يمثل التصعيد الروسي الاوكراني الذي شهدناه نهاية الاسبوع بالإضافة إلى تصعيد البنك المركزي الهجومي هذا الصباح جزءاً من القصة الكاملة التي تشهدها روسيا مع انخفاض مؤشر مديري المشتريات للشهر الرابع على التوالي تحت عتبة 50.0.
لقد قمت بزيارة روسيا منذ أقل من شهر وانتابتني المخاوف التالية: حيث لم أتلق هذا الكم الهائل من الأسئلة «الحرجة» من كل من المستثمرين والعملاء ووسائل الإعلام منذ 2007/2008. وكون معظم هذه الاسئلة تمحورت حول آثار الضعف وأزمة الأسواق الناشئة ومدى سوء الصورة التي ظهرت فيها روسيا خلال ذلك.دعوني أؤكد لكم أن زيارة روسيا تمثل واحدة من أفضل رحلاتي بغض النظر عن درجات الحرارة المنخفضة التي شهدتها في زيارتي الأخيرة!حالة موازيةتهمني روسيا في كثير من المجالات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية. لن أقوم بالتعليق سياسياً على الوضع في أوكرانيا أو سواها لعلمي أن الواقع يتحدث عن نفسه ولكن دعوني لوهلة أنعش ذاكرتكم بما حدث في جورجيا وما نتج عنه حيث شهدنا أكبر عمليات بيع شرهة في التاريخ في بورصة روسيا (تزامناً مع الأزمة المالية) وبناءً على العديد من التحليلات فقد شهدنا هذا الصباح حالة موازية للألعاب الأولمبية في وقت قريب أو نحوه.وكان الرئيس بوتين خارج بلاده لحضور دورة الألعاب الأولمبية في بكين الصينية عام 2008 حيث استغل بوتين ختام الالعاب الأولمبية حتى يصعد من تصريحاته. تكمن الحادثة في محاولته استغلال تركيز وسائل الإعلام العالمية على نقل الألعاب الاولمبية كوسيلة «لإطلاق التصريحات شديدة اللهجة».الاقتصاد الروسيتحرك الاقتصاد الروسي من فائض في الحساب الحالي 6-8 في المئة قبل الأزمة إلى عجز في السنة القادمة بغض النظر عن أسعار الطاقة المرتفعة حيث كان معدل النمو في عام 2013 أقل من 1.3 في المئة في حين توقعت الحكومة أن يكون 3.0 في المئة وفي هذه السنة سوف نشهد روسيا في حالة من الركود والتراجع بحسب النماذج الاقتصادية خاصتي إلا إذا شهدنا إصلاحاً اقتصادياً جذرياً.اتسم حاكم المصرف المركزي بالشجاعة وقاد سياسة مالية صارمة والتي أراها شخصياً على أنها سياسة اختيار تتمثل في «أزمة صغيرة الآن، بدلاً من أزمة كبيرة لاحقاً» بعد خروج الإقراض غير المضمون عن السيطرة حيث تدير 85 منطقة حوالي 100 مليار. يمتلك عجز الدولار الأميركي بدون موسكو بحق زمام الاموال وينفق القادة السياسيين أكثر مما يجنون من أموال.النموذج الروسيإن النموذج الروسي الآن في خطر كون روسيا تمتلك كافة المصادر، حيث تخولها مواردها البشرية لتصبح قوة عظمى لكن الاصلاح الاقتصادي يجب أن يبدأ مباشرة.وهذه الحالة متشابهة لحالة 1989 عندما أحس الدب الروسي بالتعب وأخشى ما أخشاه أن تصبح أوكرانيا جدار برلين جديدا ولكنه في هذه الحالة فالجدار في حالة بناء لا انهيار ودعونا نسلم أننا جميعاً سنخسر في هذه اللعبة!تحتاج أوروبا إلى الطاقة القادمة من روسيا من جهة وتحتاج روسيا إلى المهندسين ورجال الأعمال الأوروبيين ولكننا الآن على طرفي نقيض كما كنا في عام 1989 وتكمن سخرية القدر في أننا على أعتاب الاحتفال باليوبيل الفضي لانهيار جدار برلين.النتيجة:تتحول الازمة الأوكرانية الروسية الحالية إلى جدار برلين جديد وسوف نتكبد جميعنا الخسائر على الصعيدين السياسي والاقتصادي مما سيساهم في زيادة التقلب وسترزح أسواق المال تحت الضغط ولعلنا جميعاً نتذكر تخفيض العملة الذي شهدناه في عام 1989. وتتطلب أي أزمة محفزاً لها وباعتقادي فإن الازمة الأوكرانية الروسية هي هذا المحفز وما يقلقني فعلاً هو الأزمة الأكبر حالياً وهي القيادة السياسية. سيستمر الروبل الروسي في الضعف وبالتالي يمكن أن تواجه الأسواق المالية العالمية تخفيض نسبة الديون في الميزانية العمومية.ستين جاكوبسن | Steen Jakobsen* مسؤول الاستثمار وكبير الاقتصاديين في «ساكسو بنك»
مقالات
رأي : هل عاد جدار برلين من جديد؟
06-03-2014