إثر إصدار هيئة أسواق المال، أمس الأول، قراراً بتأجيل الموعد النهائي لالتزام الشركات بتطبيق قواعد الحوكمة، وذلك حتى 30 يونيو من عام 2016، استطلعت "الجريدة" آراء اقتصاديين لمعرفة تأثيرات هذا القرار على سوق الكويت للأوراق المالية وتداولاته وعلى الشركات بشكل عام.

Ad

وأشاد هؤلاء بالقرار قائلين ان المدة الحالية للشركات كافية لترتيب اوضاعها وتنظيم اداراتها، وان القرار سيكون له تأثير ايجابي على الشركات وعلى القطاع الخاص بشكل عام، مؤكدين ضرورة أن تنتهج الجهات الرقابية منهجاً سلساً ومتدرجاً مع الشركات في تطبيق قراراتها مثلما حدث مع "الهيئة".

وأوضحوا أن القرار جيد وان الشركات بحاجة بالفعل إلى فترة أطول لتطبيق قواعد الحوكمة وذلك لظروفها الصعبة حالياً، مضيفين ان هناك مشاكل رئيسية أكبر في السوق والاقتصاد الكويتي وتأثير القرار لن يكون ذا تأثير على المدى القصير لكن بالتأكيد هو قرار جيد على المدى البعيد.

وأشاروا إلى أن التأجيل جاء ليراعي أوضاع الشركات الصعبة وحاجتها الى التركيز على إعادة هيكلة أوضاعها المالية والإدارية ومن ثم الاهتمام بتطبيق شروط وقواعد الحوكمة.

يذكر أن قرار هيئة الأسواق جاء بعد تحرك قادته غرفة تجارة وصناعة الكويت، وتفاعل حكومي بارز شمل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التجارة والصناعة د. عبدالمحسن المدعج، الذي اجتمع مع مجلس مفوضي هيئة أسواق المال لرأب الصدع بينهم من جهة، وبين "الغرفة" واتحاد الشركات الاستثمارية من جهة أخرى.

وقالت "هيئة الأسواق" في بيانها انها "لا تدخر جهداً في اتخاذ كل ما من شأنه تعزيز القطاع المالي المحلي من خلال إصدار القرارات والتعليمات وفق أفضل الممارسات الدولية المعمول بها، وذلك بهدف تنظيم نشاط الأوراق المالية بما يتسم بالعدالة والتنافسية والشفافية، وتوفير حماية للمتعاملين فيه".

وأكدت الهيئة في هذا الصدد أن تطبيق قواعد الحوكمة الرشيدة يستهدف الارتقاء بمستوى إدارة الشركات وأدائها تعزيزاً لقدرتها المالية و"استشعاراً منها بالمعوقات التي قد تعترض بعض الشركات المعنية بتطبيق القواعد فقد أصدرت قرار التأجيل"، وفيما يلي التفاصيل:

في البداية قال عضو غرفة التجارة والصناعة أسامة النصف ان قرار هيئة اسواق المال إيجابي ويصب في مصلحة الشركات والقطاع الخاص بشكل عام، مشيراً إلى أن الغرفة في اجتماعها مع الهيئة سبق أن طلبت تأجيل تطبيق هذه القواعد على أن يتم تطبيقها بشكل تدريجي.

ودعا النصف هيئة الاسواق الى اقتفاء اثر هيئات اسواق المال على مستوى العالم وخصوصاً الاقليمية والخليجية، فهذه الهيئات لا تلزم شركاتها بالتنفيذ الفوري ولكنها تتبنى النهج التدريجي في التطبيق وتحرص دائما على مصالح شركاتها وتسعى الى التواصل المستمر مع المؤسسات.

وأشار إلى أن المدة الحالية للشركات كافية لترتيب اوضاعها وتنظيم اداراتها، فالعديد من الشركات تحتاج إلى تأهيل للتوصل إلى مرحلة تطبيق معايير الحوكمة بصورة كاملة، فتطبيق قواعد حوكمة أمر إيجابي جداً للسوق، لكن يجب أن يأخذ بعين الاعتبار عند تطبيقها جاهزية الشركات وقدرة الجهة الرقابية أيضاً على تطبيقها.

وأكد النصف أن الهيئة تقوم بدورها التشريعي والرقابي على اكمل وجه ولاشك أنها تسعى إلى تطوير بيئة الاعمال وتحسين اداء الاقتصاد الوطني لكنها في الوقت ذاته يجب عليها أن تكون مرنة في تطبيق قراراتها حتى لا تحدث اي آثار سلبية لهذه القرارات.

تفاعل إيجابي

من جانبه قال رئيس مجلس إدارة شركة التسهيلات التجارية عبدالله الحميضي ان قرار هيئة اسواق المال سيكون له أثر ايجابي على الشركات وعلى القطاع الخاص بشكل عام، موضحاً أن الهيئة تفاعلت ايجابياً مع طلبات غرفة التجارة والصناعة والتي قدمت إليها مذكرة بملاحظاتها حول قرار قواعد الحوكمة.

وأشار الحميضي الى ان متطلبات الحوكمة تحتاج الى قدرات وخبرات كبيرة، بالاضافة إلى أن يكون التطبيق تدريجياً حتى تستطيع الشركات ترتيب أوضاعها وتوفيقها مع هذه القواعد.

تطبيق تدريجي

وعلى صعيد متصل، قال عضو مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة طارق بدر السالم المطوع ان تطبيق قوانين الحوكمة على الشركات امر ضروري جدا خصوصا في ظل التطور الذي سيشهده الاقتصاد الوطني والذي يحتاج إلى مزيد من الشفافية والحيادية والكفاءة, مؤكداً أن تأجيل تطبيقها أمر ايجابي للشركات والمساهمين وعلى الجهات الرقابية أن تنتهج منهجا سلسا ومتدرجا حتى تستطيع هذه الشركات ان تطبق المبادئ تدريجيا ولا يؤثر عليها التغير بشكل كبير.

وأوضح المطوع ان ضعف الوضع الاقتصادي وتردي النشاط التشغيلي للعديد من الشركات كانا عائقين أمام انصياعها لقرار الهيئة بتطبيق هذه القواعد قبل ديسمبر 2014، مؤكداً أن المدة الجديدة  ضرورية لتوفيق الأوضاع بين الجهة الرقابية والشركات حتى يتمكن السوق من استعادة وضعه بشكل ايجابي.

وأضاف أن جميع الجهات المعنية بهذه القواعد أجمعت على أنها تحتاج الى تعديلات كونها لم تفرق بين الشركات او القطاعات, حيث تم تطبيق او فرض المعايير بنفس الطريقة, موضحاً ان الهيئة جاءت بأشد المعايير المطبقة في الاسواق العالمية لتطبقها في الكويت، وذلك لرغم الخصوصية التي يتمتع بها السوق الكويتي، مقارنة بالاسواق الاخرى.

  وأشار إلى أن أي قانون يتم اصداره تجب مناقشته مع الفنيين والمعنيين حتي لا تكون له آثار سلبية عند تطبيقه، معرباً عن تفاؤله وثقته بوزير التجارة والصناعة عبدالمحسن المدعج في أن يقوم بتعديل بعض القوانين لصالح القطاع الخاص والاقتصاد الكويتي.

قرار إيجابي

وبدوره، قال مستشار شركة أرزاق كابيتال صلاح السلطان ان قرار هيئة اسواق المال بتمديد فترة تطبيق الحوكمة على الشركات الخاضعة لرقابتها الى تاريخ 30 يونيو 2016. بدلا من تاريخ من 31 ديسمبر 2014 ايجابي، مبينا ان الشركات بالفعل بحاجة الى فترة اكبر لتطبيق الاشتراطات.

وأضاف السلطان أن من المؤكد أن تمديد الفترة الزمنية لتطبيق الحوكمة سيدعم الشركات للوصول الي التطبيق الكامل للقواعد، اذ تعرضت اغلب الشركات الى معوقات لتطبيق القواعد بسبب ضيق الوقت، اضافة الى ان القرار سيدعم السوق، حيث يعتبر القرار تحفيزيا لعودة السيولة ونشاط التداولات، مشيرا الى ان ارتفاع مؤشرات السوق الكويت للاوراق المالية امس جاء انعكاساً لقرار تمديد فترة تطبيق الحوكمة.

وذكر ان هيئة اسواق المال قامت في وقت سابق بتمديد فترة تطبيق قواعد الحوكمة على مدققي الحسابات، اذ استشعرت عدم قدرتهم على تطبيق القواعد خلال الفترة الزمنية المعطاة، لافتا الى ان الجميع مع تطبيق معايير الحوكمة على الشركات، ولكن بالتدرج، خصوصاً أنها تطبق لأول مرة في الكويت.

وبين أن الحوكمة تعمل على حفظ اموال مساهمي الشركات، وتعمل ايضا على تعزيز الشفافية وتساعد على استقطاب رؤوس الاموال الاجنبية وتنظم السوق وتجعله في المراتب الاولى بين اسواق العالم، لافتا الى ان وجود قواعد حوكمة في الكويت أمر إيجابي جداً للسوق.

مشاكل أخرى

ومن ناحيته، أكد خبير أسواق المال محمد الثامر أن تأجيل تطبيق قواعد الحوكمة أمر جيد وفق المبدأ العام لكن بورصة الكويت تعاني وجود مشاكل أساسية كثيرة أكبر من مجرد تأجيل تطبيق قواعد الحوكمة، مضيفاً أنها تحتاج الى بناء أساسي في المنظومة التشريعية والتنظيمية حتى نرى تأثيرات إيجابية لها.

وقال الثامر: "إذا لم يكن نشاط الشركات الرئيسي مدعوماً بأنظمة وقوانين وقواعد اقتصادية سليمة ومتطورة فإننا لن نرى تأثيرات تُذكر، خصوصاً وأن هناك شكوكا حول أنشطة الشركات الرئيسية فكيف ستؤثر الحوكمة عليها قبل حل مثل هذه الأمور"، مؤكداً ان أي حديث غير هذا "كلام فاضي ولعب على العقول"، نظراً للحاجة الملحة الى تعديل الكثير من الأوضاع الحالية للشركات والبيئة الاقتصادية العامة.

وشدد على أن الحوكمة على المدى الطويل أمر إيجابي بالتأكيد وجيد وسيكون لها تأثير على سوق الكويت للأوراق المالية لكن على المدى الطويل كذلك، مشيراً إلى أن من غير المعقول أن يكون لها تأثير على المدى القصير ونسيان كل مشاكل السوق والاقتصاد الرئيسية!

وأضاف: "نرى اليوم 65 في المئة من أرباح البنوك آتية من رسوم وخدمات ليس من نشاطها الرئيسي وبالتالي تأثير قواعد الحوكمة وتطبيقها ليس له علاقة بها"، مؤكداً أن أسس الاقتصاد والسوق اذا لم تكن سليمة فلن يكون لمثل هذه القرارات تأثيرات تذكر على المدى القصير".

مراعاة الظروف

من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة أصول للاستثمار عادل الهاجري ان قرار التأجيل كان ممتازاً من ناحية التوقيت والكيفية، مشيراً إلى أن هناك العديد من الشركات مشغولة في الوقت الحالي بإعادة هيكلة أوضاعها الداخلية وديونها والتزاماتها المالية، وبالتالي لا تستطيع الوفاء بمعايير الحوكمة المفروضة عليها من قبل هيئة السوق في الوقت الحالي، وجاء هذا القرار عنصرا مساعدا لها وتخفيفاً لالتزاماتها الحالية.

وأضاف الهاجري ان مبادرة "هيئة السوق" رائعة وذلك لتركيز الشركات على ترتيب أوضاعها واستثماراتها وألا تنشغل في أمور أخرى لحين الانتهاء منها، مشيراً إلى أن المدة الجديدة من شأنها أن تساعد هذه الشركات على الانتهاء من ملفات مشاكل وتعثراتها الحالية ومن ثم التركيز على الالتزام بتطبيق قواعد "الحوكمة".

وقال ان هناك شركات أحجامها أصغر من أن يتم فرض قواعد عليها نظراً لما قد تشكله من صعوبات في حال تطبيقها عليها، متمنياً من "هيئة السوق" إعادة النظر فيها وفي بعض القرارات والقواعد الفنية الأخرى التي تصب في مصلحة السوق والشركات بشكل عام، في حال إعادة النظر فيها ومراعاة أوضاع الشركات بعد الازمة المالية.