ها نحن ندخل عبر بوابة سنة أخرى جديدة، محمّلين بالأحلام والأمنيات السعيدة،

Ad

نعدّ الريش الذي حشوناه في بطون وسائدنا لنتأكد من أن العدد كاف لخلق جناح لحلمٍ مرتجى.

نقف تحت شجرة الأماني كعادتنا متضرّعين ومتوسّلين ومتسّولين بعض بلحٍ كنا نرتقب سقوطه منذ جوع.

ننفض رداء الغيم لعل قطرة منه تسقط تروي عطش بهجتنا المؤجلة منذ أسى.

ننصب كميناً في مكان مُنتقى في الصدر لشرائد الآمال.

نرمي قطعاً من قلوبنا معلقة بسنارة الرجاء طعماً لسمكة السعادة الملونة.

نشدّ أزر الصبر بأعمدة التمني الفارعة.

نعالج رمد شموس نهاراتنا ببخار البابونج.

نجرب كل الأدوية بما فيها وصفات العطارين لعلاج طمأنينتنا من ضيق التنفس.

نتربص لغزالة الحزن مختبئين بين أعشاب الوحشة، ومدججين بأسلحتنا البيضاء، حالمين بوجبة فرح هانئة.

نحضن بين أيادينا المرتجفة مزودا لجمع ما ستمطره السماء من رذاذ الحب، وحلوى الغرام.

ها نحن ندخل سنة أخرى جديدة.

فلا بد أن نتخلص من أسمال أرواحنا القديمة البالية، ومن خيال المآتى الذي غرسناه في وسط قلوبنا لطرد طيور الحياة وأجنحة الغيم!

لا بد أن ندخل السنة الجديدة خفافاً، نتمتع برشاقة كافية للركض خلف أحلامنا.

علينا أن نتخلص من أوزاننا الزائدة بما نحمل تحت جلودنا من زيت اليأس.

وأن نتخلص من كل الأحجار التي أثقلنا قلوبنا بحملها طوال السنوات الماضية، ظنّاً منّا أنها أحجار كريمة.

تلك الأحجار التي تشكّلت على هيئة مشاعر سلبية، وقناعات زائفة، وأفكار عقيمة، و... أناس لا همّ لها سوى ملء راحة أعمارنا بالرماد.

علينا أن ندخل السنة الجديدة بدون كل تلك الأحجار الصماء.

مشاعرٌ سلبية حصدت أزهار الفرح في طريق حياتنا، حقد، حسد، غيرة، طمع بغيض، حب يضاعف كمية شظايا الزجاج المهشم في ردهات القلب.

حملنا تلك المشاعر السلبية أو بعضا منها بداخلنا فترة من العمر ولم نكن نعلم أنها أوهنتنا بحملها، وهدّت قوانا.

وقناعات زائفة، خضنا حروباً دامية ضد غيرنا دفاعاً عنها، وحماية لها، استنزفتنا تلك الحروب حتى الرمق الأخير، فلم يبق في جسد العمر شبر إلا وبه أثر جرح في سبيل الذود عن حمى تلك القناعات التي لم نعط أنفسنا فرصة للعقل لكشف زيفها، والوقوف على حقيقة أنها لا تستحق منا كل هذه التضحيات!

وأفكار عقيمة حسبنا أن حياتنا لن تصلح ولن تستقيم إلا بها، ضيّقت أفق الحياة في أعيننا، وسوّرتنا بسورٍ شائك خلف جدار عال لا يمكن رؤية ما وراءه.

وأناس أحببناهم وعبّأنا بهم «تولة» العمر، اعتقادا منا بأنهم خلاصة دهن العود، لم نكن نعلم أنهم ليسوا سوى سائل فتاك سريع الاشتعال، ما ان تندلق قطرة منه إلا وأحرقت كل ما تقع عليه من أيامنّا، ومن صفاء قلوبنا.

يتوجب علينا أن نتخلص من كل ذلك الحمل الزائد والمؤذي في ذات الوقت، إذا أردنا أن ندخل السنة الجديدة... آمنين!