في ظل حالة الاستعصاء السياسي في لبنان، وانكشاف البلد أمام خطر الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية، عاد الخطر الأمني ليطل برأسه من البقاع. فبعد يوم على إعلان «لواء أحرار السُنّة-بعلبك» أنه تمكن من أسر ثلاثة عناصر من «حزب الله» في جرود بعلبك، جرت أمس اشتباكات عنيفة في  جرود بريتال شمال شرق لبنان، أسفرت عن سقوط عدد غير معلوم من القتلى من الطرفين.  

Ad

وأعلن «لواء أحرار السنة ـ بعلبك» أمس «وقوع اشتباكات بين مجموعة مجاهدين من لواء الأحرار وحزب الله في جرود بريتال»، مشيراً إلى «اننا سنكبد الحزب خسائر فادحة في جرود بريتال». وفي تغريدات له على موقع التواصل الإجتماعي «تويتر»، أكد أن «معركتنا مع حزب الله مفتوحة حتى تطهير إمارة البقاع الإسلامية من دنس الرافضة»، بحسب قوله، مضيفاً: «لقد اقترب اليوم الذي نرفع فيه راية الإسلام في ساحة بلدة بريتال الرافضية».

وأشارت تقارير محلية في البقاع الى «اندلاع اشتباكات بين مسلحين سوريين وعناصر من حزب الله عند المنطقة الحدودية في جرود بريتال»، مؤكدة «سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المسلحين».

السفير السعودي

على الصعيد السياسي، لم يرصد أمس أي اختراق في مواقف القوى السياسية في الموضوع الرئاسي، ولايزال الترقب سيد الموقف بانتظار يوم الاربعاء المقبل الذي سيشهد جلسة ثالثة مخصصة لانتخاب الرئيس.

ويبدو ان عودة السفير السعودي علي عواض عسيري الى بيروت قد تصب في ناحية التوصل الى تسوية ما تحول دون فشل الجلسة الثالثة وذلك مع اقتراب الفراغ بعد ان تنتهي ولاية الرئيس ميشال سليمان في 25 مايو الجاري.

وبينما حذر رئيس مجلس النواب نبيه بري في تصريح صحافي أمس من أن شغور منصب الرئاسة بات تهديداً واقعياً، أكد عسيري أمس أن «انتخاب رئيس جديد للبنان ضمن المهلة الدستورية من شأنه أن يرسل إشارة إيجابية إلى العالم بأسره»، مشددا على «ضرورة توافق اللبنانيين على اختيار رئيس جديد يقود البلاد نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي».

وأبدى ثقته بأن «حكمة القادة اللبنانيين سوف تثمر تفادي الفراغ عبر تغليب المصلحة الوطنية على كل ما عداها. وكرر رفضه الخوض في التسميات، لأن للبنانيين وحدهم أن يختاروا الأفضل والأنسب لمصلحتهم، ومصلحة بلادهم».

ورفض عسيري ربط عودته إلى لبنان بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وقال: «أملنا أن نرى توافقا لبنانيا - لبنانيا، يتم إجراؤه داخل لبنان، ويكون اختيار الرئيس اللبناني للمرحلة المقبلة لبنانيا بامتياز، لاسيما أن المرحلة التي تمر بها المنطقة هي مرحلة حساسة للغاية».

زيارة الراعي

في سياق آخر، تصاعد الجدل بشأن زيارة بطريرك الموارنة بشارة الراعي غير المسبوقة الى القدس. وأشار مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الأب عبدو ابو كسم أمس إلى ان «الزيارة التي يزمع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القيام بها إلى الأراضي المقدسة تأتي أولا في إطار استقباله البابا فرنسيس على أراضي النطاق البطريركي، وليس في إطار مرافقة البابا في عداد الوفد البابوي».

وفي تصريح له من لورد، حيث يواكب زيارة الراعي، أضاف أن «الراعي لن يلتقي أي مسؤول إسرائيلي، والحديث عن التطبيع وما سوى ذلك مما ينشر ويذاع من تحليلات هو في غير محله وعار عن الصحة»، مشيراً إلى ان «الراعي من المتوقع ان يلبي دعوة رسمية من الرئيس الفلسطيني محمود عباس».

وكانت صحيفة «السفير» نقلت أمس الجدل الإعلامي بشأن زيارة الراعي الى مستوى جديد وعنونت على صدر صفحتها الرئيسية أمس: «الخطيئة التاريخية: الراعي إلى إسرائيل!» وكتب «محررها السياسي»: «أن يزور بطريرك الموارنة الكاردينال بشارة الراعي، وهو صاحب أعلى منصب روحي في المشرق، الأراضي الفلسطينية المحتلة، برفقة رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس، في نهاية الشهر الحالي، فهذا أمر لا يصب في مصلحة لبنان ولا اللبنانيين، ولا فلسطين والفلسطينيين، ولا المسيح والمسيحيين».

وتابع المقال: «لقد عرضت زيارة كهذه على البطريرك الماروني السابق الكاردينال نصرالله صفير عندما زار البابا يوحنا بولس الثاني الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك عندما قام البابا بنديكتوس السادس عشر بزيارتها، لكنه رفض الانزلاق الى مطرح غير محسوب كهذا. واذا كان صفير قد قاوم إرادة مشجعين كثر له، برفضه المشاركة في استقبال البابا يوحنا بولس الثاني في دمشق، بحجة أن سورية قوة احتلال في لبنان، فان الحري بالبطريرك الحالي أن يقتدي به، لكن هذه المرة باعتبار اسرائيل دولة احتلال لجزء من أرضه اللبنانية ولكل أرضه المقدسة على أرض فلسطين».

أما جريدة «الاخبار» المقربة جدا من «حزب الله» فقد اكتفت بالاشارة الى أنّ «مجموعة من السياسيين ستطلب لقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لمحاولة إقناعه بالامتناع عن زيارة القدس، وهي رازحة تحت الاحتلال الاسرائيلي، لأن خطوة كهذه ستكون بموافقة قوات الاحتلال، مما يعني تطبيعاً مع المحتلين».