قال: «يا طيب الرِّجَّال»!

نشر في 26-10-2013
آخر تحديث 26-10-2013 | 00:01
 يوسف عوض العازمي السعودية والإمارات تتعاملان بجرأة وسعي دؤوب وعلناً للتعامل مع المخططات الإيرانية، وذلك من خلال فتح طرق عدة غير معبّدة خليجياً، والتنسيق بين الرياض وأبوظبي واضح للعيان، فقد كان التنسيق المشترك في بلاد الأهرام أمام أعين الجميع وكلل بالنجاح، والآن يتناوب الطرفان وفق تنسيق واضح على التعامل مع نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين.

   هل تملك دول مجلس التعاون الخليجي القدرة على التنسيق في ما بينها بخصوص ما جرى ويجري على الساحة؟ هل ثمة  ترتيب معين يدار بين تلك الدول؟ هل دول مجلس التعاون قد أيقنت أن لها حداً معيناً وعليها الركون عنده؟ يظهر تساؤل مهم: أليست تلك الدول حليفة موثوقة للولايات المتحدة؟ إذن بناء على هذا الطرح النظري ما الذي تخشاه تلك الدول؟

يتضح للجميع أن دول مجلس التعاون منقسمة في ما بينها (على الأقل ظاهرياً) السعودية والإمارات تتعاملان بجرأة وسعي دؤوب وعلناً للتعامل مع المخططات الإيرانية، وذلك من خلال فتح طرق عدة غير معبّدة خليجياً، والتنسيق بين الرياض وأبوظبي واضح للعيان، فقد كان التنسيق المشترك في بلاد الأهرام أمام أعين الجميع وكلل بالنجاح، والآن يتناوب الطرفان وفق تنسيق واضح على التعامل مع نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، وقد تابع الجميع اللقاء الأخير في جدة بين عاهلي السعودية والأردن وولي عهد أبوظبي، واللافت أن هذا اللقاء ضم الملك الأردني، لذا فنحن أمام لقاء يضم أطرافاً فاعلة ومؤثرة ومتأثرة بما يحدث في الشام، كان لقاءً مهماً وأظنه اتسم بالصراحة وسيكون له أثره الجيد.

وفي قطر، يبدو أن القيادة الجديدة لاتزال تسير على نمط القيادة السابقة، إذ لاتزال شاشة «الجزيرة» تركز على دعم «الإخوان» في مصر وتبرزهم، ويتبين -على الأقل نظرياً- أن قطر لاتزال على نفس الخط، أما سلطنة عمان فمستمرة في التعاطي مع الحياد وفق خطوط محددة من قيادتها، وإن لفتت الأنظار زيارة السلطان إلى طهران وكانت زيارة لافتة، خصوصاً في هذه المرحلة الحساسة.

أما البحرين فهي مستهدفة مباشرة من طهران، ويتعامل الملك حمد مع مجلس التعاون بتعامل وثيق جنى ثماره. ونتيجة لإدارته الحكيمة للأزمة في بلاده وبالدعم المباشر سياسياً وعسكرياً من مجلس التعاون، فالبحرين بإذن الله ستمر منها بسلام.

وإذا لاحظنا الكويت، فنحن أمام سياسة خارجية متزنة مرنة تفوقت على نفسها، والحقيقة أبدع صانع السياسة الكويتية الخارجية، فمنذ سنة وقليل كنّا أمام مدرسة سياسية حصيفة قادرة على استيعاب الملمات الداخلية، والتعامل مع دقة الحدث الإقليمي بطريقة كانت تمسك العصا من منتصفها، وكطير يكفخ بجناحيه في السماء بثقة وتحكم.

السياسة الخارجية الخليجية الآن في حاجة أكثر إلى مزيد من التنسيق، فالأسد لم يعد يملك سيطرة حقيقية، وحلفاؤه الطائفيون هم من يقاتلون باسمه، ولن يستطيعوا الاستمرار، فلكل شيء نهاية وحد، وتبرز دعوة الملك عبدالله بن الحسين كخطوة موفقة حتى تكون الآراء والنقاشات واضحة وصريحة، فالأردن يهمه ما يهم الخليج في الأزمة السورية، لذا أظن وجود السعودية والإمارات والأردن على سطر واحد سيكون له أثره السياسي الإيجابي، فالتعاون الخليجي مع الأردن أصبح مطلوباً أكثر من أي وقت مضى.

أما الأسد فلم يصمد نظامه إلا بالتدخلات الخارجية ولن يستمر بهذه الحالة الشاذة، فبعد سقوط مئة وخمسين ألف شهيد لم يعد له مكان في حكم سورية الذي اختُطف من شعبها الصامد، وحتى في ظل ضعف الجيش الحر فسيسقط النظام الأسدي لا محالة.

أتمنى أن يستمر التنسيق الخليجي الأردني مع الضغط على مراكز القرار الدولي، فإيران ليست في قوة الخليج والأردن الدبلوماسية، وأعتقد بقليل من التحرك بعد تلك الجهود الكبيرة أن باستطاعة «محور الخير» عمل شيء بارز ومفيد على الأرض.

أما من يظن بقوة الأسد فأذكره بمثل بدوي: «قال ياطِيب الرِّجَّال قال من ضعف إخوياه»!

back to top