حاسّتك السادسة... تواصل مع حدسك لاتخاذ قراراتك

نشر في 02-08-2014 | 00:01
آخر تحديث 02-08-2014 | 00:01
ما الحدس بالتحديد؟
ما حسناته؟ ما الذي يمنعك من التمتع به طوال الوقت؟ وهل يمكنك اليوم القيام بشيء ما لتقوية حدسك والإفادة منه؟ إجابات هذه الأسئلة وضعتها الدكتورة في الفلسفة آن ساليسبوري في كتاب بعنوان «قوة الحدس في داخلك... اكتشفها!» من منشورات دار الفراشة في بيروت.
الحدس فعل أو مقدرة على المعرفة المباشرة والفورية بصورة خفية من دون اللجوء إلى العمليات المنطقية، ومن دون أن تعي من أين جاءتك المعرفة. إنه القناة التي تصل الإنسان بمملكة الحقائق الكونية، والمعرفة المطلقة والحقيقة الجوهرية. وهذا التعريف العملي يشمل صفات الحدس ومظاهره الكثيرة التي تمّ اكتشافها خلال سنوات من البحث والاستكشاف وشكل ثروة من المعلومات لدى المؤلفة.

الحدس موهبة

الحدس موهبة ربما اختبرتها. تلك اللحظة الرائعة عندما تدرك شيئاً ما، من دون أن تعرف لماذا أو من أين أتاك هذا الإدراك؛ الأفكار الخلاقة والإجابات عن الأسئلة التي تحيرك تقفز إلى رأسك من لا مكان؛ لحظات الاندفاع التي تجعلك تقول: «أوريكا! وجدتها!»؛ ربما تشير إلى لمحات التبصر تلك بقولك: «طرأت لي فجأة» أو «راودني إحساس داخلي في هذا الشأن».

أوريكا! مصدر معلومات يرضي جهتي دماغك معاً، إذ يمنحك فهماً عميقاً للحدس، ولكثير من وسائل الإبداع التي يمكنك استخدامها لتحقيق أهدافك. إنه يتضمن منظومة أوريكا! وهو عبارة عن عملية تطبق خطوة بعد خطوة، يمكنك البدء بتطبيقها منذ اليوم. إنه يرشدك إلى كيفية استخدام حدسك في مركز عملك وفي حياتك اليومية.

أنت تملك الموهبة

رغم أن موهبة الحدس قد لا تظهر إلى السطح لدى بعض الأشخاص، فيما تظهر تجلياتها بأفعال عبقرية لدى البعض الآخر، لكننا ولدنا جميعاً مزودين بهذه الموهبة المذهلة. والأمر الجيد هو أن بإمكاننا تحسين مهاراتنا بشكل كبير لالتقاط إشارات هذه الملكة. الأمر يتعلق فقط برغبتنا في ذلك والتمرن عليه.

شهدت المؤلفة تغيرات مذهلة طرأت على حياة الأشخاص عندما قاموا بالمعالجة والتنقيب في أعماق فكرهم الحدسي. فقد اكتسب هؤلاء وضوحاً في الرؤيا في ما يتعلق بعلاقاتهم الشخصية، وتحسنت أعمالهم،  وازدادت ثقتهم في أنفسهم وغدت حياتهم أكثر سهولة.

تحفيز هذه المقدرة

أظهرت الدراسات والتجارب على السواء أن ثمة طرقاً عدة للوصول إلى هذه المقدرة، وهي تشمل التأمل، التنويم المغناطيسي الذاتي والأحلام، وسوف تتفاجأ كم هو بسيط استخدام التنويم المغناطيسي الذاتي الوارد في الكتاب المذكور، إلى جانب كثير من الوسائل الأخرى التي تساعد على استكشاف حدسك الذاتي.

مع ازدياد استخدامك لحدسك بصورة واعية، يمكنك إحداث فرق مهم في العالم. أثبت التاريخ صحة ذلك بالنسبة إلى كثيرين. إذا ما نظرت إلى أي مظهر من مظاهر الوجود البشري، بدءاً من العلوم حتى التكنولوجيا والفنون والعلوم الروحانية، سترى أن التبصر الحدسي ليس حكراً على قلة موهوبة من الناس؛ إنه متاح لكل واحد منا في كل يوم من حياتنا.

الحدس والأطفال

أظهرت الأبحاث أن كثيرين اختبروا تجارب حدسية في مرحلة الطفولة، إلاّ أنها تناقصت لديهم تدريجاً مع مرور السنين. شعر هؤلاء الأطفال بالحيرة من ردود فعل الآخرين الذين لم يبدوا أي حماسة إزاء إلهامهم الداخلي. ربما قيل لك أنت أيضاً إن عليك البحث عن المعرفة والحكمة في مكان آخر، بدلاً من البحث داخل ذاتك.

لطالما نُصح الأطفال عبر التاريخ بالإصغاء إلى الأهل، المعلمين والمرشدين الدينيين، لا إلى أصواتهم الداخلية. تم تعليمهم إبقاء رؤوسهم بعيدة عن التشويش وتوجيه عقولهم إلى الكتب التي كتبها «خبراء» يفوقونهم علماً، والإصغاء إلى الأشخاص المحيطين بهم بدلاً من الإصغاء إلى حدسهم الخاص. وغالباً ما يستغرق الأمر منهم سنوات عدة من العيش كالبالغين قبل أن ينفتحوا من جديد على حدسهم الداخلي. في النهاية، ما إن نتوقف عن الإصغاء إلى هذه الحاسة المعرفية لفترة من الوقت، حتى نخسر الاستفادة من منابع الحكمة الأكثر عمقاً المتاحة للجنس البشري.

الإبداع

لطالما تفكر الناس بالعلاقة بين الحدس والإبداع. يظن كثيرون الآن أن الإرشاد الحدسي هو أساس التفكير الذي يؤدي إلى الإبداع، وهو غالباً نتاج للحدس، يليه المنطق الذي يجعل قدراتنا البشرية أمراً واقعاً عبر ابتكار أشياء جديدة.

البعض مبدع في نواح عدة في حياته، بينما ثمة آخرون مبدعون في مجال واحد محدد. قد يتفوق البعض إبداعياً في هواية ما، قد يكون هذا السبب افتقاده إلى التحكم ببيئته الخارجية، وقد يتفوق على المستوى المهني.

«يملك كل كائن بشري دفعاً إبداعياً (ينشأ من الحدس) منذ الولادة. قد يخمد ولا يعود يعبّر عن ذاته، لكن لا يمكن أن يختفي بالكامل».

يملك الأشخاص الحادسون مستوى معتدلاً إلى مرتفع من الانهماك في الأفكار المبتكرة. يملكون أيضاً حساً بالالتزام تجاه انهماكهم في هذه الأفكار. قد يصبح الأشخاص الذين يملكون حدساً إبداعياً كبيراً مهووسين بالنشاطات الابتكارية.

 بالنسبة إلى فيليب غولدبيرغ «الحادسون... تحفزهم الأفكار المجردة، المعاني المتضمنة، والعلاقات بين المفاهيم، يحبون القيام بالأمور بطريقتهم الخاصة، يجذبهم المجهول، والتعقيد والغرابة».

كن حادساً

تماماً مثلما ولدت مع حواس خمس، ولدت مع قدرة حدسية. احتمال إتقان هذه القدرة كامن في داخلك... وهي ببساطة لا تحتاج إلى التمرين.

يمكنك البدء بالتمرن على حدسك عبر تجربة بعض الأدوات كي تكتشف تلك التي تستمتع بها. ثم اختر أحد أنواع التأمل الذي يثير اهتمامك، وابدأ بالتمرين عليه كما ورد في الكتاب. يمنحك هذا الأمر أساساً قوياً لتبني عليه قدراتك الحدسية. بعد ذلك، جرب بعض التقنيات الأخرى حتى تصبح طبيعية بالنسبة إليك.

عندما تبدأ بالنظر حولك، ستجد المصادفات السعيدة تحدث من حولك. عند اتخاذك للقرارات اليومية، ستبدأ بالانتباه إلى أنك تستخدم حدسك بطرق لم يسبق لك التعرف إليها. اتباعك للتمارين يزيد من وعيك الذاتي ويجعل حياتك مسرحاً للتوقعات الإيجابية والثقة والطمأنينة.

من أين أتت عبارة «أوريكا!»؟

تنسب عبارة «أوريكا» إلى أرخميدس، الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد. تقول القصة إن ملك اليونان هيرو الثاني، ساورته الشكوك بأن صائغ الذهب الخاص به يخدعه. تساءل إن كان التاج الذي يتقلده مصنوعاً من الذهب الخالص أم أن الصائغ مزج الذهب بشيء من الفضة! استشار قريبه أرخميدس، وهو عالم رياضيات، بهذه المسألة، إذ لم يكن هناك أي وسائل علمية معروفة آنذاك تتيح له التقرير بهذا الشأن.

في أحد الأيام، وبينما كان أرخميدس في أحد الحمامات العامة يفكر ملياً في هذه المسألة، جاءه الجواب وهو يشاهد المياه تندفع على جوانب حوض الاستحمام إلى الخارج، ما إن نزل إليه. بدا مفتوناً بهذا الاكتشاف، حتى إنه قفز إلى خارج الحوض، وراح يركض عارياً في الطرقات متوجهاً إلى منزله، تاركاً ملابسه هناك، وهو يصيح: «أوريكا! أوريكا!» (أي «وجدتها»). لقد تلقى «إلهاماً» يفيد بأن التفاوت في الكثافة بين معدنين من الحجم نفسه ينتج من اختلاف في كمية الماء التي تفيض عند وضع هذا المعدن أو ذاك في الماء.

أيقتصر الحدس على قلة من الناس؟

اختبر أرخميدس لمحة من الحدس. إنه ذلك النوع القوي من المعرفة الذي شغل الإنسانية وحيرها عبر العصور. مع ذلك، ورغم انبهار البشر بكل ما يتعلق بالحدس، فإن الطبيعة البشرية ترفض الإقرار بشيء لا يمكنها رؤيته. يرفض كثيرون الاعتراف بوجود الحدس أصلاً، مصرين على أن تلك التجارب المضيئة ما هي إلاّ محض صدف أو أنها من صنع الخيال. كذلك يتمسكون بفكرة مفادها أن هذه اللمحات قد تكون نوعاً من العبقرية أو الموهبة التي تقتصر على قلة مختارة من الناس. وعوضاً عن البحث داخل ذواتهم، غالباً ما يلجأون إلى الدين أو العلم لإيجاد الإجابات. إنهم يواجهون صعوبة في التصديق أن هذه الأفكار الملهمة «الخارقة» يمكن أن يتلقاها ليس فقط الأتقياء والمثقفون، بل أشخاص غير متدينين وأقل ثقافة أيضاً.. إنها متاحة للجميع.

back to top