً بخط واضح وموقعاً من الجهة القضائية
 الصيفي: طلب الإثباتات الشخصية يجب ألا يمتد إلى تفتيش الشخص أو المركبة
أجمع عدد من رجال القضاء والقانون على أن قيام عناصر وزارة الداخلية بالتفتيش الذاتي للمواطنين والمقيمين أو تفتيش سياراتهم في النقاط الأمنية دون إذن من النيابة العامة، يعد مخالفة صريحة للقوانين والأنظمة المتبعة في البلاد، مطالبين الجميع بعدم السماح بتفتيشهم في حال عدم وجود هذا الإذن.

وأكدوا في تصريحات متفرقة لـ"الجريدة"، التي انفردت بنشر تفاصيل حكم محكمة الجنايات بتبرئة وافد مصري في الدعوى المقامة من النيابة العامة ضده لاتهامه بحيازة وإحراز مؤثرات عقلية بقصد التعاطي، وانتهاء إقامته في البلاد، أن هذا الحكم سلط الضوء على مهام رجال الداخلية، وفند أخطاءهم القانونية التي تتكرر أثناء تأدية واجباتهم بقصد أو غير قصد.

وأوضحوا أن تمادي رجال الشرطة لم يكن وليد هذه الحادثة التي تصدى لها الحكم القضائي، "بل إن هذا التمادي تتضمنه العشرات من الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم الجزائية كل شهر بسبب الأخطاء الإجرائية المتكررة من قبل الشرطة بسبب جهل بعض أفرادها للقانون أو لتعمد آخرين اتخاذ إجراءات التفتيش، وإن كانت باطلة، بسبب خلاف نشب مع المشتبه فيه".

وقال أحد القضاة المتخصصين في الفصل في القضايا الجزائية إن المادة (31) من الدستور تنص على أنه "لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون"، مبيناً أن قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية نظم التفتيش القضائي كإجراء من إجراءات التحقيق الداخلة في نطاق الدعوى الجزائية.

وأوضح القاضي أن المشرع استهدف من ذلك "صيانة حق الفرد في حياته الخاصة وحماية حقوقه وحرياته من الاعتداء وتعسف السلطات العامة بامتهانه وانتهاك أسراره، فكل ما يتعلق بالحياة الخاصة للإنسان هو جزء من كيانه المعنوي، ولا يجوز لأحد – كائناً من كان – أن ينال منه إلا بإذنه الصريح أو وفقاً لأحكام القانون، وبالتالي فإنه لا يجوز تفتيش أي شخص أو تفتيش سيارته أو مسكنه إلا في حالتين: الأولى هي وجود إذن من النيابة العامة أو الإدارة العامة للتحقيقات، والثانية هي وجوده في حالة تلبس في جريمة مشهودة".

بدوره، أكد أستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. فيصل الكندري أن "ما قضت به محكمة الجنايات هو تطبيق صحيح للقواعد العامة في أحكام التفتيش المتعلق بالأماكن والأشخاص، أما حرمة السيارة الخاصة فمستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها ونوعها، وإذن فما دام هناك أمر من النيابة بتفتيش شخص المتهم فإنه يشمل بالضرورة ما يكون متصلاً به وبسيارته الخاصة كذلك".

أما أستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد بوزبر فشدد على أن التفتيش الجنائي إجراء من إجراءات التحقيق التي يقوم بها رجل الضبطية القضائية في الأحوال المقررة في قانون الإجراءات الجزائية رقم 17 لسنة 1960 بحثاً عن الجريمة وأدلة ثبوتها.

 وأضاف بوزبر أن القانون "لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش، وكل ما يتطلبه أن يكون الإذن واضحاً وصحيحاً بالنسبة إلى الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها، وأن يكون مصدره مختصاً مكانياً بإصداره، وأن يكون مدوناً بخط واضح وموقعاً عليه بإمضائه من الجهة القضائية المختصة".

ومن جهته، قال المحامي المتخصص في القضايا الجزائية سليمان الصيفي إن الإجراءات التي يتخذها رجال الشرطة أثناء طلب الإثباتات الشخصية "يجب ألا تمتد إلى طلب التفتيش الشخصي أو تفتيش المركبة، وإن تم ذلك فيعتبر التفتيش باطلاً حتى لو تم العثور بهذا التفتيش الباطل على مواد ممنوعة أو مجرمة".

وأوضح الصيفي الخطأ الذي يقع فيه رجال الشرطة قائلا: "يعتقد البعض منهم أن احمرار عين المتهم أو سيره بطريقة غير متزنة هي حالة من حالات الجرم المشهود، فيقوم بتفتيشه مباشرة من دون إذن رغم أن تلك الحالات لا تمثل أي جرم مشهود، ولذا فإن عليه استيقاف المشتبه به وطلب إذن من وكيل النيابة لضبطه وتفتيشه شخصياً ومركبته، وعندها يكون الإجراء صحيحاً".

متى يحق للشخص رفض التفتيش؟

قال أحد القضاة المتخصصين بالفصل في القضايا الجزائية إنه إذا لم يكن لدى الشرطي إذن مكتوب بتفتيش شخص أو سيارته أو مسكنه، مع عدم وجود حالة من حالات التلبس، فمن حق الشخص أن يرفض التفتيش، وإن تم تفتيشه عنوةً فسيكون باطلاً لعدم الحصول على إذن من النيابة، وله أن يتقدم بشكوى ضد الشرطي لممارسته القسوة بحقه.

صلاحيات الشرطي

ذكر أحد القضاة المتخصصين أن صلاحيات الشرطي في الشارع أو أثناء التفتيش تشمل التثبت من هوية الشخص، أو إقامته إن كان أجنبياً، فإذا لم تكونا موجودتين فله أن يصحبه إلى مركز الشرطة للتحقق من بياناته كاملة، وإذا تبين أنه مخالف أو مطلوب جاز للشرطي إحالته إلى جهة الاختصاص.

 وأضاف أن الشرطي إذا لاحظ على الشخص ما يدل على تعاطيه مخدِّراً كثقل الكلام أو كان كلامه غير مفهوم أو عيناه حمراوين فللشرطي أن يتصل بوكيل النيابة للحصول على إذن للقبض عليه وتفتيشه، بعد تحديد اسمه وبياناته في الإذن، فإذا عثر على مواد تشكِّل حيازتُها جريمة يُقدَّم متهماً بحيازتها، متسائلاً: هل طالب المسؤولون في "الداخلية" الضباط وأفراد الشرطة بضرورة الالتزام بالقواعد القانونية الخاصة بالقبض والتفتيش؟ وهل تتم مراجعة إجراءاتهم ومحاسبة غير الملتزمين منهم؟!

صحة إذن التفتيش

أكد القاضي نفسه أن إذن التفتيش يجب أن يصدر من وكيل نيابة أو محقق في الإدارة العامة للتحقيقات، مع وجوب أن يتضمن الإذن اسم المطلوب تفتيشه وتاريخ الإذن وتوقيته، فضلاً عن اسم المُفتِّش، مؤكداً أنه إذا لم تتوافر تلك الأركان يكون الإذن غير صحيح.

back to top