دخل لبنان أمس في "زمن العدالة" مع انطلاق المحاكمات في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري ورفاقه في المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي، في وقت بات رهان اللبنانيين كبيراً على العدالة الدولية لمعرفة الحقيقة والانتهاء من حقبة الإفلات من العقاب.

Ad

واعتُبِر أمس يوماً تاريخياً بالنسبة للبنان الذي يعيش منذ الاستقلال مسلسلاً لا ينتهي من الاغتيالات السياسية التي تصاعدت بشكل كبير منذ زلزال اغتيال الحريري في 14 فبراير 2005.

وظهرت من وقائع جلسة أمس الحرفية العالية التي اتبعت في كل إجراءات المحكمة، ومدى تماسك التحقيق الذي بُنِي على أدلة دامغة.  

وكان رئيس المحكمة دايفيد ري افتتح الجلسة الأولى عارضاً المراحل التي ستتخللها جلسات المحاكمة.

وأشار المدعي العام في المحكمة نورمان فاريل إلى أنّ "كلاً من سليم جميل عيّاش، ومصطفى أمين بدر الدين متهمان بارتكاب الجريمة في عام 2005 التي أودت بحياة 22 شخصاً بمن فيهم رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وإصابة 226 شخصاً آخرين بجروح"، ولفت فاريل إلى أنّ "حسين حسن عنيسي وأسد حسن صبرا متواطئان في الجريمة".

وأكّد فاريل أنّ "جهات داخلية وخارجية خططت لاغتيال الحريري"، مشيراً إلى أنّ "المعتدين استخدموا كمية ضخمة من المتفجرات تعادل قوتها نحو 3 أطنان من مادة (تي ان تي) لتترك آثاراً ضخمة في مكان الانفجار وتبعث رسالة مدوية". وأوضح مهمة كل من المتهمين في القضية، لافتاً إلى أنّ "عياش كان مسؤولاً عن مراقبة الحريري، وقد أشرف بمساعدة بدر الدين على التحضير المادي للاعتداء الذي استغرق 4 أشهر وراقبا الحريري مدة 3 أشهر، أمّا مرعي فقد أشرف على إعداد إعلان مسؤولية الاعتداء زوراً، في حين استدرج عنيسي أبو عدس، الرجل الذي ظهر في شريطٍ مسجّل بعد حصول التفجير متبنياً مسؤولية جماعته عنه".

وأوضح فاريل أنّ "بدر الدين استخدم 13 هاتفًا، أحدها ضمن الشبكة السرية المستخدمة في الاعتداء"، مؤكّداً أنّ "منفذي جريمة اغتيال الحريري تركوا أدلة لتضليل التحقيق واستخدموا شبكات اتصال داخلية للتفجير". كما أكد أن الانفجار نفذه انتحاري يدوياً ولم يتم التوصل إلى هويته.

إلى ذلك، أكّد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عقب حضوره جلسة بدء المحاكمات أنّه "قد هالنا بالتأكيد أن تكون هناك مجموعة لبنانية موضع اتهام مسند إلى أدلة وتحقيقات واسعة، وما كنا نتصور أن في صفوف اللبنانيين من يمكن أن يبيع نفسه للشيطان، وأن يتطوع لقتل رفيق الحريري وتنفيذ أبشع عملية إرهابية بتلك الكمية الهائلة من المتفجرات"، مضيفاً أنّ "هذه الحقيقة جارحة وموجعة، ولكنها باتت حقيقة لا تنفع معها محاولات التهرب من العدالة، والمكابرة وإيواء المتهمين وحمايتهم".

يُذكَر أن المتهمين الخمسة ينتمون إلى "حزب الله" لكن القرار الاتهامي يتهمهم كأفراد. ويشار إلى أن "حزب الله" رفض تسليمهم، معتبراً أنهم "في مصاف القديسين". وذكرت وسائل إعلامية غربية في الأيام الأخيرة أن اثنين منهم يعيشان في إيران.