مع بدء العد التنازلي لجولة المفاوضات الجديدة التي ستنطلق بين إيران ومجموعة "5+1" في جنيف يوم الأربعاء بهدف الوصول إلى اتفاق مبدئي حول قضية البرنامج النووي الإيراني، بدت الولايات المتحدة رغم تفاؤل مسؤوليها بحصول انفراجة في الأزمة المستمرة منذ سنوات، أكثر حذراً من خلال تلويحها المستمر ببقاء الخيار العسكري في حال فشلت الدبلوماسية، التي لا تفوت إسرائيل فرصة إلا وتحذر من انتهاجها وكذلك امتعاضها من إصرار إدارة الرئيس باراك أوباما على التقارب من عدوها اللدود.

Ad

فبعيد إعلان مسؤول أميركي كبير إمكانية التوصل الى اتفاق مع ايران خلال المحادثات المقبلة في جنيف، جددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي أمس الأول التأكيد على أن هدف أميركا وإسرائيل واحد وهو منع إيران من امتلاك سلاح نووي، مشددة على أن الاختلاف بين الجانبين تكتيكي، في حين الحرب هي البديل عن الخيار الدبلوماسي في التعاطي مع هذه القضية.

وأعادت بساكي، خلال مؤتمر صحافي، التشديد على أن "الحوار المناقشات مستمران، ولا أتوقع من سيقتنع ومن لن يقتنع، لكن لدينا التزام بتقليص المخاوف ومعالجتها بأفضل طريقة ممكنة"، مؤكدة أن "كل الخيارات مازالت مطروحة على الطاولة في التعاطي مع القضية النووية، ومن بينها الخيار العسكري".

وقبل تصريح المتحدثة الأميركية، قال مسؤول أميركي، في تصريح للصحافيين طالباً منهم عدم ذكر اسمه: "سنعمل بكد خلال الأسبوع المقبل. لا أعرف اذا كنا سنتوصل الى اتفاق ام لا. لكنني اعتقد ان هذا الامر ممكن جدا. الا ان هناك ملفات معقدة لا تزال عالقة وهي بحاجة إلى حل".

وجدد المسؤول التأكيد على الدعوة التي وجهها الرئيس باراك أوباما الى الكونغرس لعدم فرض عقوبات جديدة في الوقت الراهن على إيران، مشددا على ان فرض عقوبات جديدة لن تدفع بإيران "الى الاستسلام" والتخلي عن برنامجها النووي بل على العكس من ذلك ستقودها الى مزيد من التصلب.

وبسبب هذا الموقف، تشهد العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة أزمة، دفعت البلدين الحليفين الاستراتيجيين لإبراز خلافاتهما حول إيران علناً. وفي إطار صراع القوة هذا الذي شهد ذروته الاسبوع الحالي، لم يتردد الطرفان في حشد تأييد كل من الرأي العام في الدولة الأخرى وتجاوز آراء القادة.

وهكذا حاول وزير الاقتصاد الاسرائيلي نفتالي بينيت الذي يزور واشنطن اقناع اعضاء الكونغرس بالتصدي لتخفيف العقوبات على ايران الذي تريده إدارة أوباما.

وقال بينيت زعيم حزب البيت اليهودي، القومي الديني المؤيد للاستيطان في الاراضي الفلسطينية، أمس الأول للإذاعة الإسرائيلية "لا أحدد ما يجب ان يقوم به الأميركيون إننا نزودهم بمعلومات، ويعود الامر اليهم لكي يقرروا. هذا ليس تأليبا وإنما حوار بين اصدقاء".

وفي الاتجاه المعاكس، كثف السفير الاميركي دان شابيرو تصريحاته الاعلامية وتحدث في بعض الاحيان بالعبرية للطمأنة حيال مشروع الاتفاق الذي سيتم بحثه في جنيف في 20 نوفمبر والذي لن يشمل بحسب قوله إلا رفعاً جزئياً للعقوبات ضد ايران.

وبينما قال السفير الاميركي "من المستحسن أن تبقى خلافاتنا في المجالس الخاصة، لكن في بعض الاحيان يتعذر هذا الأمر"، تتحدث وسائل الاعلام عن أزمة ثقة فعلية بين البلدين.

وكتبت صحيفة "هآرتس" اليسارية نقلا عن وزير قوله إن الحكومة الاسرائيلية لم تعد تعتبر وزير الخارجية الاميركي جون كيري "وسيطا نزيهاً" في ملف ايران وكذلك في ملف عملية السلام مع الفلسطينيين التي أصبحت على وشك الانهيار.

وندد وزير الدفاع المدني الاسرائيلي جلعاد اردان الخميس بانتقادات كيري لحملة الحكومة الاسرائيلية المكثفة المناهضة لاتفاق بين الدول الكبرى وإيران. وقال: "فوجئت لسماع جون كيري وهو يتساءل لماذا ينتقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الاتفاق الذي يجري بحثه في جنيف دون انتظار توقيعه".

وأضاف، في تصريحات نقلها مكتبه "حين يتعلق الامر ببلد يريد تدمير اسرائيل والظروف التي تتيح له تحقيق رغبته، ماذا يتوقعون من رئيس وزراء إسرائيلي؟ ألا يصرخ حين يستل السكين، وإنما فقط حين يصبح على رقبتنا؟".

(واشنطن، جنيف- أ ف ب، يو بي آي، رويترز)