هل الغرب مهيأ لسماع رد إيجابي من إيران؟

نشر في 10-11-2013
آخر تحديث 10-11-2013 | 00:01
يعتبر خبراء نوويون غربيون أن الاتفاق مع إيران يجب أن يشمل لائحة طويلة من القضايا، فيلزم التخلص من مخزون طهران الكبير من اليورانيوم العالي التخصيب، إما بنقله إلى خارج البلاد أو بخفضه إلى شكل أقل خطورة.
 لوس أنجلس تايمز بعد سنوات من المفاوضات العقيمة، قد تصطدم الولايات المتحدة قريباً بمشكلة غير مألوفة في مواجهتها الطويلة مع إيران: هل نحن مستعدون لتقبل جواب إيجابي؟

ها قد التقى المتفاوضون مجدداً في جنيف خلال هذا الأسبوع في إطار المساعي الرامية للتوصل إلى اتفاق يضع حدوداً يُعتمد عليها لبرنامج إيران النووي، حدوداً متينة كفاية تطمئن الدول الأخرى إلى أن الملالي لا يستطيعون تطوير سلاح نووي.

يقول المسؤولون من كلا الطرفين أنهم ما زالوا بعيدين عن عقد صفقة. إلا أنهم يصفون المحادثات بأنها فرصة بالغة الأهمية. فيريد الرئيس الإيراني الجديد، حسن روحاني، عقد صفقة بغية رفع العقوبات الدولية التي تقوض اقتصاد بلده. وقد وعد خلال حملته الانتخابية في فصل الربيع الماضي بالسعي لتحقيق هذا الهدف.

يكمن التحدي بالتأكيد في أن إيران ترغب في الحد الأدنى من القيود التي تكبل حريتها مقابل رفع الحد الأقصى من العقوبات الاقتصادية. في المقابل، تريد الولايات المتحدة وحلفاؤها معادلة معاكسة: صفقة تؤدي إلى تفكيك الجزء الأكبر من برنامج إيران النووي قبل رفع معظم العقوبات.

علاوة على ذلك، على الطرفين إبرام صفقة، رغم ما يعانيانه كلاهما من عدم ثقة كبير متبادل وانتقادات سياسية. ففي الأسبوع الماضي، نظم متشددون إيرانيون تظاهرتهم السنوية المعتادة التي تطالب بـ"الموت لأميركا" خارج السفارة الأميركية المقفلة منذ زمن في طهران. كذلك شعر القائد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، أنه مرغم على الدفاع عن مفاوضيه ضد تهمة أنهم يقدمون الكثير من التنازلات.

أما في الكونغرس الأميركي، فقد أوضح المتشددون الأميركيون أنهم يريدون زيادة العقوبات على إيران، لا رفعها.

ذكر السيناتور ستيفن كيرك (جمهوري من إيلينوي) أخيراً: "تشكل العقوبات السبيل الوحيد إلى تفادي الحرب. لنتركها على حالها، ولندفع بالإيرانيين إلى الإفلاس". كذلك وضع السيناتور روبرت منديز مسودة قانون تهدف إلى تصعيد العقوبات.

لكن الإيجابي أن كلا الطرفين اتفقا على بنية المحادثات. أولاً، سيحاولون من اليوم حتى نهاية السنة التوصل إلى اتفاق مؤقت يجمد برنامج إيران النووي مقابل ما وصفه المسؤولون الأميركيون بـ"التخفيف المحدود للعقوبات". وكما أوضحت المفاوضة الأميركية ويندي شيرمان، ستمنح هذه الفكرة المتفاوضين "المزيد من الوقت... وهكذا يتسنى لنا الوقت الكافي لنتفاوض بشأن اتفاق شامل". كذلك أخبرت شيرمان محاوراً تابعاً لمحطة تلفزيونية إسرائيلية أجرى معها مقابلة أن من الضروري التوصل إلى صفقة مؤقتة يكون فيها تخفيف العقوبات "محدوداً، ومؤقتاً، ويمكن العدول عنه".

يقضي أحد الاقتراحات التي تُدرس بمنح إيران جزءاً من عائدات النفط التي تبلغ مليارات الدولارات، والتي جُمدت بفاعلية في حسابات مصرفية حول العالم بسبب العقوبات، إلا أن التنظيمات التي جمدت هذه الأصول ستبقى قائمة. وستُمنح طهران المال أو تُحرم منه كما لو أنه يمر عبر صمام أمان، وذلك وفق سلوك إيران.

هنا تنتهي المرحلة الأولى. تشمل المرحلة الثانية جولة جديدة من المفاوضات بغية التوصل إلى صفقة نهائية، صفقة تقوم من وجهة النظر الأميركية على تحجيم برنامج إيران النووي بشكل صارم، ما يبدد مخاوف الدول الأخرى، خصوصاً إسرائيل، من سعي إيران مجدداً لتطوير سلاح نووي. يعتبر الخبراء النوويون الغربيون أن هذا الاتفاق يجب أن يشمل لائحة طويلة من القضايا. فيلزم التخلص من مخزون إيران الكبير من اليورانيوم العالي التخصيب، إما بنقله إلى خارج البلاد وإما بخفضه إلى شكل أقل خطورة. كذلك من الضروري الحد من قدرة إيران على تخصيب الوقود النووي بخفض عدد أجهزة الطرد المركزي في هذا البلد. وينبغي أيضاً منع المفاعل النووي الجديد في آراك من إنتاج البلوتونيوم. ويجب فرض عملية مراقبة شاملة لضمان أن الاتفاق لا يُنتهك.

ولكن للتوصل إلى صفقة مماثلة، ستُضطر الولايات المتحدة وحلفاؤها بالتأكيد إلى التخلي عن مطلب قديم: أن تنهي إيران كل عمليات تخصيب اليورانيوم.

يشكل هذا المطلب من وجهة النظر الإيرانية عقبة كبيرة أمام أي صفقة، حسبما يوضح روبرت إينهورن، مفاوض نووي من وزارة الخارجية الأميركية خلال عهدَي كلينتون وأوباما. يضيف إينهورن: "أعرب روحاني وفريق التفاوض الإيراني... عن استعداد للقبول بفرض قيود على برنامج التخصيب المحلي، إلا أنهم لن يرضوا يوماً بالتخلي عنه بالكامل، فسينقض المتشددون "في طهران" على أي صفقة قد تبدو أشبه باستسلام مذل".

ينتظر المتشددون أيضاً في الكونغرس الأميركي أي فرصة للانقضاض. فقد أصر الموقف الأميركي طوال سنوات على ضرورة أن تنهي إيران برنامج التخصيب. وتذكر المنظمات الموالية لإسرائيل أن هذا يجب أن يبقى الهدف المنشود. وما زال الكونغرس يناقش فرض عقوبات أكثر تشدداً، خطوة يذكر مسؤولو إدارة أوباما أنها ستؤدي إلى انعكاسات سلبية بإفشالها المفاوضات (مسببة أيضاً انهيار نظام العقوبات الدولي على الأرجح).

يجب أن يتراجع الكونغرس. فيُظهر التاريخ الحديث أن الفرص المواتية بين إيران والولايات المتحدة نادرة. ويجب ألا تُهدر هذه الفرصة.

لا شك في أن أي صفقة نووية مع إيران (إن نجحنا في عقد صفقة معها) يجب أن تخضع لتدقيق صارم. ولكن يجب أن نكون أولاً مستعدين للقبول بجواب إيجابي.

* دويل ماكمانوس | Doyle McManus

back to top