عمر الشريف: رفضت التمثيل في مسلسل «الجماعة»

نشر في 08-11-2013 | 00:02
آخر تحديث 08-11-2013 | 00:02
عاش عمره في دنيا من التمرد... والوحدة. نظراته ترفض السكون، كلماته تخاصم اللوعة، صمته مشحون بالتأمل، مزاجه لا توقيت له، أعصابه تستقر فوق جلده، دموعه لا تكف عن السقوط في قلبه. ورغم الغربة الطويلة التي عاشها ما زال يحمل روح {ابن البلد}، وما زالت ابتسامته عربون صداقة يقدمها لمن يرتاح إليه... وهو بالمناسبة من الصعب أن يرتاح لأحد.
ما زال يملك الجاذبية التي جعلت منه فارس أحلام عشرات الفتيات وصنعت من موهبته فناناً نادراً شهد له العالم. إنه عمر الشريف الذي طال غيابه عن مصر، ويطل عليها، في حوار خاص مع {الجريدة}، بعد ثورة ما زالت تبحث عن هدفها، وحياة اختلفت ملامحها، وسياسة أصبحت تسرق اهتمامنا وأعمارنا، ورؤساء مروا بها.
هل صحيح أنك قلت: لن أعود إلى مصر إذا فاز {الإخوان} في انتخابات الرئاسة؟

لا. تأخير رجوعي إلى مصر سببه أحداث العنف والشغب التي عطلت مجالات كثيرة في مصر، من بينها السينما والمسرح والتلفزيون... وخرّبت السياحة، ثم خشي طارق ابني عليَّ، من فكرة الرجوع، وأدركت أنه على حق، ففندق سميراميس الذي أنزل فيه عندما أزور مصر لم يسلم بدوره.

رفضت المشاركة في مسلسل {الجماعة} الذي يروي حياة حسن البنا، لماذا؟

 

لأن دوري فيه كان راوياً لتاريخ {الإخوان المسلمين}، ورغم أن دور الرواي مهم في الدراما، لكن يصعب علي بذل مجهود في الحفظ.

من أعمالك العظيمة فيلم {السيد إبراهيم وزهور القرآن} الذي نلت عنه جائزة {سيزار} العالمية (2004) كأفضل ممثل في فرنسا، ما أهمية هذا الفيلم؟

 نبه ببساطة وبهدوء إلى الصراع بين الأديان والحضارات، وقدم حلا إنسانياً هو الحب. علينا أن نحبّ الآخر لنفهمه ونتقبله.

هل تشعر الآن بأهمية فيلم {حسن ومرقص} أم ما زلت ترفضه؟

 

لم أرفض الفيلم ولم أكرهه، بل غضبت من تدخلات عادل إمام في السيناريو وحذفه مشاهد مهمة، رغم قيمتها الفنية بالنسبة إليه شخصياً، لمجرد رغبته في إبراز دور ابنه محمد، وقد خاصم المؤلف يوسف معاطي عادل سنة ونصف السنة لأنه حذف مشهداً واحداً في السيناريو.

 كيف تقيّم فترة حكم الرئيس الراحل عبد الناصر؟

 في البداية، فرحت، على غرار  المصريين، بثورة يوليو لأنني رأيت في أيام الملك فاروق أصحابي أولاد الإقطاعيين الكبار وأهاليهم يجلدون الفلاحين، لكن العلاج الذي وصفه عبد الناصر، وهو تحديد الملكية الزراعية وتوزيع الأرض على الفلاحين كان كارثة، لأن الملكيات الزراعية الكبيرة زالت وأصبح لدى كل فلاح خمسة فدادين يزرعها في غياب سياسة زراعية، فانهارت زراعات أساسية، على غرار القطن والرز والقمح، وبتنا اليوم نستورد الفول المدمس.

ألم تعجبك أي ناحية في سياسته؟

 للأسف، حتى الأمور الحسنة غطى عليها الحكم الديكتاتوري العسكري، وهو السبب في أغبى قرار في تاريخ العرب اتخذه عبد الناصر بإغلاق الخليج والمضايق أمام إسرائيل وتسبب في حرب 1967.

 كيف كانت علاقتك بالرئيس الراحل السادات؟

 قابلته للمرة الأولى في البيت الأبيض أثناء زيارته لأميركا سنة 1978،  وكنت ضمن المدعوين إلى العشاء الذي أقامه الرئيس كارتر على شرفه، فطلب مني العودة إلى مصر والاستقرار فيها ووعدني ألا يضايقني أحد عند دخولي وخروجي منها. ودعاني لحضور زفاف ابنه، فجئت مصر وحضرت الزفاف... من يومها استقريت تقريباً وصورت فيلم أيوب سنة 1983، وأفلاماً أخرى بعده.

هل فعلا طلب منك التوسط  لدى إسرائيل ليفتح صفحة جديدة معهم؟

صحيح. في أحد الأيام من سنة 1977، رن جرس الهاتف في شقتي في باريس، وعندما أجبت بادرني صوت بالقول: {هنا الرئاسة وسيكون الرئيس السادات معك...}. للوهلة الأولى اعتقدت أن ثمة من يسخر مني،  وفجأة سمعت صوت السادات يقول لي: {أنت فنان وعايش بين أوروبا وأميركا، وأكيد لك علاقات كثيرة، أودّ أن تعرف من الإسرائيليين، كيف سيستقبلونني لو زرت أنا إسرائيل}.

شعرت بأنني وقعت في ورطة، فتوجهت إلى السفارة الإسرائيلية في باريس وقابلت السفير، وأبلغته طلب الرئيس السادات، فاتصل ببيغن وبعد ثوانٍ قال لي إن بيغن سيستقبل الرئيس السادات {كالمسيح المنتظر}... عندها تذكرت أنني نسيت أن أسال السادات عن رقم هاتفه، وفوجئت بالسفير الإسرائيلي يطلب رقماً وأعطاني السماعة وهو يقول لي: {الرئيس السادات معاك}، فدهشت كيف أن السفير الإسرائيلي في باريس لديه رقم السادات.

وماذا عن علاقتك بالرئيس السابق حسني مبارك؟

على غرار علاقتي بالرؤساء الذين حكموا مصر، لم أقابل أياً منهم لقاء خاصاً غير معلن، لأنني لم أعمل يوماً {بيزنس} احتجت فيه لمقابلة رئيس أو مسؤول، كما فعل فنانون كثر تأمينا لحياتهم. بل استعان بي الرؤساء في مناسبات كثيرة لخدمة مصر، على غرار افتتاح دورات رياضية دولية أو جمع تبرعات لمشروعات ومستشفيات.

هل كنت تشعر بما يعانيه الشعب المصري في فترة حكم الرئيس مبارك  الطويلة؟

إقامتي غير منتظمة في مصر، فأنا أزورها لتنفيذ عمل فني وتنحصر تحركاتي بين الفندق وموقع التصوير، لذا لم تتضح أمامي الصورة كاملة، وشخصياً، لم أواجه أي معاناة خلال سنوات حكمه.

ما صحة ما قيل إنك رفضت 20 مليون دولار من الرئيس الراحل معمر القذافي لتجسيد شخصية عمر المختار في مسلسل تلفزيوني؟

طلب إلي القذافي المشاركة في دور رئيس في فيلم سينمائي من تأليفه، لكن السيناريو تعطل في كتابته... أما دور عمر المختار فكان في مسلسل مكتوب باللهجة الليبية، وعُرض علي 20 مليون جنيه وليس 20 مليون دولار، فقلت لهم: {لو 100 مليون لا يمكنني المشاركة في مسلسل كامل بلهجتكم}.

رددت أكثر من مرة أنك غير راض عن 90 % من أعمالك السينمائية، لماذا؟

في مرحلة من حياتي، قبل عودتي إلى مصر، حاربني اليهود في أميركا وأوروبا والدول العربية، وكانت ثمة مقاطعة بيني وبين مصر فقبلت مكرهاً أدواراً لم أكن راضياً عنها كي أؤمن مصاريف عائلتي.

وماذا عن علاقتك بالمسرح؟

في سنة 1983 شاركت في مسرحية {الأمير والراقصة} على أكبر مسارح لندن، واستمر العرض سنة ونصف السنة، وكان لورانس أوليفيه افتتحها سنة 1953 ... رغم نجاحها فإن هذه التجربة نبهتني إلى صعوبة العمل في المسرح لذا لم أكررها، فالارتباط والالتزام بالظهور على المسرح كل ليلة منعاني من رؤية حفيدي عمر الذي ولد في كندا وبقي فيها حتى بلوغه ستة أشهر.

لماذا قلت إن أموال التمثيل حرام؟

لم أقل ذلك بل أحد الصحافيين كتب عنواناً عريضاً على لساني وهو كذب. في الحقيقة كان ضميري يؤنبني لأنني كنت أرى الناس يشقون  ويتقاضون أجوراً بسيطة، والممثل يتقاضى الملايين لمجرد أن يحفظ كلمتين ويقولهما أمام الكاميرا. هذا وضع غلط، لكنني لم أقل إن أموال التمثيل حرام.

هل ندمت على ضياع عمرك وحيداً في الغربة؟

لا أندم على شيء في حياتي، وكل ما حصل كان يجب أن يحصل.

هل ثمة حلم فشلت في تحقيقه؟

حلم واحد، أن أستقر مع عائلتي في بلدي التي أحبها مصر، إنما كان يستحيل الجمع بينه وبين تحقيق النجاح في مهنة صعبة مثل التمثيل خارج مصر.

المرأة في حياتك، هل كانت مصدر بهجة ومتعة أم عذاب ومعاناة؟

المرأة بالنسبة إلي كانت فاتن حمامة... السيدة الوحيدة التي تزوجتها وولدت لي طارق ابني الوحيد.

ما شكل العلاقة بينك وبين طارق؟

ربيت طارق، منذ  طفولته، على أنه صديقي وليس ابني... وهو اليوم الصديق الوحيد الذي بقي لي بعد رحيل أصدقاء العمر الواحد تلو الآخر.

هل فكرت في كتابة مذكراتك؟

لا أستطيع كتابتها رغم العروض المقدمة إلي بالملايين... لأنني لست البطل الوحيد فيها، بل ثمة أناس كثر لا يحق لي التكلم عنهم لأن ذلك قد يضايقهم.

كم تبلغ ثروة عمر الشريف بعد كل هذا المشوار؟

لو لم أسلّم أموالي وإدارة أعمالي إلى طارق ابني منذ سنوات، لما بقي معي ربع جنيه.

“عندك حنين ما بتعرف لمين}... كما تقول أغنية فيروز؟

عندي حنين فعلا بس عارف لمين... لمصر.

back to top