قال تعالى "لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ". سورة التوبة، (الآية 47).
حقيقة مؤلمة كشفتها أحداث غزة عرت من خلالها المطالبين بالحرية وحقوق الإنسان العربي، والمخادعين من أنصار "النصرة" و"داعش" و"ماعش" الذين صاروا أطرى من عجينة رمضان، يشكلها شمعون بيريز ونتنياهو كيفما شاءا فلا تكفير ولا نفير ولا حتى دعاء يسيرا.ليس هناك من شيء أثقل على قلبي من مجموعة تجهيز جيش الغزاة وصاحبهم الذي يريد أن يحجز له عشرة أضاحي من المسلمين ليس لكونهم ثقال طينة، ولكن لدورهم الخبيث في التغرير بالشباب واستخدامهم وقوداً لحربهم التي أداروها بالوكالة، وقبضوا ثمنها من صندوق النقد الصهيوني ممهوراً بالدم العربي. هذه الأحداث كشفت ضعف الثقافة الإسلامية التي ابتليت شعوبها بأصحاب مقولة "الجهاد لا بد أن يبدأ من الداخل"، وهو المعنى والهدف الذي سعت إليه الصهيونية العالمية، وحققته لها جامعة التكفير والتفجير دون عناء، فالعدو تحول من مغتصب الأرض إلى من هو شريك في الوطن والدين. التحضير لهذا الموقف المتخاذل لم يكن وليد المصادفة، فمنذ سنوات مضت هناك من يهندس لمثل هذا الوضع وينفخ الرماد تحت النار من خلال منظري الجهاد التكفيري، الذين ملأت أفكارهم الكتب والبرامج الفضائية بعناوين مختلفة، كالتقريب تارة، وبيان الحقيقة تارة أخرى، وهي بمثابة شيطان ناطق.كثيراً ما أسأل نفسي عن سبب الفتنة الطائفية التي تأججت بالمنطقة ومن الرابح منها؟ وماذا استفادت الشعوب العربية من هذا الصراع المبرمج؟ قد تتجاوز الحقيقة الواقع بكثير، فما جنته الشعوب العربية من هذا الربيع غير الهوان والذل والتشريد والخراب، فلا حرية ولا عدالة جاءت بها تلك الثورات غير الجلد والذبح والقادم أسوأ!!لا أريد القفز على حقيقة أساسية بأن الأوضاع في الدول العربية تفتقر إلى أدنى مقومات العدالة الاجتماعية، وأن الحكومات العربية لم تواكب متطلبات شعوبها، وما ترتب عليه من ردة فعل استغلتها الجماعات الإسلامية، فكيّفت الحراك بالنحو الذي يناسبها، حيث فكرة إعادة أمجاد الخلافة الإسلامية أطربت آذان الشباب.هذه الفكرة سهّلت تسويق ما تبعها من أفكار سهّلت على أمراء الحرب إصدار الأوامر، والقبول بتنفيذها من الشباب سواء القيام بالعمليات الانتحارية أو من خلال تنفيذ أوامر الإعدام الوحشية، فأصل الفكرة يستحق في نظرهم كل التضحيات.اليوم قد يكون التحرك لاحتواء من رضي بلبس الحزام الناسف متأخراً جداً، والعمل على إعادته إلى رشده ليس بهذه البساطة، فالذي استطاع إقناعه بالذهاب إلى العراق أو الشام قادر على توجيهه إلى الداخل؛ لذا موضوع النصح لوحده لا يكفي، فالحزم مع هؤلاء هو الأصل، أما مع الجيل القادم فلا بد من العمل على غرس القيم الأخلاقية عبر إعادة النظر في المناهج، وما تقدمه الوسائل الإعلامية ودور العبادة.ودمتم سالمين.
مقالات
غزة لا تريدكم
18-07-2014