«الإدارية»: القضاء مختص بنظر قرارات الندب للوظائف الإشرافية إذا كانت غايتها التثبيت
• «عدم نظره القرارات الإدارية يهدر كل قواعد العدالة والمشروعية»
• «المشرع لم يرد تحصين أي قرارات من الرقابة القضائية إلا إذا دخلت في أعمال السيادة»
رفضت «الإدارية» الدفع المثار من إدارة الفتوى والتشريع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا في نظر الدعوى التي أقامتها موظفة في وزارة المواصلات على قرار ندب زميل لها بالوزارة لإدارة إحدى الإدارات التابعة، وانتهت إلى إلغاء القرار الصادر من الوزارة لعدم قانونيته.
• «المشرع لم يرد تحصين أي قرارات من الرقابة القضائية إلا إذا دخلت في أعمال السيادة»
رفضت «الإدارية» الدفع المثار من إدارة الفتوى والتشريع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا في نظر الدعوى التي أقامتها موظفة في وزارة المواصلات على قرار ندب زميل لها بالوزارة لإدارة إحدى الإدارات التابعة، وانتهت إلى إلغاء القرار الصادر من الوزارة لعدم قانونيته.
أكدت المحكمة الإدارية أن الدائرة الإدارية مختصة بنظر القرارات الإدارية الخاصة بندب الموظفين، طالما كان الندب في حقيقته مرحلة من مراحل شغل الوظيفة الإشرافية، توطئة للترقية إلى الوظيفة الأعلى بالاختيار، باعتبار أنه أحد شروط شغلها.وقالت المحكمة، في حيثيات الحكم، الذي يعتبر من الاحكام البارزة، إن المشرع الكويتي أخضع هذا القرار لرقابة القضاء الإداري باعتباره قاضيا للمشروعية، لاسيما أن المشرع لم يرد تحصين أي أعمال من الرقابة القضائية إلا إذا دخلت في مفهوم أعمال السيادة، على النحو الذي استقر عليه قضاء محكمة التمييز والمحكمة الدستورية».
ورفضت المحكمة الدفع المثار من إدارة الفتوى والتشريع، التي دفعت أمام المحكمة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، لأن القرار المطعون عليه من موظفة في وزارة المواصلات على قرار ندب زميل لها بالوزارة لإدارة إحدى الادارات التابعة، مؤكدة اختصاصها وانتهت إلى إلغاء القرار الصادر من الوزارة لعدم قانونيته.وترجع وقائع القضية في الدعوى التي أقامتها الموظفة على وكيل وزارة المواصلات، بطلب إلغاء القرار الصادر في ما تضمنه من تخطي المدعية في الندب إلى وظيفة مراقب الاتفاقيات وشؤون مجلس التعاون بإدارة العلاقات الخارجية، مع ما يترتب على ذلك من آثار.وساقت المدعية أسبابا لدعواها حاصلها أنها عينت في وزارة المواصلات عام 1987 وتدرجت في الوظائف حتى وصلت إلى وظيفة رئيس قسم الاتفاقيات وشؤون مجلس التعاون بإدارة العلاقات الخارجية، وفي عام 2009 أصدرت الوزارة قرارا بإحالة موظفة للتقاعد، والتي كانت تعمل بوظيفة مراقب الاتفاقيات وشؤون مجلس التعاون بإدارة العلاقات الخارجية، فتم ترشيحها لتحل محلها في شغل هذه الوظيفة، لاسيما أنها متفانية في العمل وحاصلة على تقدير امتياز في جميع تقارير كفايتها السنوية، إلا أنها فوجئت بإصدار الوزارة قرارا بندب موظف آخر لشغل هذه الوظيفة اعتبارا من تاريخ صدوره، فتظلمت من القرار، لكنها لم تتلق أي رد، الأمر الذي حدا بها إلى رفع الدعوى الماثلة.منازعات إداريةوذكرت المحكمة انه بشأن الدفع المبدى من محامية الحكومة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، تأسيسا على أن القرار المطعون فيه هو قرار ندب أطلق المشرع يد جهة الإدارة في إجرائه، فإن قضاء محكمة التمييز استقر على أن النص في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1982 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية على أن «تنشأ بالمحكمة الكلية دائرة إدارية تشكل من ثلاثة قضاة، وتشتمل على غرفة أو أكثر حسب الحاجة، وتختص –دون غيرها– بالمسائل الآتية، وتكون لها فيها ولاية قضاء الإلغاء والتعويض: أولا: ... ثانيا: الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة المدنية. ثالثا: الطلبات التي يقدمها الموظفون المدنيون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بالترقية. رابعا: الطلبات التي يقدمها الموظفون المدنيون بإلغاء القرارات الصادرة بإنهاء خدماتهم أو بتوقيع جزاءات تأديبية عليهم».جوهر الندبوأضافت ان النص «يدل على أن العبرة في تقدير مدى اختصاص الدائرة الإدارية هي بالنظر إلى حقيقة وجوهر قرار الندب، وصولا إلى تحديد ما إذا كان يدخل في اختصاصها من عدمه، فإذا أظهرت حقيقة استجلائه انه قرار ندب إلى وظيفة عادية، خرج عن ولاية الدائرة الإدارية».وزادت: «أما إذا كان هذا القرار يمثل في حقيقته مرحلة من مراحل شغل الوظيفة الإشرافية توطئة للترقية إلى الوظيفة الأعلى بالاختيار، باعتبار انه أحد شروط شغلها، خضع هذا القرار لرقابة القضاء الإداري باعتباره قاضيا للمشروعية، لاسيما ان المشرع لم يرد تحصين أي أعمال من الرقابة القضائية إلا إذا دخلت في مفهوم أعمال السيادة على النحو الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة والمحكمة الدستورية».خبرة عمليةولفتت الى انه «لما كان قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 25/2006 بشأن شروط شغل الوظائف الإشرافية قد اشترط الندب مدة سنة على الأقل قبل الترقية إلى الوظيفة الإشرافية لما يترتب عليه من إكساب الموظف المنتدب والمرشح للترقية خبرة عملية –خلال مدة ندبه– تؤهله للترقية للوظيفة الإشرافية، ما يعني خروج مفهوم الندب الذي تجريه جهة الإدارة طبقا لقرار مجلس الخدمة المدنية رقم 25/2006 سالف الذكر عن مفهومه العام بالنسبة لبقية القرارات الإدارية».وتابعت: «وإذ كان القرار المطعون فيه يعد –في حقيقته– قرار ندب إلى وظيفة إشرافية أعلى هي وظيفة مراقب الاتفاقيات وشؤون مجلس التعاون بإدارة العلاقات الخارجية، ويترتب عليه توفير شرط سابقة الندب مدة سنة على الأقل في المطعون في ندبه، وحجبه عن غيره من الموظفين، ومن بينهم المدعية، الأمر الذي تخلص معه المحكمة إلى انعقاد اختصاصها بنظر الدعوى، ومن ثم يضحى الدفع المبدى من محامية الحكومة في هذا الخصوص غير قويم حريا برفضه».ولفت الى ان «القول بغير ذلك يعني عدم جواز الطعن في قرارات الندب إلى الوظائف الإشرافية، وإنما في قرارات التثبيت مستقبلا، وهو قول يؤدي إلى نتيجة شاذة تهدر كل قواعد العدالة والمشروعية، ذلك أنه وعلى فرض تثبيت أحد الموظفين بعد مرور سنة على ندبه وطعن موظف آخر في قرار التثبيت، فإن شرط سابقة الندب مدة سنة على الأقل يكون متوافرا حينذاك في الأول دون الطاعن».وأفادت: «بالتالي فإنه حتى لو كان الطاعن هو الأحق والأجدر في شغل الوظيفة الإشرافية، فلا يمكنه اقتضاء حقه بها بسبب افتقاره لأحد شروط شغلها، إذ يتعين على جهة الإدارة تجربته مدة سنة على الأقل عن طريق الندب، كما تطلب قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 25/2006 سالف الذكر، وهو الشرط الذي لا يكون متوافرا فيه لعدم طعنه في قرار الندب الذي يكون قد تحصن بفوات ميعاد الطعن فيه بالإلغاء». شؤون الموظفينوأوضحت المحكمة «لقد استقر قضاء محكمة التمييز على أن هذا النص يدل على أن المشرع حدد اختصاص لجنة شؤون الموظفين بنظر مسائل بينها على سبيل الحصر، ومن بينها اقتراح ترقية الموظفين بالاختيار، ولم يشأ المشرع أن يجعل سلطة جهة الإدارة طليقة عند إجرائها، بل قيدها بعدة قيود تمثلت في اشتراط ان يكون منبع هذا النوع من الترقية هو اقتراحها من جهة محددة هي لجنة شؤون الموظفين، وألزمها أن ترفع اقتراحاتها في هذا الشأن إلى السلطة المختصة لاعتمادها أو تعديلها أو رفضها، وأسبغ النهائية على قراراتها وبما لازمه أنه إن لم تتم الترقية بالاختيار مرورا بهذه اللجنة وبالإجراءات المنصوص عليها في المادة (27) المشار إليها فسد الاختيار، وفسد من ثم القرار الذي اتخذ على أساسه».والمحت الى ان «الندب لشغل الوظائف الإشرافية ليس من المسائل التي تختص لجنة شؤون الموظفين بنظرها طبقا لصريح نص المادة (27) سالفة البيان، باعتباره من حالات المفاضلة بين المرشحين للترقية بالاختيار طبقا لقرار ديوان الخدمة المدنية رقم 37/2006، ومن ثم فإن القول بعكس ذلك مؤداه التوسع في تفسير هذا النص على غير مراد الشارع، وإدخال فيه ما ليس منه، وإيراد قيد على سلطة جهة الإدارة بشأن الترقية إلى الوظائف الإشرافية بغير نص، مما يفضي إلى تعقيدات إدارية تعرقل ضمان حسن سير المرافق العامة بانتظام والنهوض بأنشطتها على وجه يحقق المصلحة العامة».وبينت: «ولا يؤثر في ذلك أن الندب أصبح شرطا ضروريا ولازما، ولا وجه للفكاك منه للتثبيت أو الترقية في الوظيفة الإشرافية، إلا أنه ليس ترقية، فالأخيرة هي ما يطرأ على الموظف من تغير في مركزه القانوني يكون من شأنه تقدمه على غيره في مدارج السلم الوظيفي والأدبي، أما الندب فهو تكليف للموظف بمباشرة أعباء وظيفة أخرى بصفة مؤقتة تسترد بعدها جهة الإدارة سلطتها التقديرية في الاختيار بين المرشحين الذين تثبت صلاحيته منهم لشغل الوظيفة الإشرافية، مع استيفاء الشروط والضوابط الأخرى المقررة قانونا».وزادت انه «المستقر عليه أن الترقية تكون بإسناد وظيفة أعلى إلى الموظف وإن لم يصاحب ذلك نفع مادي، وأنه يتعين على جهة الإدارة أن تلتزم فيها بمبدأ المشروعية وعدم مخالفة القانون، كما أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه هو قرار ندب إلى وظيفة إشرافية أعلى، ويمثل حلقة من حلقات التثبيت فيها مستقبلا، ومن ثم فإنه يأخذ أحكام وقواعد الترقية الأدبية التي لا تكون إلا بالاختيار، ويخضع لما هو منصوص عليه في قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 25/2006 بشأن شروط شغل الوظائف الإشرافية».شروط شغل الوظيفةوبينت المحكمة انه «بتطبيق أحكام هذا القرار على المدعية والمطعون في ندبه يتضح أن كليهما تتوافر فيه جميع شروط شغل وظيفة مراقب الاتفاقيات وشؤون مجلس التعاون بإدارة العلاقات الخارجية، ولا ينال من ذلك أن المطعون في ندبه حاصل على تقدير جيد جدا في تقرير كفايته عن عام 2011، وتقدير امتياز في تقرير كفايته عن عام 2012، إذ إن شرط الحصول على تقدير امتياز ينطبق على آخر تقريرين حصل عليهما الموظف قبل التثبيت وليس قبل الندب، ومقتضى ذلك ولازمه هو وجوب الرجوع إلى قواعد المفاضلة بين المرشحين للترقية بالاختيار لإجراء المفاضلة بينهما».وقالت انه «لما كان مؤدى المعيار الأول سالف البيان من المفاضلة بأن أقدمية الموظف في الدرجة المالية تعطيه الأولوية في الندب والترقية إلى الوظيفة الإشرافية على غيره من الموظفين الشاغلين لدرجات مالية أدنى، وإذ كان الثابت من الأوراق أن المدعية أقدم من المطعون في ندبه في الدرجة المالية الحالية، ذلك أنها تشغل الدرجة (ب) منذ عام 2008، في حين أن المطعون في ندبه يشغل الدرجة الأولى منذ عام 2009، الأمر الذي تكون معه المدعية هي الأحق في شغل الوظيفة الإشرافية، ومن ثم يضحى القرار المطعون فيه معيبا بعيب مخالفة القانون متعينا القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار».وأضافت: «لا ينال من هذا القضاء أو يغيره ما أثاره المطعون في ندبه من أنه أعلى مؤهلا من المدعية باعتبار أنه حاصل على مؤهل الماجستير، وهي حاصلة على المؤهل الجامعي فقط، ذلك أن معيار المؤهل، ولئن كان هو المعيار الأول في المفاضلة بين المرشحين للترقية بالاختيار وفق قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 37/2006، إلا أن هذا القرار تم إلغاؤه بصدور قرار مجلس الخدمة المدنية الجديد رقم 18/2011، والذي جعل من معيار المؤهل في مرتبة متأخرة مقدما عليه معيار الأقدمية».معايير المفاضلة بين المرشحين للترقيةأكدت المحكمة أن القرار رقم 18/2011 بشأن قواعد المفاضلة بين المرشحين للترقية بالاختيار ينص في مادته الأولى على أن «تكون المفاضلة بين المرشحين للترقية بالاختيار -المستوفين لكل شروط الترقية بالاختيار الواردة بالمادة (24) من نظام الخدمة المدنية أو المستوفين لشروط الترقية للدرجتين (ب) و(أ) الواردة في قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 7/1980 المشار إليه- وفقا للقواعد المبينة في المواد التالية».وقالت إن القرار ينص في مادته الرابعة على أنه: «في مجموعة الوظائف العامة، تكون الأولوية في المفاضلة بين المرشحين للترقية بالاختيار وفقا للترتيب التالي: (1) الأقدم في الدرجة المالية الحالية. (2) المرقى إلى الدرجة المالية الحالية. (3) شاغل الوظيفة الإشرافية الأعلى». ويقصد بشغلها أن يكون الموظف قد تم تثبيته في هذه الوظيفة بالجهة الحكومية المرقى فيها قبل إجراء الترقية، وأن تكون الوظيفة ضمن تقسيمات الهيكل التنظيمي المعتمد قانونا في هذه الجهة».وتتضمن الأولوية: «(4) الأقدم في شغل الوظيفة الإشرافية. ويُقصد بالأقدمية بداية شغل الوظيفة الإشرافية بالجهة المرقى فيها، وتحسب من تاريخ الندب الكلي إليها، بشرط أن يكون الموظف قد تم تثبيته فيها قبل إجراء الترقية. (5) الأعلى مؤهلا. ويُقصد بالمؤهل الأعلى درجة الدكتوراه، ثم الماجستير، فدبلوم الدراسات العليا فالإجازة الجامعية أو ما يعادلهم، فإذا كان المؤهل دون الجامعي –سواء أكان علميا أو تدريبيا– اعتُبر المؤهل الأعلى هو المؤهل المقررة له درجة مالية أعلى بغض النظر عن عدد العلاوات الإضافية التي قد تُمنح فوق الدرجة المقررة لبعض المؤهلات، على أن يُشترط –في جميع الأحوال– العمل في مجال المؤهل الذي يُتخذ أساسا للمفاضلة ما لم يكن قد تم الإعفاء من العمل في مجاله وفقا للمقرر قانونا. (6) الأقدم تخرجا. (7) الأكبر سنا».وغني عن البيان أنه يتم البدء –عند إجراء المفاضلة– بتطبيق المعيار الأول (الأقدم في الدرجة المالية الحالية) دون بقية المعايير، فإذا اتحد المرشحون فيه يتم اللجوء إلى المعيار التالي، وهكذا حتى الوصول إلى المعيار الأخير (الأكبر سنا).