مرونة أكبر في مهام الجيش الياباني؟
لنفترض أن كوريا الشمالية أطلقت صاروخاً على إحدى حاملات الطائرات الأميركية وأن اليابان تملك القدرة على إسقاط الصاروخ قبل أن ينطلق، فهل يجب أن تقوم بذلك؟لا شك أن البحارة الأميركيين الموجودين على متن حاملة الطائرات سيجيبون بالإيجاب، إنه رأي رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أيضاً، لكن يعتبر آبي أن اليابان لن تتمكن من التحرك بموجب القانون الراهن والتفسير الدستوري الشائع؛ لذا يريد تغيير هذا الوضع.
يعود هذا الوضع الغريب إلى عام 1947، حين تبنّت اليابان المهزومة، في ظل الاحتلال الأميركي، دستور "سلام" غير مسبوق، فيذكر الميثاق ما يلي: "سعياً إلى تحقيق سلام دولي مبني على العدل والنظام، ينبذ الشعب الياباني إلى الأبد مبدأ الحرب كحق مستقل للوطن ويرفض التهديد أو استعمال القوة كوسيلة لتسوية الخلافات الدولية".بعد بضع سنوات، حين اشتدت الحرب الباردة وسعت الولايات المتحدة إلى إعادة بناء اليابان كدولة حليفة لها في وجه التهديد السوفياتي، بدأ الدستور يكتسب تفسيرات جديدة. تشمل اليابان الآن قوة "الدفاع عن النفس" وهي من أقوى جيوش العالم، لكن تابعت المحاكم اليابانية والسياسيون اليابانيون التشديد على ضرورة حصر تلك القوة بمهام الدفاع عن النفس. أعلن آبي في الأسبوع الماضي أن تفسيراً مماثلاً لا يتماشى مع عالم اليوم، هو يريد من البرلمان الياباني أن يعيد صياغة سلسلة من القوانين لتفعيل منافع التحالف مع الولايات المتحدة. من خلال إعادة تفسير الدستور، ستتمكن قوات حفظ السلام اليابانية أيضاً من تقديم مساعدة أقوى خلال مهام الأمم المتحدة، وستساعد السفن والطائرات اليابانية على تعزيز الخطط الدفاعية في بلدان مثل فيتنام والفلبين، إذ يشعر هذان البلدان بالقلق، مثل اليابان، من تنامي نفوذ الصين.يبدو هذا التغيير المدعوم من إدارة أوباما منطقياً، لكن لا بد من تطبيقه بحذر، يشكك عدد كبير من اليابانيين (أغلبيتهم وفق بعض استطلاعات الرأي) بصوابية هذا التغيير. هم فخورون بـ"دستور السلام" والدور العالمي المميز الذي تضطلع به اليابان باعتبارها نوعاً من القوة السلمية.تشعر الدول المجاورة لليابان، لا سيما كوريا والصين، بالتوتر بشأن ذلك التغيير أيضاً، بما أن هذين البلدين وقعا ضحية الاعتداء الياباني في القرن الماضي، فمن الطبيعي أن تبرز بعض المخاوف. تأججت مشاعر القلق بفعل مواقف السياسيين القوميين والنصوص الأحادية الجانب، لا سيما في الصين، حيث يشعر النظام الشيوعي الاستبدادي بالتوتر بشأن إثبات شرعيته الخاصة، وهو يعتبر أنه سيستفيد من إبقاء عدو محتمل في متناول يده كنوع من الدعاية.لكن ما كان يجب أن يؤجج آبي تلك المخاوف، فبعد زيارته لمزار "شنتو" حيث يتم تكريم مجرمي الحرب اليابانية، وتصريحاته التي بدت وكأنها تشكك في ذنب اليابان في الحرب، وعلاقاته بالسياسيين اليمينيين الذين يطلقون تصريحات أكثر تطرفاً بعد، أصبحت دوافعه مشبوهة بنظر الدول المجاورة.على صعيد آخر، أدى هذا الوضع إلى تعقيد مساعيه المنطقية لتحويل اليابان، بعد سبعة عقود على انتهاء الحرب، إلى بلد شبه "طبيعي".