قال نزار: الحب على الأرض بعضٌ من تخيّلنا، لو لم نجده عليها... لاخترعناه ! ما هي أهمية الحب؟! هل هو ترفٌ نحمّل فيه قلوبنا؟!

Ad

أم احتياجٌ نجمّل به حياتنا؟! هل يكفي أن نعيشه شعوراً؟! أم لا بد أن يشكل هذا الشعور طريقة تعاطينا مع تفاصيل أيامناً؟!

هل هو شعور للعرض في «فاترينة» القلب مع لوحة تكاد تنهشك حروفها كتب عليها غير قابل لـ: اللمس؟! أم إنه ماءُ تستحم به قلوبنا في اليوم خمس مرات حتى لا يبقى من درنها شيء ؟! ماء لا لون ولا رائحة ولا طعم له إلا أننا لا نحيا بدونه،

ماء لولا هو لبقي كل غصن جميل في أرواحنا عاريا من ثوبه الأخضر!

هل الحب... شعور بإمكاننا أن نعيش أسوياء بدونه؟! كالشعور بالحسد، أو الشعور بالكراهية، أو الشعور بالبرد مثلاً؟!

هل يا ترى... أنه كالشعور بالمرؤة حيث تشعر أن إنسانيتك لا تكتمل بدونها، أو الشعور بالذل حيث لا قيمة لإنسانيتك؟!

هل الحب شعور فقط، أم شعور ننسج منه تفاصيل إنسانيتنا؟!

إنسانيتنا الواقعية، وليست انسانيتنا المثال، إنسانيتنا على الأرض، وليست تلك التي في السماء، أن إحدى أجمل ميزات نزار قباني الشعرية لدي، هي ذكاء شاعريته الفطري!

هو قال «الحب على الأرض» لم يقل الحب فقط، إنما الحب على الأرض، الحب الذي اختبره نزار كثيراً، الحب اليوميّ، الذي يمارس معنا حياتنا اليوميّة، يصحبنا حين نودّع أطفالنا لمدارسهم في الصباح.

يختار معنا هدايا أحبائنا، يشاركنا كتابة التعاويذ عليهم، وقراءتها أيضاً.

الحب الذي يجعلنا نعطّر وسائدهم بالأمنيات الصالحات، الحب الذي يجعلنا نخشى خسارة شخص ما، شخص واحد على الأقل في هذه الكرة الأرضية، لأننا إن لم نجد في حياتنا من نخشى خسارته، فلن نجد من نلومه على  خسارتنا لأنفسنا والواقعة حتماً!

من لم يجد شخصاً يخشى خسارته، فهذا يعني أن له نفسا موحشة يكرهها الأنس، بشكل مقيت نفسٌ نتنة لا يطيق رائحتها أحد.

 الحب هو الشعور الوحيد الذي ينقّي أرواحنا من تلك الرائحة النتنة؟!

فهل هذا ترف حياة ،أم كرامة حياة؟!

الحب الذي يمنح لأخطائنا القبول، وكلنا خطاء، لدي على الأقل شخص واحد في هذا الكون، هل يمكن أن نكون طبيعيين إن عشنا بدونه؟!

هل سنبدو كذلك؟! هل يبدو طبيعيا من يعيش كل هذه الوحدة؟!

لو حبسنا أجسادنا حبساً انفراديا، سنوات طويلة، هل سنخرج من ذلك طبيعيين؟! كيف إذن لو فعلنا ذلك بأرواحنا؟!

الحب هو الشعور الوحيد الذي يحمينا من شر ذلك الحبس وجحيمه، فكيف يمكن أن يكون أكسسواراً، تكمل زينة حياتنا بدونه، أو أن نرتكب إثما أشدّ حماقة... أن نحاربه!

الحب ليس «مانشيتاً» نقرأه على صدر صحيفتنا الصباحية، ثم نفرشها سفرة في الغداء، كما أنه أيضاً ليس نبوءة نقرأها في فناجين قهوتنا!

الحب هو ما نقرأه بماء الذهب على كعبة قلوبنا، وما يشكل صورتنا أمام مرآة أروحنا، ما يجعلنا نعرف طعم السماح ولو لشخص واحد، ما يجعلنا نتذوق الرحمة ولو لشخص، ما يحنّن قلوبنا ولو لشخص، كيف يمكن لهذا الشعور أن يُسلب من إنسانيتنا؟!