أكدوا في تصريحات لـ الجريدة. أنه تمادٍ تضمنته عشرات الأحكام القضائية لجهل بعض رجال الشرطة وعناد آخرين

Ad

حظي الحكم القضائي الصادر عن محكمة الجنايات بشأن ضوابط تفتيش الشرطة للأفراد والذي انفردت «الجريدة» بنشر تفاصيله باهتمام واسع لما حمله الحكم من تحديد واضح لمهام رجال الشرطة وعدم السماح لهم بتجاوز تلك المهام أو قيامهم بتفتيش ذاتي للمواطنين والمقيمين أو تفتيش سياراتهم دون الحصول على إذن من النيابة العامة. وكشف عدد من القضاة المتخصصين في الفصل بالقضايا الجزائية لـ«الجريدة» أن تمادي رجال الشرطة لم يكن وليد الحادثة التي تصدى لها الحكم القضائي بل ان هذا التمادي تتضمنه العشرات من الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم الجزائية كل شهر بسبب الأخطاء الإجرائية المتكررة من قبل رجال الشرطة لجهل بعضهم بالإجراءات التي حددها القانون أو لتعمد بعضهم اتخاذ إجراءات التفتيش، وإن كانت باطلة، بسبب خلاف نشب مع المشتبه فيه، مطالبين الجميع بعدم السماح بتفتيشهم دون إذن قضائي مكتوب. ولتحليل أهم النتائج التي تضمنها الحكم القضائي بعدم قانونية التفتيش الذي يقوم به رجال الشرطة في النقاط الأمنية التي تضعها وزارة الداخلية في الشوارع طرحت «الجريدة» مجموعة من الأسئلة على أحد القضاة المتخصصين في الفصل بقضايا الجنايات، وكذلك طرحتها على عضوي هيئة تدريس في كلية الحقوق بجامعة الكويت وأحد المحامين المترافعين في القضايا الجنائية. وكانت هذه الآراء:

يقول أحد القضاة المتخصصين في الفصل في القضايا الجزائية ان المادة (31) من الدستور تنص على أنه «لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون»، لافتا إلى أن قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية نظم في المادة (43) والمواد من (78) إلى (89) التفتيش القضائي كإجراء من إجراءات التحقيق الداخلة في نطاق الدعوى الجزائية، ويُقصد بهذا النوع من التفتيش البحث عن الأدلة المادية لجناية أو جنحة تحقق وقوعها، أي أنه تفتيش لاحق على وقوع جريمة معينة بحثًا عن أدلتها لكي يتم ضبطها والاستناد إليها في إثبات ارتكاب المتهم لها، وبناءً عليه فإن الأصل هو عدم جواز التفتيش عن جريمة مستقبلية.

أنواع التفتيش

ويضيف القاضي قائلا ان «التفتيش القضائي لا يجوز إلا بناءً على إذن من النيابة العامة أو الإدارة العامة للتحقيقات أو في حالة من حالات التلبس في الجرائم المشهودة، ويُلاحظ أن هناك صورا أخرى من التفتيش تختلف عن التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائها وجود أي إذن أو حالة تلبس في جريمة مشهودة من أبرزها التفتيش الإداري والتفتيش الوقائي، وفي هذه الصور لا يُشترط وقوع جريمة معينة قبل إباحة إجراء التفتيش، فالتفتيش الإداري يرمي إلى تحقيق أغراض إدارية بحتة مثل تفتيش الأماكن والمحلات العامة من قبل مفتشي وزارة التجارة والصناعة ومفتشي بلدية الكويت، وتفتيش الإرساليات الجمركية من قبل مفتشي الإدارة العامة للجمارك، أما التفتيش الوقائي فإنه يقوم على فكرة الوقاية من الأخطار المحتملة مثل تفتيش الركاب وحقائبهم في المطارات وعند بوابات المغادرة قبل إقلاع الطائرات، وذلك خشية أن يكونوا حاملين ما يعرض سلامة الرحلة الجوية للخطر، ويُعد كذلك تفتيشًا وقائيًا ما أوردته المادة 51 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية من أنه «لمن يقوم بتنفيذ القبض أن يفتش المقبوض عليه مبدئيًا لتجريده من الأسلحة وكل ما يُحتمل أن يستعمله في المقاومة أو في إيذاء نفسه أو غيره، وأن يضبط هذه الأشياء ويسلمها مع المقبوض عليه للآمر بالقبض، وإذا عثر أثناء هذا التفتيش – بصفة عرضية – على أشياء متعلقة بالجريمة أو تفيد في تحقيقها، فعليه أن يضبطها أيضًا وأن يسلمها إلى الآمر بالقبض»، وهو ما يُعرف باسم التفتيش الوقائي أو الاحترازي.

ويتابع القاضي: «يتضح مما سبق أن المشرع استهدف صيانة حق الفرد في حياته الخاصة وحماية حقوقه وحرياته من الاعتداء وتعسف السلطات العامة بامتهانه وانتهاك أسراره، فكل ما يتعلق بالحياة الخاصة للإنسان هو جزء من كيانه المعنوي، ولا يجوز لأحد – كائنًا ما كان – أن ينال منها إلا بإذنه الصريح أو وفقًا لأحكام القانون، وبالتالي فإنه لا يجوز تفتيش أي شخص أو تفتيش سيارته أو مسكنه إلا في حالتين: الأولى هي وجود إذن من النيابة العامة أو الإدارة العامة للتحقيقات، والثانية هي وجوده في حالة تلبس في جريمة مشهودة».

ويقول في شرحه للإذن الذي يتعين صدوره لتفتيش الأفراد قائلا ان «الإذن بالتفتيش تصدره النيابة العامة في قضايا الجنايات والإدارة العامة للتحقيقات في قضايا الجنح، ويجب أن يتضمن ساعة وتاريخ الإذن، واسم كل من وكيل النيابة أو المحقق وضابط الشرطة المنتدب لإجراء التفتيش والمتهم المأذون بتفتيشه، هذا إضافةً إلى نوع الجريمة ومدة التفتيش المسموح بها، وإذا تعلق الإذن بتفتيش مسكن المتهم فيجب أن يتضمن عنوانه بشكل واضح، وبطبيعة الحال فإن الإذن بالتفتيش يجب أن يكون موقعًا ممن أصدره مع بيان صفته، هذا ويجوز – في ظروف الاستعجال – أن يأذن وكيل النيابة أو المحقق لضابط الشرطة بإجراء التفتيش عن طريق الهاتف شريطة أن يثبت هذا الإذن عنده في محضر مكتوب، إلا أن الواقع العملي لا يشهد مثل هذه الأذون لما قد يُثار حولها من شبهات في مرحلة المحاكمة.

ويقول القاضي في حديثه إن «أكثر ما يؤدي إلى بطلان التفتيش أمام محاكم الجنايات هو قيام رجال الشرطة بتفتيش المتهم بناءً على تواجده في مكان عام بحالة غير طبيعية، وذلك ظنًا منهم أن احمرار عيني المتهم أو ثقل لسانه في الكلام أو عدم اتزانه في المشي تجيز لهم القبض عليه وتفتيشه، وقد تواترت أحكام محكمة التمييز على أن مؤدى ما تنص عليه المادة (43) والمواد من (53) إلى (57) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أن أي قيد على الحرية الشخصية بوصفها حقًا طبيعيًا من حقوق الإنسان – يستوي في ذلك أن يكون القيد قبضًا أو تفتيشًا – لا يجوز إلا في حالات التلبس باعتبارها جرائم مشهودة، أو بإذن من النيابة العامة، أو في إحدى الحالات التي وردت في القانون على سبيل الحصر، وأن مجرد مشاهدة المتهم في حالة عدم اتزان أو التلعثم في الحديث أو احمرار العينين أو في حالة غير طبيعية، كل ذلك لا يجيز لرجل الشرطة القبض عليه وتفتيشه وتفتيش سيارته، إذ ان هذه الأمور لا تُعد من الأدلة القوية على اتهامه في جناية أو جنحة أو مساهمته فيها حتى يكون لرجل الشرطة حق القبض عليه وتفتيشه بدون أمر سواء عملا بحكم المادة (54) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أو إحدى الحالات التي وردت في القانون على سبيل الحصر في المواد الأخرى من (52) إلى (57) من ذات القانون، هذا إلى أنه ولئن كانت هذه الأمور تبيح للضابط استيقافه لتحري حقيقة أمره، إلا أن ذلك مشروط بألا تتضمن إجراءاته تعرضًا ماديًا للمتحرى عنه ينطوي على مساس بحريته الشخصية، فذلك يُعد قبضًا لا يبيحه له القانون.

أسباب البطلان

ويبين القاضي «ان سبب بطلان التفتيش في مثل هذه الحالات هو أن وجود الشخص بحالة غير طبيعية لا يجعله – في حد ذاته – مرتكبًا لأية جريمة في القانون سواء على مستوى الجنايات أو الجنح، أي بمعنى آخر أن هذا الشخص قد يكون مريضًا أو مرهقًا أو يعاني من حالة نفسية وليس بالضرورة أن يكون متعاطيًا لمواد مخدرة أو مؤثرة عقليًا أو مسكرة مما يدخله في دائرة التجريم الجزائي، ولذلك فإنه متى ما شهد رجل الشرطة بأنه لم يباشر إجراءات القبض والتفتيش إلا بعد إدراكه – بأي حاسة من حواسه – وجود حالة تلبس في جريمة مشهودة، كأن يكون قد اشتم رائحة خمر تنبعث من فم المتهم، أو يكون قد شاهد بحوزته مادةً مخدرة، فإن المحكمة – عند اطمئنانها إلى صحة هذه الشهادة – لا تقضي بالبطلان وتعتبر أن الإجراءات تمت وفقًا لصحيح حكم القانون واتسمت بالمشروعية».

سلامة التفتيش

ويضيف القاضي «لابد من التنويه إلى وجود قاعدة هامة استقر عليها قضاء محكمة التمييز وهي أنه متى كان القبض صحيحًا، فإن التفتيش الذي يأتي تبعًا له يكون صحيحا، إلا أن حد ذلك وشرطه أن يكون هذا التفتيش له مقتضى وتستوجبه ظروف الواقعة، فعلى سبيل المثال تنص المادة (44) من قانون المرور على أنه «يجوز لأي فرد من أفراد الشرطة أن يلقي القبض على كل من يرتكب فعلاً من الأفعال الآتية:

- قيادة مركبة آلية تحت تأثير المشروبات الروحية أو المخدرات أو المؤثرات العقلية.

- ارتكاب حادث ترتب عليه إصابة أي إنسان أو وفاته.

- السباق بالمركبات الآلية على الطرقات بغير تصريح أو بالمخالفة للتصريح.

-  محاولة الهروب في حالة ارتكاب حادث يضر بسلامة أحد الأفراد أو في حالة الأمر بالوقوف الصادر من رجال الشرطة.

- قيادة مركبة آلية برعونة أو تفريط أو إهمال أو عدم انتباه تعرض حياة الناس للخطر».

القبض لأسباب محددة

ويوضح القاضي أن «مفاد ذلك أنه يجوز لرجال الشرطة ضبط من يرتكب حادثًا ترتب عليه إصابة أو وفاة إنسان، وبناءً على هذا الضبط يجوز لهم تفتيشه وقائيًا أو احترازيًا قبل إركابه دورية الشرطة لتجريده من أي سلاح أو أداة أو آلة يُحتمل أن يستعملها في المقاومة أو في إيذاء نفسه أو غيره، إلا أنه لا يجوز لرجال الشرطة – في هذه الحالة – تجاوز هذا القدر والقيام بتفتيش سيارة المتهم التي كان يقودها باعتبار أن مثل هذا التفتيش ليس له مقتضى ولا تستوجبه ظروف الواقعة.

مبدأ

ويقول أن محكمة التمييز طبقت في إحدى القضايا هذا المبدأ بوضوح بقولها انه، ولئن كانت الحالة التي شوهد عليها المتهم – وهو يقود سيارته ونوافذها مظللة بالمخالفة للمادة (36/13) من قانون المرور – تبيح لرجل الشرطة استيقافه والقبض عليه وتحرير المحضر اللازم، إلا أنه يتعين عليه أن يقف عند هذا الحد لأنه ولئن كان من المقرر انه حيث يجوز القبض يجوز التفتيش الذي يأتي تبعًا له، إلا أن شرط ذلك أن يكون التفتيش التالي للقبض له مبرره وإلا كان متصفًا بالتعسف بما يبطله، وإذ كان تفتيش سيارة المتهم – بعد القبض عليه لمخالفته قانون المرور على النحو السالف – لا يستهدف البحث عن دليل على قيام هذه الجريمة، وإنما للبحث عن جريمة أخرى غير متصلة بها وهي حيازة المخدر والذخيرة، فإنه يكون إجراءً غير صحيح  لا يسوغه القبض عليه لارتكابه جنحة بالمخالفة لأحكام قانون المرور.

حكم جنائي

بدوره يقول أستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. فيصل الكندري ان «ما قضت به محكمة الجنايات هو تطبيق صحيح للقواعد العامة في أحكام التفتيش المتعلق بالأماكن والأشخاص، لافتا إلى أن التفتيش المحظور من رجال الأمن هو الذي يقع على الأشخاص والمساكن بغير مبرر من القانون، أما حرمة السيارة الخاصة فمستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها، وإذن فما دام هناك أمر من النيابة بتفتيش شخص المتهم فإنه يشمل بالضرورة ما يكون متصلاً به وبسيارته الخاصة كذلك.

تفتيش السيارات

ويضيف: «لقد ثارت عدة إشكالات في ما إذا كانت السيارة تعتبر سكنا خاصا، ولذلك يجب التفرقة بين ثلاثة أنواع من السيارات:

1- السيارات العامة: مثل الحافلات والقطارات وهذه السيارات تأخذ حكم الأماكن العامة، وهي ليست مستودعا لسر أحد، ويجوز تفتيشها لكن لا يجوز تفتيش الأشخاص وأمتعتهم الا وفقا لأحكام القانون.

2- سيارات الأجرة: فقد اختلف الفقهاء في أمرها، فذهب رأي إلى آن سيارة الأجرة تعتبر في حيازة سائقها وراكبها معا ويجوز تفتيشها إذا توافرت حالة التلبس لأي منهما. أي ان صاحب هذا الرأي يرى انه لا يجوز تفتيش سيارة الأجرة في غير حالة التلبس أي في الأحوال التي تجيز القبض وتفتيش المتهم فقط .

 بينما ذهب رأي آخر إلى أن سيارة الأجرة لا تأخذ حكم المنزل، كما هو الحال في السيارة الخاصة نظرا للاختلاف البين في جوهر الاستعمال بين الاثنين، ويرى صاحب هذا الرأي أن السيارة الخاصة تأخذ حكم الشخص فيجوز تفتيشها حيث يجوز تفتيش الاشخاص، ونظرا لأنها في حيازة سائقها ومستأجرها فيكفى ان تتوافر حالة من الحالات التى تجيز القبض بالنسبة لهما حتى يمكن تفتيش السيارة، غير أن إباحة تفتيش سيارة الاجرة ليس مفاده إباحة تفتيش الأمتعة الخاصة بالركاب الذين لم تتوافر في حقهم شروط القبض.

3- السيارات الخاصة: فإن الراجح في القضاء والفقه إن للسيارات الخاصة طبيعة خاصة بحيث يتوقف حكمها على مكان وجودها، فإذا كانت داخل مرآب المسكن تأخذ حكمه أما إذا كانت خارج المسكن فإنها تتمتع بالحرمة الشخصية لصاحبها أو حائزها وذهب القضاء والقانون الفرنسي إلى جواز تفتيش السيارات التي يوحى ظاهرها أن صاحبها تخلى عنها وكانت خالية ، وأن يكون التخلي سابقا عن التفتيش .في حالة التلبس فيجوز تفتيش الشخص وسيارته التي يقودها .

وجدير بالذكر انه يجوز لرجال الضبطية القضائية إيقاف أي سيارة للتحقيق من توافر الاشتراطات القانونية والفنية ولا يعد هذا تفتيشا بالمفهوم القانوني، ولكن لا يجوز تفتيش السيارة إلا وفقا للأوضاع والشروط القانونية المقررة للمساكن.

الأجرة والخاصة

وقال: «لقد قررت محكمة النقض المصرية في كثير من أحكامها (القيود الواردة على حق رجال الضبط القضائي في إجراء القبض والتفتيش بالنسبة إلى السيارات إنما ينصرف إلى السيارات الخاصة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها». أما بالنسبة للسيارات المعدة للإيجار فإن من حق مأموري الضبط القضائي إيقافها أثناء سيرها في الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة قانون المرور).

حدود القبض

من جانبه، يقول أستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد بوزبر ان التفتيش الجنائي إجراء من إجراءات التحقيق التي يقوم بها رجل الضبطية القضائية في الأحوال المقررة في قانون الإجراءات الجزائية رقم 17 لسنة 1960 بحثاً عن الجريمة وأدلة ثبوتها، وأصل هذا الحق راسخ في دستور الكويت في المادة (31) التي تنص على «لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته او تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون «ويسلتزم إذن التفتيش في قانون الإجراءات الجزائية رقم 17 لسنة 1960 عدة اشتراطات وهي شكل إذن التفتيش وتسبيب الإذن.  

ويضيف د. بوزبر حديثه قائلا، ان القانون لا يشترط شكلا معينا لإذن التفتيش، وكل ما تطلبه أن يكون الإذن واضحا وصحيحا بالنسبة إلى الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها، وأن يكون مصدره مختصا مكانيا بإصداره وان يكون مدونا بخط واضح وموقعا عليه بإمضائه من الجهة القضائية المختصة.

تسبيب الإذن

والشرط الثاني أن يخضع تسبيب إذن التفتيش إلى كل من المادة 44 من الدستور والمادة 78 من قانون الإجراءات الجنائية رقم 17 لسنة 1960، حيث نصت المادة 44 من الدستور: «للمساكن حرمة، فلا يجوز دخولها بغير إذن أهلها، إلا في الأحوال التي يعينها القانون وبالكيفية المنصوص عليها»، ونصت المادة 78 من قانون الإجراءات الجزائية: «للأشخاص ومساكنهم ورسائلهم حرمة، وحرمة الشخص تحمي جسمه وملابسه وما يوجد معه من أمتعة، وحرمة المسكن تشمل كل مكان مسور أو محاط بأي حاجز، مستعمل أو معد للاستعمال كمأوى. وحرمة الرسالة تمنع الإطلاع على الرسائل البريدية أو البرقية أو الهاتفية أثناء نقلها أو انتقالها من شخص إلى آخر»، وفي كل الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسببا.

التفتيش الوقائي

ويبين بوزبر أن هناك تفتيشا جنائيا وقائيا وهو التفتيش الوارد في المادة 80 قانون الإجراءات الجنائية والذي يهدف إلى تجريد المقبوض عليه مما يحمله من أسلحة أو أدوات أخرى قد يستعين بها على الإفلات من القبض عليه، وهو أمر يقتضيه القبض بوصفه مساساً بحرية الشخص مما يتطلب بذل نوع من الإكراه لإخضاع المقبوض عليه، ومن صور هذا الإكراه تجريد الشخص من عناصر المقاومة، فإذا قبض على المتهم ولو في غير حالة التلبس، فيجوز تفتيشه تفتيشاً وقائياً للبحث عما يحمله من أسلحة أو أدوات تعينه على الإفلات من القبض، فإذا ظهر أثناء هذا التفتيش أنه يحوز مخدرا أو سلاحا غير مرخص كانت الجريمة متلبساً بها.

بدوره، يقول المحامي المتخصص في القضايا الجزائية المحامي سليمان الصيفي ان الإجراءات التي يتخذها رجال الشرطة أثناء طلب الإثباتات الشخصية يجب ألا تمتد إلى طلب التفتيش الشخصي أو تفتيش المركبة وان تم ذلك فيعتبر التفتيش باطلا حتى لو تم العثور بهذا التفتيش الباطل على مواد ممنوعة أو مجرمة.

ويضيف الصيفي في حديثه ان الدستور الكويتي كفل للشخص مواطنا كان أو مقيما مجموعة من الضمانات، منها الا يتم القبض عليه أو تفتيشه إلا بإذن يصدر من جهة قضائية كالنيابة العامة أو التحقيقات بحسب نوع الجريمة أو في حالة الجريمة المشهودة ومن دون تلك الحالتين فأي اجتهاد للشرطي يعد باطلا وغير قانوني.

ويوضح الصيفي الخطأ الذي يقع فيه رجال الشرطة قائلا «يعتقد البعض منهم أن احمرار عين المتهم أو سيره بطريقه غير متزنة هي حالة من حالات الجرم المشهود، فيقوم بتفتيشه مباشرة من دون إذن رغم أن تلك الحالات لا تمثل أي جرم مشهود وكان عليه استيقاف المشتبه به وطلب إذن من وكيل النيابة لضبطه وتفتيشه شخصيا ومركبته وعندها يكون الإجراء صحيحا.

هل يمكن للشخص رفض تفتيشه؟

أكد القاضي أنه إذا لم يكن المواطن راضيا عن تفتيشه أو تفتيش سيارته أو مسكنه، ولم يكن لدى الشرطي إذن مكتوب بذلك، ولم توجد أي حالة من حالات التلبس، فمن حقه أن يرفض التفتيش وإن تم التفتيش عنوة فسيكون باطلا لعدم الحصول على إذن من النيابة ولان المتهم لم يكن بحالة من حالات التلبس وله تقديم شكوى ضد الشرطي لممارسته القسوة بحقه».

متى يحق لرجل الشرطة تفتيش الشخص؟

سألنا القاضي المتخصص في القضايا الجزائية هل يحق لرجل الشرطة الطلب مباشرة من قائد المركبة تفتيشه أو تفتيش مركبته فأجاب: «لا يجوز لأحد كائنًا من كان أن ينال من خصوصية الشخص إلا بإذنه الصريح أي ان يأذن المواطن نفسه للشرطي بإرادته الحرة أو وفقًا لأحكام القانون، وإذا رفض المواطن تفتيشه فلا يجوز تفتيشه من دون رضاه أو تفتيش سيارته أو مسكنه إلا في حالتين: الأولى هي وجود إذن من النيابة العامة أو الإدارة العامة للتحقيقات، والثانية أن يكون المواطن نفسه بحالة تلبس في جريمة مشهودة».

ما حدود الشرطي في الشارع؟

عن حدود وصلاحيات الشرطي بالشارع أو أثناء التفتيش قال القاضي إن للشرطي: «التثبت من هوية الشخص أو من إقامته إن كان أجنبيا فإذا تبين عدم وجود هوية أو اقامة له جاز له أن يستوقفه أي يصحبه إلى مركز الشرطة للتحقق من بياناته كاملة، وإذا تبين أنه مخالف أو مطلوب جاز له إحالته الى تلك الجهة، بينما إذا كان الشخص ثقيل الكلام أو كلامه غير مفهوم أو عينه حمراء فهنا يقوم الشرطي بالاتصال بوكيل النيابة للحصول على إذن بالقبض عليه وتفتيشه بعد أن يحدد اسمه وبياناته بالإذن وبعدها يقوم بالتفتيش وإذا عثر على مواد تشكل حيازتها جريمة يتم تقديمه متهما عن حيازتها».

رجل المباحث يفتش!

يقول د. محمد بوزبر انه «لا يشترط في التفتيش الوقائي أن يقوم به رجل الضبط الجنائي الشرطي بالهيئة الرسمية إنما ينسحب كذلك لرجل المباحث متى ما اتبع الأساليب المقررة في التعريف بهويته».

كيف للناس أن تعترض على شكل إذن وكيل النيابة؟

يجيب القاضي: «يجب أن يصدر الاذن من وكيل نيابة أو محقق في الادارة العامة للتحقيقات، ويجب أن يرد بالاذن اسم المطلوب تفتيشه وتاريخ الاذن وتوقيته واسم الشخص الذي يقوم به، وإذا لم يتوافر ذلك يكون الإذن غير صحيح».

ما حالة الجرم المشهود التي تسمح للشرطي بإلقاء القبض؟

يجيب القاضي قائلا أن يكون قائد المركبة بوضع غير طبيعي جدا لا يستطيع معه الحركة، والأهم أن يكون بجواره مواد مخدرة أو سلاح أو سكين.