أردوغان يرسّخ حكمه بفوز تاريخي في الانتخابات الرئاسية

نشر في 11-08-2014 | 12:25
آخر تحديث 11-08-2014 | 12:25
No Image Caption
فاز رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة التركية منذ 2003، في الانتخابات الرئاسية منذ الدورة الأولى الأحد، واعداً بوضع ولايته من خمس سنوات تحت شعار الوحدة والمصالحة ونافيا أي نزعة إلى التسلط.

وجاءت نتائج الانتخابات مطابقة لاستطلاعات الرأي فتقدم أردوغان بفارق كبير على منافسيه منذ الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت للمرة الأولى بالاقتراع المباشر، حاصداً 52% من الأصوات.

وحصل مرشح حزبي المعارضة الاشتراكي الديموقراطي والقومي استاذ التاريخ المرموق الذي تولى قيادة منظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي على 39% من الأصوات فيما جمع مرشح الأقلية الكردية صلاح الدين دمرتاش قرابة 10%.

ورغم أنه بعيد عن المد الكاسح الذي توقعته بعض استطلاعات الرأي فإن هذا الفوز يشكل نجاحاً لأردوغان الذي ينضم بذلك إلى مؤسس الجمهورية التركية الحديثة والعلمانية مصطفى كمال باعتبارهما أكثر القادة تأثيراُ في تاريخ تركيا الحديثة.

وبعد حملة اتسمت بنبرة عدوانية حادة ضاعف فيها الهجمات على خصومه، سعى الرئيس الجديد لتهدئة النفوس معلناً عن "عصر جديد" بعيداً عن "خلافات الماضي" التي هزت البلاد على مدى 11 عاماً في عهده.

وقال مخاطباً آلاف المؤيدين المتجمعين تحت شرفة المقر العام لحزبه في أنقرة "سأكون رئيساً لـ 77 مليون تركي وليس فقط للذين منحوني أصواتهم".

وتابع موجها كلامه إلى معارضيه الذين يتهمونه بالسعي للحد من الحريات وأسلمة النظام "أتمنى من كل الذين وصفوني بالديكتاتور والمتسلط أن يراجعوا موقفهم".

غير أن اردوغان أكد عزمه على الاحتفاظ بزمام الأمور في منصب الرئاسة الذي يريد تعزيز صلاحياته من خلال إصلاح دستوري، وقال بعدما أدلى بصوته محاطاً بعائلته في أحد مراكز الاقتراع في أسطنبول "أن الرئيس المنتخب والحكومة المنتخبة سيعملان يداً بيد".

وفور صدور النتائج النهائية، قام أردوغان بزيارة رمزية إلى مسجد أيوب سلطان في أسطنبول للصلاة كما كان يفعل السلاطين قبل اعتلاء عرش الإمبراطورية العثمانية، على ما نقلت قنوات التلفزيون التركية.

لم يكن من المفاجىء أن يتغلب أردوغان بسهولة على منافسيه في ختام حملة انتخابية طغى عليها كلياً بخطبه النارية وبالقوة المالية الضخمة لحزبه وسيطرته على وسائل الإعلام الوطنية.

وأقر احسان أوغلي ودمرتاش بهزيمتهما لكنهما نددا بحملة "غير عادلة" و"غير متناسبة" لمنافسهما.

وعند إعلان النتائج نزل أنصار أردوغان بالآلاف إلى الشوارع في المدن الكبرى للاحتفال بفوز بطلهم مطلقين أبواق سياراتهم.

وقال يغيت جوشكون في أسطنبول "أننا سعداء للغاية! نحبه لأن كل ما فعله كان جيداً"، وقال تورغوت غوباهار رافعاً العلم التركي "نحن الآن بلد يعترف به جميع القادة الدوليين .. أعتز بالقول أنني تركي".

والمفارقة أن فوز أردوغان ابن أحد أحياء أسطنبول المتواضعة يأتي بعد سنة بالغة الصعوبة، ففي يونيو 2013 نزل ملايين الأتراك إلى الشارع للتنديد بنزعته الاستبدادية والإسلامية، في موجة شعبية هزت نظامه بقوة، لكن أردوغان نجح في خنق هذا التمرد بقمع قاس أضر بصورته كرجل ينادي بالديموقراطية.

وفي الشتاء الماضي اندلعت فضيحة فساد مدوية غير مسبوقة شوهت سمعة الحكم وطالته شخصياً، وندد أردوغان بـ "مؤامرة" دبرها حليفه السابق الداعية الإسلامي فتح الله غولن قبل القيام بحملة تطهير في جهازي الشرطة والقضاء وشبكات التواصل الاجتماعي غير آبه بسيل جديد من الانتقادات الموجهة إليه.

ورغم كل ذلك حقق رجب طيب أردوغان فوزاً كاسحاً في الانتخابات البلدية التي جرت في مارس الماضي وحافظ على شعبيته الكبيرة في بلد تمكن فيه من وضع حد لهيمنه الجيش، واستفادت فيه الغالبية المحافظة الإسلامية من النمو الاقتصادي القوي المسجل في عهده.

وبالرغم من النبرة المعدلة لأول خطاب يلقيه بصفته رئيساً منتخباً، إلا أن المعارضة نددت برغبته المعلنة في تعديل الدستور لتعزيز صلاحيات رئيس الدولة مبدية مخاوفها من أن تتجه البلاد إلى سلطة "استبدادية".

وقال المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري هاليتش كوتش "أننا الآن أمام سلطة قمعية لم تعد خاضعة للدستور بل تسعى لفرض نظامها الاعتباطي".

واعتبر الاستاذ الجامعي ضياء ميرال في جامعة كامبريدج البريطانية أنه "لأسباب عديدة فإن الصعوبة الرئيسية التي تواجه أردوغان ليست في الفوز بالرئاسة ولكن ما يلي ذلك"، مضيفاً بأن "مستقبله السياسي يتوقف إلى حد كبير على الطريقة التي سيتمكن بها من المحافظة على سلطته على حزب العدالة والتنمية".

back to top